بحر الصين الجنوبي.. إستراتيجية قضم وهضم الصين
موقع الصين بعيون عربية ـ
الاكاديمي مروان سوداح*
يلينا نيدوغينا*:
لا يوجد شيئ إسمه “نزاعات بحرية” في بحر الصين الجنوبي، ولا وجود لهذا الملف في أية مياه إقليمية تتبع تاريخياً وقانونياً وسيادياً للصين القديمة ولجمهورية الصين الشعبية. و لا يمكن للصين قبول مسألة تدويل النقاش أو البحث في سيادتها المُطلقة على الأرض والجُزر الصينية وقضية إستقلالها الإقليمي ومصالحها الأمنية.
في الاستراتيجية الامريكية والغربية أسباب رئيسية للغثبرة الحالية المُصطنعة بشأن الجُزر:
1/ حرمان الصين من مواقع الغاز والنفط، ومُحَاصَرة خطوط الطاقة المُتّجهة للصين بَحراً، فإخضاع الاقتصاد الصيني للإدارة الخارجية؛
2/ تحويل بحر الصين ومياهه الإقليمية الى قواعد عسكرية أمريكية، فاستكمال بناء سِوار من القواعد المحيطة بالصين وروسيا ونصب صواريخ نووية إستراتيجية فيها، بهدف تقصير مدة وصولها للنقاط الاستراتيجية العسكرية والقيادية والأمنية والسكانية والصناعية في شرق أسيا، استباقاً للضربة الصاروخية الدفاعية الروسية والصينية للنقاط الامريكية والغربية المُمَاثِلة، في حالة اندلاع حرب عالمية ثالثة ماحقة.
في وسائل الإعلام اليابانية والغربية عموماً والتي تعكس وجهات نظر القيادات السياسية الاولى والقيادات المثيلة لها في عدد من دول شرقي آسيا، يتم راهناً وفي وقت واحد وبطريقة واحدة وبأُسلوب واحد، الترويج لفكرة ما يُسمّى بـ”النزاعات” على الأرض الصينية؛ وضرورة إجراء تحكيم دولي في ملفاتها، يَعقبها التمهيد لدخول أطراف دولية بالإضافة للولايات المتحدة الامريكية في قضايا التحكيم المتعدد الاطراف.
ويتم الآن طبخ اللعبة لإدانة الصين الشعبية، فالانتقال بعدها لترويج فكرة أخرى ستتولد عن التحكيم المزعوم، مفادها ان “الصين دولة استعمارية”.. و “لا تستهدف باستعمارها دول شرق آسيا المحاددة لها فقط، بل أيضاً كل دول القارة القديمة!
وفي هذا الاتّجاه الاستراتيجي، شرع الإعلام الغربي والأمريكي والحليف له بعملية واسعة لمساندة تلك الاستراتيجية، في محاولة حثيثة لإضفاء المشروعية على صيغة التدويل، بهدف إكسابها بُعداً عالمياً وفعلياً، يَسمح لاحقاً بالضغط على مختلف الدول وهيئة الامم المتحدة لإضافة بند جديد على جدول أعمالها، يُشرّع قضم وهضم الأراضي الصينية في البحر أولاً، ثم الانتقال بعدها مجدداً الى ترتيب إضّطرابات داخلية على شكل “ثورة ملونة” في هونغ كونغ وماكاو ومناطق غرب الصين، لتشريع فإبراز مسألة “عودتهما” لِمَا يُسمّى بـ”الاستقلال الكامل” “برغبة شعبية” مزعومة والانفصال عن الصين – الأُم.
لذا، وانطلاقاً من هذا الترتيب الخبيث، تحرّك قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى لتدعيم فكرة التدويل بالإعراب عن “معارضتهم!؟” لعملية بناء جزيرة و “عسكرة” “البؤر الاستيطانية” في بحر الصين الجنوبي”، داعين بذلك للنيل من السيادة الصينية ووصفها ضمناً بالاستعمار الإحلالي.. وفي مألات المُخطّط، جرّ العالم وعدد من دول آسيا لمواجهة سياسية وعسكرية واسعة مع الصين، وصولاً الى تحجيم مشروعها التاريخي المُتمثّل بطريق الحرير الجديد – مبادرة الحزام والطريق.
يُفترض في تفعيلات هذا المخطط الجهنمي التخلّص من الاتفاقيات التي سبق ووقّعتها الصين مع دول “آسيان” لاعتماد المنظمة كجهة مرجعية ووحيدة لبحث المسائل الخلافية التي تنص على ان يجري البحث فيها، أيّاً كانت، في إطار “البيت الآسيوي”، أو بشكل مباشر بين الاطراف المعنية فقط، وأداً للمواجهات المحتملة، وقطعاً للطُرق أمام أية رغبات خارجية للتدخل بشؤون الصين ودول آسيا المجاورة لها ومحاولات توتير الاوضاع في ذلك الجزء من العالم، الذي يَشهد تركيزاً في عمليات الاستثمار الدولي واستقطابات عالمية تجارية واسعة، سيّما بعدما غدت الصين الدولة الاولى في مختلف الانشطة الاقتصادية، وأمريكا الثانية، ولأن الصين كسبت ثقة العالم الاقتصادية بصداقتها وصدقها المالي والتعاوني وشعار الكسب المشترك والعلاقات الندّية.
تُدرك الصين جيداً أبعاد الحشد الدبلوماسي والإعلامي والعسكري الأمريكي عليها، والذي يُشكّل رأس الحربة نحو خاصرتها. لذا، جاء التحذير الصيني هذه المرة قوياً من جهة عسكرية صينية، وهو يحمل معنى التحدي، إذ حذّر الجيش الغرب لمحاولته “إثارة “ثورة ملونة” في الصين”، و “تزوير تاريخ “الحزب الشيوعي” الحاكم والجيش الصيني، وفرض “ثورة ملونة” اُخرى على الجنود الأكثر عرضة للتأثيرات الخارجية”.
ورداً على تدخلات الغرب، تواصل الصين تحديث قدرات جنودها الذين ولد معظمهم في عقدي الثمانينات والتسعينات، إذ يتعرضون بشكل متزايد لقيم وآراء متعددة ومختلفة ودخيلة، ولهذا يتم رفع قدراتهم الفكرية وحرفيتهم السياسية، ليميّزوا بين الغث والسمين.. وبين الخطأ والصواب، بخاصة تمييز الافكار المُسرّبة للصين من أمريكا والغرب التوسعي.
*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين.
*رئيسة الفرع الاردنى للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين.