زيارة الرئيس شي ومَفاعليها السياحية أُردنياً وعربياً
موقع الصين بعيون عربية ـ
مارينا مروان سوداح*
السياحة العربية – الصينية بالاتجاهين ماتزال أدنى من الطموحات المأمولة، برغم عِظم التبادلات التجارية وإتّساع مساحات العلاقات الاقتصادية مابين الصين والدول العربية.
زيارة فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جينبينغ الى بلدان عربية ثلاث مهمة للغاية، ويُنفّذها الرئيس في وقت مناسب ومواتٍ للطرفين الصيني والعربي سياسياً واقتصادياً ونفسياً. ويجب التنويه، بل يجب ومن الضروري والحتمي التأكيد أن تلعب الزيارة دوراً رئيسياً وجوهرياً في تطوير التدفق السياحي مابين البلدان العربية والصين عامة، وتجسير التواصل الشعبي والدبلوماسية الشعبية بين شعوب تلك البلدان، وبغير ذلك ستبقى زيارة الرئيس الى العالم العربي مقتصرة على الصياغات الرسمية والتبادلات الحكومية ضمن مصالح الأُطر الحكومية المُحدّدة بحدّة. فمن المهم بمكان حالياً إنقاذ التبادلات العربية – الصينية من وضعها التاريخي التقليدي المُقتصر على المكانة التجارية، وبغير ذلك ستبقى تلك العلاقات والروابط تدور حول نفسها، لكن ليس بالخبز وحده يَحيا الانسان..
اليوم، وخلال زيارة الرئيس العظيم والصديق الصدوق للعام العربي شي جينبينغ الى عدة دول عربية، من الضروري للاردن البدء بسرعة بحملة سياحية واسعة في الصين، لجذب الصينيين الى الاردن ومواقعه السياحية والدافئة، سيّما في الشتاء الراهن، حيث يُعتبر الاردن بلداً متميزاً بجغرافيته وتنوّع مناخاته واجتذابها للسياح الاجانب، بالإضافة الى انه يمتلك مخزوناً ثقافياً وتاريخياً ضخما ًويتمتع بمقومات سياحية على قدر كبير من الغِنى والتنوّع. وفي المناخات، فإن الاستمتاع بها يُمكّن السائح اختصار الوقت والتدثّر بجميعها خلال يوم واحد، وهو ما لا يوجد في أي مكان أخر بالعالم. فالمسافات بين المواقع المناخية المتنوعة والعديدة في الاردن قصيرة ولا يَستغرق الوصول إليها أكثر من ساعة وأربع ساعات..
قبل فترة قرأت عن ان مؤسسة صينية أطلقت حملة ترويجية واسعة لتشجيع السائحين الصينيين السفر إلى المقاصد السياحية الكينية في أواسط افريقيا، وترويج السياحة الشاطئية بينهم، سيّما على سواحل “كوست”.. برغم ان سواحل مدينة كوست الكينية قد “تضررت كثيراً”، وأغلق كثير من فنادقها أبوابه بوجه العمل، وسُرّح مئات العاملين فيها جراء تراجع أعداد السائحين القادمين إلى المدينة، وقد شارك في اجتذاب السياح الاجانب الى كينيا مؤسس كليمات هير لو هونج التابعة للأمم المتحدة!. وليس هذا فحسب بل ان مؤسسة “أفريقيا الحبيبة” شاركت في تنظيم الحملة وتعاون معها برنامج الأمم المتحدة للبيئةUNEP، و”تشينا ساوثيرن إيرلاينز” للطيران، وجمعية الصداقة الصينية الأفريقية، ومؤسسة كينيا الصين للسفر والسياحة.. وهنا نتساءل: ألا يستطيع الاردن الذي يتمتع باجواء خلابة وتاريخ طويل وحضارة عريقة وكوادر إعلامية ومهنية القيام بمثل هذا للنشاط السياحي، بل وبأفضل منه.. وما الذي يَمنعه للآن الشروع بذلك ؟
القسم العربي لإذاعة الصين الدولية، العريقة، يُسلّط الضوء عادة على المسألة السياحية بالدول العربية والسياحة الصينية العربية. يقول القسم العربي في أحد برامجه ان نصيب البلاد العربية من مُجمل السياحة العالمية ضئيل جداً، مع ان امكاناتها ضخمة وكنوزها عظيمة. وان زيادة هذه النسبة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل على زيادة نسبة السياحة البينية العربية الى السياحة البعيدة الوافدة من المناطق خارج الوطن العربي، وذلك لأسباب ومبررات عديدة من بينها، ان السياحة البعيدة سريعة التأثر بالأحداث والمتغيرات والشائعات التي تروّجها في معظم الأحوال وسائل الاعلام الأجنبية المُغرضة التي تضخّم من الحدث البسيط بقصد التأثير السلبي الشديد على حجم السياحة الاجنبية الوافدة، في حين أن المواطن والسائح العربي لا يتأثران بتلك الأحداث والشائعات بل على العكس من ذلك ما حدث ويحدث تماماً.
