الرئيس شي يختتم زيارته لأمريكا اللاتينية مع زيادة حجم دور الصين الإقليمي والدولي
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
غادر الرئيس الصيني شي جين بينغ عاصمة تشيلي سانتياجو صباح اليوم (الأربعاء) بعد اختتام زيارات دولة شملت الإكوادور وبيرو وتشيلي، علاوة على حضور اجتماع القادة الاقتصاديين لمنتدي التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا- الباسيفيك (الأبيك) ال24 في ليما عاصمة بيرو.
وتعد تلك هي المرة الثالثة والرابعة على التوالي التي يزور فيها الرئيس شي أمريكا اللاتينية ويحضر قمة الأبيك، وذلك منذ توليه مهام منصبه في عام 2013، وهو ما يراه المحللون دورا اكبر للصين في الشؤون الدولية والاقليمية.
شراكات استراتيجية شاملة
خلال جولته التي استمرت اسبوعا، عقد الرئيس شي جين بينغ محادثات مع نظيره الإكوادوري رفائيل كوريا ونظيرته التشيلية ميشيل باشيليت، وقرروا رفع العلاقات بين الصين والإكوادور وبين الصين وتشيلي إلى شراكة استراتيجية شاملة.
كما التقى الرئيس شي مع نظيره في بيرو الرئيس بدرو بابلو كوزينسكي، واتفق الجانبان على زيادة تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين التي تأسست عام 2013.
ورغم عدم وجود تعريف واضح “للشراكة الاستراتيجية الشاملة”، فإنها تعتبر دائما أعلى مستوى من المودة الدبلوماسية للصين مع الدول الأخرى.
ويقول تشانغ لي لي الأستاذ في جامعة الصين للشؤون الخارجية، ان الرغبة السياسية والحاجة للتعاون الاقتصادي هما دوما عمودان من بين أعمدة اخرى للشراكة.
وتعد الإكوادور دولة مهمة في أمريكا اللاتينية، حسبما قال الرئيس شي، خلال زيارته التي تعد الأولى لرئيس صيني منذ 36 عاما منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ومرددا حديث الرئيس شي، يعتقد الرئيس الإكوادوري رفائيل كوريا ان الصين باعتبارها ثاني اكبر اقتصاد فى العالم يتمتع بسرعة عالية للنمو، يمكن أن تلعب دورا مهما للغاية في تعزيز التنمية في الإكوادور، وبشكل خاص فى ضوء انخفاض أسعار النفط.
ومنذ أن جاء الرئيس كوريا للحكم في عام 2007، ركزت الإكوداور على تعميق العلاقات مع الصين، حيث كانت الجولة الأولى للرئيس الإكوادوري للخارج فى بكين في نفس العام الذي تولي فيه مقاليد السلطة.
وفي عام 2015، قام الرئيس كوريا بزيارته الثانية للصين، حيث اتفق مع الرئيس الصيني شي جين بينغ على رفع مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة.
كما نما التعاون الاقتصادي سريعا. ورغم المسافة الطويلة بين البلدين، أصبحت الصين ثالث أكبر شريك تجاري للإكوادور، بتجارة بينية بلغت 4.1 مليار دولار عام 2015، لتتضاعف أربع مرات خلال عشر سنوات.
وتعد الإكوادور الآن وجهة رئيسة للاستثمارات والتمويلات الصينية في امريكا اللاتينية، حيث تخطت الاستثمارات الصينية في الإكوداور حاجز الـ10 مليارات دولار، لتعزز المئات من المشروعات بما في ذلك مشروعات البنية التحتية الرئيسة مثل مشروع محطة كوكا كودو سينكلير لتوليد الطاقة الكهرومائية، وسبع محطات للطاقة الكهرومائية والعشرات من الطرق السريعة.
وفى يوم الخميس الماضى ذهب الرئيس كوريا بنفسه للمطار لاستقبال الرئيس شي كما ذهب يوم الجمعة الماضي لمطار كويتو لتوديع ضيفه الصيني.
وربما تختلف الأوضاع فى بيرو وتشيلي ولكن رغبتهما فى التعاون مشتركة.
وكان رئيس بيرو كوزينسكي قد زار الصين في سبتمبر من هذا العام، وذلك بعد ستة أسابيع فقط من تنصيبه وقبل شهرين فقط من زيارة الرئيس شي لبيرو.
وخلال زيارة الرئيس شي لتشيلي، قرر البلدان الدخول في مفاوضات لتحديث اتفاق التجارة الحرة بينهما في أقرب وقت ممكن.
