موقع متخصص بالشؤون الصينية

لعبة الأرقام الاقتصادية: الصين تتجاوز الولايات المتحدة في عام 2016

0


صحيفة الشعب الصينية:
توقع صندوق النقد الدولي مؤخرا أن يتخطى الاقتصاد الصيني نظيره للولايات المتحدة بحلول عام 2016 .

وكانت الهيئات والمنظمات الأخرى في العالم مثل البنك الدولي وجامعة ييل الأمريكية والأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية قد توقعت في السابق تحقيق هذا التجاوز في عام 2030 وعام 2027 وعام 2020 على التوالي .

الجدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي أعلن في تقرير جديد للاقتصاد العالمي ، يعتمد على تعادل القوة الشرائية ، أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني سيبلغ 19 تريليون دولار أمريكي في عام 2016 ،بينما سيزداد الرقم للولايات المتحدة إلى 18.8 تريليون دولار .

من جهته ، قال أرفيند سابرامانيان في مقالته التي نشرت في ” صحيفة الشرق الأوسط ” السعودية في يوم 3 مايو الجاري ” إن الاقتصاد الصيني في عام 2010 ، والمعدل في ضوء القوة الشرائية ، قدر بنحو 14.8تريليون دولار ؛ متخطيا اقتصاد الولايات المتحدة .”

فهل في حقيقة الأمر ، باتت الصين أكبر اقتصاد عالميا في العام الماضي ، أو أنها ستصبح أقوى الاقتصادات العالمية بعد خمسة أعوام ؟ أم أن تلك التوقعات ليست سوى لعبة أرقام ؟ يبدو أن أهم شيء هنا ، ويهم جميع الدول في العالم ، هو ماذا سيحدث لو تجاوزت الصين الولايات المتحدة من حيث حجم الاقتصاد الإجمالي في المستقبل ؟

— تحذير ” سبوتنيك ” جديد ؟

يبدو أن شأن تجاوز الصين الولايات المتحدة الحتمي يشبه الى حد كبير تحذير ” سبوتنيك ” ( أول قمر صناعي في العالم يطلقه الاتحاد السوفياتي السابق ) في القرن الماضي بالنسبة إلى بعض الأمريكيين . ولكن أغلب الصينيين يثقون بأن الاقتصاد الصيني حتى في حال تجاوزه لاقتصاد الولايات المتحدة وأصبح الأول عالميا من حيث الحجم الإجمالي، فانه لن يغير فورا هوية بلادهم كدولة نامية غير متقدمة في العالم ، ولن يغير مكانة الولايات المتحدة كأقوى دولة على الأرض .

وأكد خبراء صينيون أن التجاوز لن يغير الهيكل العالمي الحالي ولا سيما هيكل الأمن العالمي في المستقبل القريب . الأمر الذي لا تستطيع أوترغب الصين ، بصفتها أكبر دولة نامية ، في تغييره وهي التي حققت تطورات سريعة في العقود الأخيرة .

— الصين لم تتجاوز اليابان فعليا .. فكيف ” تتجاوز ” الولايات المتحدة ؟

في حقيقة الأمر ، نجحت البلاد في تجاوز اليابان في العام الماضي من حيث الناتج المحلي الإجمالي باستخدام الدولار الأمريكي في تقدير قيمة الناتج المحلي الإجمالي ، ولكن ماذا قال معظم الخبراء الاقتصاديين في اليابان ؟

فقد أعربوا عن اعتقادهم ” بأن اليابان ، التي تجاوزتها الصين على صعيد الأرقام فقط ، ستبقى متقدمة بضع سنوات على صعيد ظروف ومستوى حياة الفرد والبنية التحتية وانتشار التعليم والمساعدات الاجتماعية ومعايير ملموسة أخرى . ” ويعترف أغلب الصينيين بهذه الوقائع والحقائق.

من ناحية أخرى ، وبالنسبة إلى الولايات المتحدة التي ظلت تتفوق على اليابان بكثير ، فقد أفاد كتاب أزرق تحت عنوان ” تقرير بشأن قوة المنافسة للدول في العالم ” أعدته الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إن الولايات المتحدة مازالت تتمتع بقوة متفوقة للغاية للمنافسات قياسا إلى الدول الأخرى في العالم ، ولاسيما في مجالات الروابط العالمية والموارد البشرية وغيرها من المجالات المحورية مثل التجارة العالمية والتكنولوجيا والمجال العسكري .

وفي العقود الماضية ، ظل الإنفاق العسكري الأمريكي يعادل مجمل قيمة النفقات العسكرية في الدول الأخرى على الأرض . وقد أصدر معهد السلام باستوكهولم في السويد مؤخرا تقريرا بالنفقات العسكرية العالمية ، قائلا إن الإنفاق العسكري الأمريكي مازال يتصدر العالم في عام 2010 ، وبلغ 698 مليار دولار أمريكي بزيادة 2.8 بالمائة على أساس سنوي .

وأوضحت الأرقام أن قيمة النفقات العسكرية في جميع الدول على الأرض قد شهدت زيادة بمقدار 20.6 مليار دولار أمريكي في العام الماضي ، ومنها شكل نصيب الولايات المتحدة 19.6 مليار دولار أمريكي .

علاوة على ذلك ، كشفت المنظمة العالمية للملكية الفكرية أن عدد طلبات براءات الاختراع في الولايات المتحدة في عام 2010 بلغ 44855 حالة ، متربعة في المركز الأول في العالم بأسره كما كانت عليه في السنوات الماضية ، غير أن الصين احتلت المركز الرابع فقط في العام الفائت ، على الرغم من أنها شهدت تطورات سريعة في العقد الماضي في هذا الصدد .

