معالجة الأزمة السورية تحتاج إلى موقف بنّاء
صحيفة الشعب اليومية ـ
بقلم تشونغ شنغ:
صوّت مجلس الأمن الدولي في 19 ديسمبر الجاري على تمرير القرار 2328 المتعلق بالأزمة الإنسانية في سوريا. ويهدف هذا القرار إلى تخفيف الأزمة الإنسانية السورية، كما مثل دعما قويا لجهود الإغاثة التي تقوم بها الأمم المتحدة في سوريا، وهو أول إجماع يتوصل له مجلس الأمن بعد أشهر من الخلاف حول الأزمة.
منذ إندلاع الحرب الأهلية في سوريا، خاض جيش النظام السوري وقواة المعارضة عمليات كرّ وفرّ في حلب. ورغم الإهتمام الكبير الذي أبداه المجتمع الدولي لإتجاهات معارك حلب، إلا أنه إنقسم في قراءة الوضع. حيث نفت روسيا ونظام الأسد وجود حصار وعمليات تفجير واسعة للمدنيين في حلب، ورأوا بأن تحرير حلب سيساعد على إستعادة الأمن والإستقرار في هذه المدينة.
أما الدول الغربية، فقد رأت بأن حلب قد تحولت إلى حجيم على الأرض، وتحدثت وسائل الإعلام الغربية عن أن العمليات العسكرية للجيش السوري قد خلّفت أزمة إنسانية في حلب. كما ظلت منظمات حقوق الإنسان تصدر التقارير عن عدد القتلى في حلب بشكل يومي.
لكن قبل فترة، قامت صحفية كندية بعرض وجه حقيقي غير معروف عن الحرب السورية في الأمم المتحدة: حيث كشفت عن إتفاقية لوقف النار أمضتها أمريكا والدول الغربية، في المقابل دعمت هذه الأطراف المنظمات الإرهابية لشن هجمات على المدن؛ وفي التغطيات الإعلامية، تصف وسائل الإعلام الغربية المنظمات الإرهابية المسيطرة على حلب بالمعارضة”المعتدلة”، وتعتبر مجازرها بحق المدنيين، على أنها مقاومة معتدلة. وفي الوقت الذي تتغاضى فيه عن قصف المنظمات الإرهابية للمستشفيات، وتكذب حول قصف الطيران الروسي للمستشفيات.
وقبل أيام، ألقت الشرطة المصرية القبض على “مخرج” كان بصدد تسجيل فيديو عن طفلة تلبس تنورة بيضاء ملطخة بالدماء، تقف أمام سور مهدّم في بورسعيد، لنشره على الإنترنت وتقديمه على أنه أزمة إنسانية في حلب. كما أن العديد من منظمات حقوق الإنسان التي تنقل التقارير عن الحرب الدائرة في سورية، ليست في ساحة الحرب، وإنما في بريطانيا، وتقوم بعملها على الإنترنت.
تطوي الأزمة السورية عامها السادس، ولا يزال الوضع الإنساني يثير القلق، وفي هذا الصدد، يوجد لدى أعضاء مجلس الأمن حد أدنى من التوافق على الأزمة الإنسانية في سوريا، ويمكن لمجلس الأمن أن يقوم بتحرك على أساس هذا التوافق. لكن بعض الدول ترغب في تسييس الأزمة الإنسانية، وإستعمالها كورقة ضغط، ولا ترغب في وضع إعتبار لمشاغل الدول الأخرى. وهذا هو السبب الذي يدفع إلى تأخير تنفيذ قرار مجلس الأمن في كل مرة. ولا شك أن مثل هذا الوضع لن يساعد على حل الأزمة الإنسانية في سوريا، كما يضر بسمعة مجلس الأمن أيضا.
خلال مناقشة قرار مجلس الأمن رقم 2328، تمسكت الصين بمبدأ المشاركة البناءة، وبادرت إلى إجراء وساطات بين مختلف أعضاء مجلس الأمن، ودعت جميع الأطراف إلى دفع التوافق داخل المجلس، ومواصلة العمل إلى آخر لحظة، وتفعيل أدوار بناءة في معالجة الأزمة السورية. حظي قرار مجلس الأمن رقم 2328 في النهاية بموافقة جميع الأطراف في مجلس الأمن الدولي، وهو ما سيساعد على تخفيف الوضع المضطرب في سوريا، ويحمي وحدة وسمعة مجلس الأمن، ويدفع إلى التمسك بتقاليد مجلس الأمن في حل القضايا الساخنة من خلال الحوار والمفاوضات، كما سيسهم في تخفيف حدة المواجهة بين الدول الكبرى في سوريا، والمساعدة على دفع الحل السياسي للأزمة السورية.
أعلن مبعوث الأمم المتحدة للأزمة السورية، ديميتسورا، بعد صدرو قرار مجلس الأمن رقم 2328، عن أمل الأمم المتحدة في عقد جولة جديدة من المحادثات بشأن الأزمة السورية في شباط/ فبراير من العام القادم. ما يفتح فرصا جديدة لتسوية الأزمة السورية بعد قرابة نصف سنة من توقف المحادثات. وعلى المجتمع الدولي أن يتمسك بهذه المؤشرات الإيجابية، ومراكمة الإجماع، وتمكين القضية السورية من تحقيق تقدم إيجابي، وتستعيد أمنها وإستقرارها في أسرع وقت ممكن.