الصين وتحديات طريق الحرير
صحيفة الأنباء الكويتية
بقلم: د.أنور الشريعان
19 مايو، 2016
تعاني معظم دول العالم من الركود الاقتصادي الذي ظهر تأثيره بوضوح على أغلبية اقتصاديات الدول في الربع الأخير من العام الماضي، ويختلف معظم الاقتصاديون حول أسباب هذا الركود الا ان الجميع يجمعون على ان احد الأسباب الرئيسية وراء تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي هو تراجع معدلات النمو الصيني، فقد بدأت الصين العام الماضي خطة خمسية واعدة تهدف بشكل اساسي إلى رفع مستوى دخل الفرد الصيني ودفع صادراتها نحو نمو أكبر فتبنت مشروع طريقي الحرير البحري والبري والذي يعرف بطريق وحزام الحرير، وحتى تحقق الصين هذا الهدف الاستراتيجي، بدأت في تبني ديبلوماسية جديدة مبنية على الشراكة مع الدول الواقعة على امتداد الطريق والحزام.
المشكلة الكبرى والعائق الأكبر الذي يواجه هذا المشروع يكمن في تأثير مثل هذا المشروع على تجارة الملاحة والهيمنة الغربية متمثلة في الولايات المتحدة الأميركية، لذلك تسعى الولايات المتحدة الأميركية وبتنسيق مع اليابان لوضع المعوقات امام الحلم الصيني، خصوصا بعد نجاح الصين في بناء علاقات ديبلوماسية وتجارية قوية مع دول آسيا كان أهمها انشاء البنك الآسيوي للإنماء، ويتضح ذلك جليا من خلال افتعال الأزمات بين الصين وبعض جاراتها خصوصا في الخلافات حول بحر الصين الجنوبي، وقد دخلت الفلبين في تصعيد غير مبرر ضد الصين معتمدة على الدعم الأميركي والياباني والسعي الحثيث لاستفزاز بكين ودفعها لاتخاذ موقف عسكري يبرر لواشنطن تواجدا عسكريا في المنطقة.
المثير للاستغراب أن الفلبين هي إحدى دول الآسيان وكذلك الصين، وبالتالي كلتا الدولتين مرتبطتان باتفاقات دول الآسيان التي من أهمها حل اي خلاف قد يطرأ بالحوارات الثنائية او على الاقل في إطار المنظمات الدولية، وهنا يظهر لنا جليا ان التصعيد الفلبيني لا يسعى لحل الخلاف بل للتصعيد والتأجيج وإثارة اضطرابات غير مبررة في المنطقة، فالصين كانت وما زالت تؤكد على سعيها والتزامها بحل النزاع إما من خلال تحكيم دولي محايد او من خلال المنظمات والمعاهدات الدولية التي تختص بمثل هذه الخلافات، بل ان الصين تفضل الحوار المباشر مع الفلبين وهي التي ترفض هذه الخيارات وتصر على حل النزاع من خلال جهة غير مختصة بهدف إعطاء دور اكبر ومهم في النزاع للولايات المتحدة، مما سيزيد من حالة التوتر في المنطقة والذي بدوره سيؤدي الى تأخير كبير في تحقيق الصين لحلمها في اعادة بناء طريق الحرير أو ربما أنهاه.
خلاصة القول ان توقف أو تأخر مثل هذا الحلم واستمرار تراجع معدلات النمو الصيني سوف يؤدي حتما الى تراجع الاقتصاد العالمي بشكل عام، وكنا نتمنى لو كان هناك تعاون عالمي حول تحقيق تنمية حقيقية في الاقتصادات الناشئة والنامية في آسيا وأفريقيا بدلا من الصراع من اجل استمرار النفوذ العالمي، وما قد يبعث الأمل في تحقيق هذا الحلم هو حكمة السياسة الصينية الخارجية المبنية على السلام والسعي للحوار لحل المشاكل والخلافات والاستثمار في الدول المجاورة لها.
*عضو ناشط في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب اصدقاء الصين في الكويت، ورئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت، ورئيس مجلس الإدارة السابق ورئيس تنفيذي سابق لصحيفة كويتية.