ونظرا لذلك ، فكيف يمكن للصين أن تقلب الهيكل العالمي الحالي بشكل أساسي حتى ولو توجت بلقب ” الأول ” المزعوم في العالم سواء في عام 2016 أو في عام 2010 ؟

— لعبة أرقام ليست جديدة ..

الجدير بالذكر أنه قبل بضعة أشهر ، منح ارفيند سوبرامانيان ، الخبير البارز بمعهد بيترسون للاقتصادات الدولية في واشنطن ، منح الصين بالفعل لقب أكبر اقتصاد على مستوى العالم من حيث تعادل القوى الشرائية ، في مذكرة نشرت يوم 13 يناير من العام الحالي قبل أسبوع من زيارة الرئيس الصيني هو جين تاو للولايات المتحدة .

كان الخبير يؤكد بأن حجم اقتصاد الصين في عام 2010 بلغ 14.8 تريليون دولار أمريكي بالمقارنة مع 14.6 تريليون دولار للولايات المتحدة عند حساب تكاليف المعيشة المختلفة في البلدين .

في حين كان صندوق النقد الدولي يقدر إجمالي الناتج المحلى في الولايات المتحدة ، من حيث تعادل القوى الشرائية ، بأنه يبلغ حوالي 14.6 تريليون دولار أمريكي في عام 2010 فيما كان الرقم في الصين يبلغ10.1 تريليون دولار .

وأضاف سوبرامانيان ” أن الصين لم تثر أية مخاوف بشأن بيانات صندوق النقد الدولي حيث أن المراجعة سوف تؤدى إلى المزيد من الضغوط على الصين لرفع قيمة عملتها مقابل الدولار . ”

وبالنسبة لهذه الألعاب الرقمية الاقتصادية ، قال ديفيد ليونهارت المراسل الاقتصادي لصحيفة نيويورك تايمز في مقالة تحت عنوان ” حول حجم اقتصاد الصين ” إنني ” حريص على القول إنه حسب معظم المؤشرات ، فإن الولايات المتحدة ما تزال أكبر اقتصاد في العالم بفارق كبير “.

وذكر رانجيت لال ، زميل برنامج بيتر مارتن لعام 2010 الذي أطلقته صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية والإحصائي البارز في مقالته أن فرضية سوبرامانيان (( ميكافيلية )) أو مليئة بأفكار نظرية المؤامرة ،ونظرا لأنه لا أحد يستطيع أن يثبت تخميناته ، فلا تستطيع سوى أن تثير استياء الصين قبل أسبوع من زيارة رئيسها هو جين تاو إلى الولايات المتحدة .

الجدير بالذكر أن الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي والاقتصادي الصيني-الأمريكي قد بدأت في واشنطن يوم 9 مايو ، بعد بضعة أسابيع من ظهور هذه الجولة الجديدة من تخمينات ” تفوق الصين على الولايات المتحدة” من حيث لعبة الأرقام .

— سلسلة من السياسات الخاطئة ..

قياسا إلى الاقتصادات الصاعدة في العالم ، انخفض نصيب اقتصاد الولايات المتحدة من إجمالي الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة ، وتعرضت لتباطؤ في النمو بسبب لجوئها إلى سلسلة من السياسات الإستراتيجية الخاطئة ، مثل سياسة العجز المالي العالي والإفراط في توسيع هيمنة الأصول المالية الاحتكارية ، إضافة إلى الإفراط في الاستهلاك واضمحلال الاقتصاد الوطني وسياسة التيسير الكمي وغيرها .

فعلى الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة شهد ارتفاعا ملحوظا بمعدل 21 بالمائة خلال الفترة بين عام 2000 وعام 2010 ، فقد انخفض نصيبها في الاقتصاد العالمي .

وعلى سبيل المثال ، كان الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يشكل 61 بالمائة قياسا إلى مجمل الناتج المحلي الإجمالي لل19 دولة الأخرى في مجموعة العشرين في عام 2000 ، غير أن نصيبها انخفض إلى 42 بالمائة في عام 2010 .

وكان نصيب اقتصاد الولايات المتحدة يشكل أكثر من النصف في مجمل الاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمي الثانية ، ثم انخفض تدريجيا حتى وصل إلى حوالي الربع حاليا .

وبالتزامن مع انخفاض نصيب الاقتصاد الأمريكي ، أصبحت الدولة تحرص على الاستخدام المفرط للقوة ، ويتحول هيكل اقتصادها إلى نمط طفيلي على جسم الاقتصاد العالمي قاطبة .

الجدير بالذكر أن قطاع التصنيع في الولايات المتحدة لا يساهم سوى بنحو 10 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي أو من إجمالي أرباح المؤسسات للبلاد ، علاوة على ذلك ، تحتل صناعة الخدمات ، خصوصا الخدمات المالية نصيب الأسد أو حوالي 80 بالمائة من الإجمالي . وتشكل أرباح الصناعة المالية وخدمات العقارات أكثر من 40 بالمائة من مجمل أرباح المؤسسات في البلاد .

من ناحية أخرى ، أوضح خبراء الاقتصاد الصينيون أن أسعار صرف الدولار الأمريكي قد شهدت انخفاضا ملحوظا مقابل العملات الرئيسية في العالم في السنوات الأخيرة ، مما أدى إلى تخفيف ضغط الديون الهائلة للدولة ، غير أن البلاد تتعرض لمخاطر فقدان الائتمان المالي للدولار في العالم ، وإذا تراجعت قيمة الدولار إلى ما دون الخط الأحمر بسبب تمسك الحكومة الأمريكية بالسياسات الخاطئة في المستقبل ،سيعاني اقتصادها كوارث تدهور حقيقي بلا شك .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.