لمسة ناعمة في الدبلوماسية الصينية
تتبع القيادة الصينية الجديدة بوضوح نمطا جديدا من الدبلوماسية يتسم بزيادة العناصر الناعمة وانتهاج أسلوب واقعي.
وكانت زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى استراليا والتي اختتمها لتوه مثالا جيدا على ذلك.
وخلال زيارة الدولة الهامة والمثمرة هذه، ارتقت العملاقتان في منطقة آسيا-الباسيفيك بعلاقاتهما إلى شراكة إستراتيجية شاملة واختتمتا محادثاتهما الثنائية المتعلقة بالتجارة الحرة والتي دامت تسع سنوات.
ولكن هذا لم يكن كل شيء .
فبخلاف جميع الاجتماعات والمحادثات الرسمية، رتب الرئيس الصيني زيارة خاصة لولاية تاسمانيا الواقعة جنوب غربي استراليا لزيارة مجموعة من طلبة المدارس الابتدائية الذين بعثوا إليه برسالة مكتوبة باللغة الصينية.
وفي خطابه أمام البرلمان الاسترالي في كانبيرا قبيل جولته في تاسمانيا، قال شي لنواب البرلمان إن هؤلاء الطلبة وصفوا في رسالتهم المنتجات الفريدة للولاية ومناظرها الطبيعية الخلابة ، مضيفا أن “عباراتهم ملأتني شغفا”.
وردّ شي وقرينته بنغ لي يوان في رسالة قائلين إنهما يتطلعان إلى زيارة المواقع السياحية الخلابة التي أشار إليها طلبة تاسمانيا ويأملان في تكوين المزيد من الصداقات مع الاستراليين.
وكتبا يقولان “نرحب بمجيئكم إلى الصين والدراسة فيها. من فضلكم أنقلوا خالص وأطيب تحياتنا إلى آبائكم ومعلميكم”.
وعند وصولهما إلى تاسمانيا، استقبل شي وبنغ استقبالا حارا من قبل حشد مهلل من الطلبة الذين قاموا بإهدائهما دمية على شكل دب، وكتابا، وعلبة من صلصة الطماطم المحلية.
وقام الرئيس الصيني مع الطلبة بغرس شجرة كرمز للصداقة الصينية -الاسترالية وشجعهم على دراسة لغة الصين وتاريخها وثقافتها.
وأضاف قائلا إن “أحد الأهداف الرئيسية لوجودي هنا هو زيارتكم. من فضلكم واصلوا الكتابة لي. إنني أود مشاركتكم أخباركم الطيبة”.
وفي تاسمانيا، زار الزعيم الصيني أيضا أسرة رئيس وزراء تاسمانيا الراحل جيم باكون، وهو صديق قديم له.
وتذكر شي زيارة باكون للصين في عام 2001 عندما كان شي حاكما لمقاطعة فوجيان التي تقع في جنوب الصين وتربطها علاقات تآخى مع تاسمانيا.
وذكر “لقد وجه لي باكون الدعوة لزيارة تاسمانيا آنذاك وقبلت الدعوة. وجئت إلى هنا اليوم للوفاء بالتزامي تجاهه”، مشيدا بباكون كصديق قديم للشعب الصيني وبما قدمه من اسهامات للعلاقات بين الصين وتاسمانيا وكذا استراليا.
كما أشاد الرئيس بالتزام أسرة باكون بتعزيز التبادلات الودية والتعاون مع الصين ووجه لها الدعوة لزيارة الصين.
وقالت هني أرملة باكون إن زوجها كانت لديه مشاعر عميقة تجاه الصين وفوجيان وكان يتمنى استقبال شي في مسقط رأسه. وأعربت عن شكرها للرئيس الصيني على اقتطاعه جزءا من وقته لمقابلتهم محققا بذلك أمنية غالية لباكون.
وذكرت هني، وهي عضو بجمعية الصداقة الاسترالية – الصينية، أن أسرة باكون ورثت الصداقة التقليدية مع الصين. وقال ابنها الأكبر مارك باكون، وهو مستشار أعمال، إنه سيشارك بشكل فعال في التعاون الاقتصادي والتجاري مع الصين.
وقدمت أسرة باكون لشي صور الزيارات التي قام بها باكون إلى الصين. وقامت هني بإهداء شي لوحة زيتية تصور المناظر الطبيعية الخلابة لتاسمانيا.
وتسلطت الأضواء على بنغ، التي ترافق شي بشكل متكرر زياراته الخارجية، لجهودها في تعزيز التبادلات الشعبية وإقامة أواصر علاقات ثقافية.
وفي ولاية نيو ساوث ويلز، زارت قرينة الرئيس، وهي مغنية سابقة للأغاني الشعبية، مدرسة فتيات محلية حيث استقبلت برقصة التنين التي قام بأدائها طلبة استراليون يرتدون الزي الصيني التقليدي.
وفي أحد فصول كونفوشيوس بالمدرسة، شجعت الطلبة على دراسة اللغة الصينية جيدا حتى يفهموا تاريخ الصين وثقافتها على نحو أفضل والمضى قدما بالصداقة الصينية – الاسترالية .
وهناك قول صيني مأثور يقول إن وجود علاقات سليمة بين بلدين يعتمد على مدى الألفة بين شعبيهما. ومن خلال إضافة لمسة ناعمة إلى دبلوماسيتها، تظهر القيادة الصينية الجديدة للعالم الأهمية التي توليها للعلاقات الخارجية وكذا التزامها الثابت بالتنمية السلمية.