ووقع البلدان اتفاقا للتجارة الحرة في عام 2005، وارتفع حجم التجارة الثنائية بين البلدين أربعة أضعاف منذ ان تم تطبيق الاتفاق في عام 2006 .وتعد الصين الآن أكبر شريك تجاري لتشيلي، وأكبر مقصد للتصدير وأكبر مشتر لمنتجاتها من النحاس.
وعبرت رئيسة تشيلى باشيليت أمس الثلاثاء عن نية بلادها الانضمام للبنك الآسيوي للاستثمار فى البنية التحتية الذي اقترحته الصين.
وقال وو هونغ ينغ، مدير مكتب أمريكا اللاتينية في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة “إن رفع مستوى العلاقات الثنائية يظهر الرغبة المتنامية فى التعاون الثنائي بين الصين وتلك الدول”.
مجتمع المصير المشترك للصين وأمريكا اللاتينية
وخلال خطابه أمام الكونجرس في بيرو الاثنين الماضي، حث شي الصين ودول أمريكا اللاتينية على تعزيز الحوار بينهما بشأن القضايا الدولية وتعزيز التعاون فى التنمية الداخلية، من اجل بناء افضل لمجتمع المصير المشترك فى نقطة بداية جديدة في التاريخ.
وأوضح شي أن الإحساس الطبيعي بإدراك كل طرف للآخر والإحساس المشترك بالمهمة، جعلنا ننظر لعلاقاتنا من منظور استراتيجي وطويل الأجل، مشيرا إلى أن الصين ودول أمريكا اللاتينية يمكن ان يفهم بعضهما البعض وأن يدعم كل طرف منهما الطرف الآخر بشأن مصالحهما الجوهرية وشواغلهما الرئيسة.
واقترح الرئيس شي أن ترفع الصين ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي عاليا لواء التنمية والتعاون السلمى وأن تسعى للتضافر بين استراتيجيات التنمية لديهما، مع تسريع وتيرة التعاون العملي والارتقاء به وجلب المنافع لشعوب الطرفين.
وأعلن الرئيس الصيني أيضا أن الصين ستزيد فى السنوات الثلاث المقبلة أعداد فرص التدريب في مختلف المجالات لدول أمريكا اللاتينية والكاريبي لتصل إلى 10 آلاف فرصة.
وحضر الرئيس الصيني الذي صاحبته نظيرته التشيلية أمس الثلاثاء قمة الرؤساء التنفيذيين لوسائل الإعلام في الصين ودول أمريكا اللاتينية في مدينة سانتياجو، حيث حث الرئيس وكالات الإعلام في الصين وأمريكا اللاتينية على أن توسع سويا تأثيرها وأن تقدم للعالم صورة أكثر واقعية عن الصين وأمريكا اللاتينية.
وقال وو “إنها المرة الثالثة التي يزور فيها الرئيس شي أمريكا اللاتينية منذ عام 2013، وهو ما يظهر حجم الاهتمام الذي يوليه للعلاقات بين الصين ودول أمريكا اللاتينية”.
وفي الفترة من 31 مايو وحتى 6 يونيو 2013 قام الرئيس شي بزيارات دولة لترينداد وتوباجو وكوستاريكا والمكسيك.
وفي يوليو 2014، قام الرئيس شي بزيارات دولة للبرازيل والأرجنتين وفنزويلا وكوبا، وتأسس منتدى بين الصين وأمريكا اللاتينية من أجل تسيير التعاون الشامل بين الصين والمنطقة.
وعقد الاجتماع الوزاري الأول لمنتدى الصين -وسيلاك (مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي) في بكين في يناير 2015، وهو ما يؤرخ لبدء عهد جديد يتسم بالتعاون الشامل بين الجانبين.
وقد وصل حجم التبادل التجاري بين الصين ودول أمريكا اللاتينية في عام 2015 إلى 236.5 مليار دولار، وهو ما يقدر ب20 ضعفا لما كان عليه في العقد الماضي، بحسب الإحصاءات الرسمية الصينية.
وفي عام 2016، تحركت العلاقات بين الصين ودول امريكا اللاتينية مع تأسيس منصات جديدة مثل انشاء عام التبادل الثقافي بين الصين وأمريكا اللاتينية ومنتدي التعاون بين الصين وأمريكا اللاتينية على مستوى الحكومات المحلية.
وحاليا تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري وثالث أكبر مصدر للإستثمار في أمريكا اللاتينية، بينما تعد أمريكا اللاتينية سابع أكبر شريك تجاري للصين ومقصدا خارجيا مهما للاستثمار.