لكن السياح الصينيين الذين يُغادرون بلادهم الواقعة في شرق أسيا الى مجاهل افريقيا البعيدة، يستطيعون طبعاً الوصول بيُسرٍ الى الاردن والدول العربية حال توافر التعريف الحقيقي والمتواصل بالعالم العربي في الصين ولو عن طريق بث الاخبار الجاذبة عن الاقتصاد والمجتمع والشبيبة والثقافة والتاريخ والوقائع اليومية المُعاشة. لكن عملية الجذب السياحي العربي في الصين تكاد تكون معدومة، والمواطن الصيني لا يعرف الكثير عن السياحة العربية، إذ تشغل الأحداث العربية المؤلمة وأخبار القتل والارهاب غالبية نشرات الاخبار والتحليلات السياسية، وبالتالي تتكون لدى الصينيين خشية وخوف ورعب جراء حالة البلدان العربية فيحجمون عنها، ناهيك عن تصفية الوجود الصيني في دول عربية على مِثال ليبيا، حيث سبق وضُربت الاستثمارات النفطية الصينية هناك، ورحل الخبراء والعمالة الصينية من ليبيا قبل عدة سنوات، وخسرت الصين أكثر من عشرين مليار دولار لم يُعوّضها عنها أحد للآن، لا ليبيا ولا الدول التي قصفت تلك الاستثمارات التي صَبّت في صالح ليبيا وشعبها الشقيق.
تحتل الصناعة السياحية حالياً المرتبة الأولى في العالم، إذ تمثل نسبة8.5 بالمئة من الاقتصاد العالمي، كما أن نحو11 في المئة من سكان العالم يعملون في القطاع السياحي، الأمر الذى ينتقل به الى أحد أهم مُحرّكات النمو ومصدر أساسي لفرص العمل، وهي الصورة نفسها في الاردن. لذلك، من المنطقي ان نشرع في الاردن بتوظيف فاعل لزيارة الرئيس شي للمنطقة العربية بهدف جذب حقيقي السياح الصينيين، فالسوق الصيني ضخم وواعد سياحياً، ومن الطبيعي ان نوليه جُل إهتمامنا، والأمر الآخر هو ضرورة التأكيد على مَنح مزيد من التسهيلات للسياحة الصينية نحو الاردن، وتقديم المُحفّزات اللازمة للمستشمرين الصينيين، من خلال توفير الشروط الضرورية “المُولِّدة و المُرسِّخَةِ” للاستثمار الآمن، وقد غدا ضرورياً فتح خط دولي مباشر للرحلات الجوية من الصين إلى عمّان أو العقبة، استباقاً لتدشين مبادرة الرئيس شي المَوسومة “الحزام والطريق” التي تشابه في أهدافها وسيرورتها طريق الحرير القديم، وسوف تسلك مفاعيلها في نواحي الاردن ضمن تفعيلاتها في البلدان العربية لأسيا الغربية وافريقيا الشمالية فأُوروبا.
وشيئ أخر مُهم يُعاني منه الصينيون عموماً، هو أن الترجمات التي تجرى “لبعض” المنشورات والكتيبات الدعائية والاستثمارية العربية والاردنية تكون “عادة” كما نسمع من الصينيين أنفسهم، بلغة صينية ركيكة، وأحياناً غير مفهومة للقارئ الصيني. لذا، من المهم النظر لمسألة الترجمة بجدّية كاملة، والتعاون مع جهات صينية جديرة بهذا العمل المؤثّر على الصُعد كافة.
*مديرة في مؤسسة سياحية وعضوة في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.