الدفاع عن منطقة التجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك
خلال قمة المديرين التنفيذيين للأبيك في ليما، جدد الرئيس شي جين بينغ الدعوة للمضي قدما في بناء منطقة التجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك، قائلا انها مبادرة استراتيجية حاسمة للرخاء طويل الأجل لآسيا- الباسيفيك.
وقال شي لقادة الأعمال “اننا يجب أن نسعى بجدية لإقامة هذه المنطقة كآلية مؤسسية لضمان اقتصاد مفتوح في آسيا- الباسيفيك”، مركزا على أن الانفتاح شريان الحياة لاقتصاد آسيا- الباسيفيك.
وقد أطلقت عملية انشاء منطقة التجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك في اجتماع القادة الاقتصاديين للأبيك 2014 في بكين وذلك بتوقيع خارطة للطريق لتلك الخطة. ثم أجريت “دراسة استراتيجية جماعية “بعد ذلك وفق اتفاق أعضاء الأبيك، على ان ترسل نتائج تلك الدراسة للقادة الاقتصاديين للأبيك بنهاية 2016.
وبتأسيس منطقة التجارة الحرة، التى ستكون الأكبر في العالم، فإن بمقدورها أن تطلق من الحيوية الاقتصادية الأكبر من أى ترتيبات تجارية إقليمية أخرى وأن تضيف 2.4 تريليون دولار أمريكي كناتج للاقتصاد العالمي.
وقال راؤول سالازار مدير شؤون منتدى الأبيك في وزارة الخارجية في بيرو لوكالة أنباء ((شينخوا)) في العاصمة ليما “لدينا التزام بالمضي بأجندتنا الجوهرية. وربما القضية الاولى هى إقرار الدراسة الاستراتيجية الجماعية التي تطلبتها خارطة طريق بكين”.
وكانت العولمة الاقتصادية والاقتصاد المفتوح والترابطية داخل المنطقة والإصلاح والابتكار هى الكلمات الرئيسة فى خطاب الرئيس شي الذى كان مشجعا فى ظل الوضع الدولي الراهن.
وقالت صحيفة ((ال ميركوريو)) التشيلية الرائدة في افتتاحيتها أمس الثلاثاء إن الحمائية والانعزالية تشهدان ارتفاعا في أوروبا وأمريكا الشمالية، كما أن قيادة الصين تزداد قوة وتطرح أفكار الانفتاح التجاري والتعاون والتعددية.
وحيث ان مستقبل الشراكة عبر الباسيفيك تخفت أضواؤه مع مجيء الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، فإن الشراكة الاقتصادية الشاملة الاقليمية البديلة احتلت مكان الصدارة في قمة الأبيك في بيرو.
ولم تتمكن المفاوضات بين دول الشراكة الاقتصادية الشاملة الاقليمية التي تضم 16 دولة منهم 10 دول من رابطة الآسيان بالإضافة للصين واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا ونيوزيلندا والهند- من الوفاء بموعدها العام الماضي، فإن تلك المفاوضات قد عادت لدائرة الاهتمام مرة اخرى في قمة الأبيك الأخيرة مع غموض الوضع بالنسبة للشراكة عبر الباسيفيك.
ويعتقد المحللون ان الشراكة الاستراتيجية الشاملة الاقليمية ستكون الطريق الأساسي نحو التحقيق النهائي لمنطقة التجارة الحرة لمنطقة آسيا- الباسيفيك.
وقال الرئيس الصيني “علينا أن ننشط التجارة والاستثمار لدفع النمو وجعل ترتيبات التجارة الحرة أكثر انفتاحا وشمولية ودعم النظام التجاري متعدد الأطراف.”
وردد زعماء الأبيك مقترح شي وأعادوا التأكيد على التزامهم بضرورة بناء منطقة التجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك استنادا إلى الإنجازات الاقليمية الجارية وعبر الوسائل الممكنة بما في ذلك الشراكة عبر الباسيفيك والشراكة الاقتصادية الشاملة الاقليمية.
وأكد الإعلان الصادر عقب اجتماع القادة الاقتصاديين “إننا نعيد التأكيد على التزامنا بإقامة منطقة التجارة الحرة لآسيا-الباسيفيك فى النهاية كأداة رئيسة لزيادة تعميق أجندة التكامل الاقتصادي الاقليمى”.
وقال الباحث الصينى وو “ان الاستجابة الايجابية من أعضاء الأبيك لدعوة الصين لإقامة منطقة التجارة الحرة يظهر دور الصين الخاص في المنطقة، والذي سيساعد ايضا في زيادة دور المنطقة في التعافي الاقتصادي العالمي”.