الاقتصاد الصِّيني.. نُمو مُستمر (العدد47)
نشرة الصين بعيون عربية ـ
مروان سوداح:
يَثق أصدقاء الصين بأن هذه الدولة الأضخم بتطبيقاتها الإقتصادية وتفعِلاتها الاستثمارية والتجارية، والتي تشكّل ثُلث البشرية، ستواصل الارتقاء بمَسيرتها ومشاريعها التنموية في العام2017م، وما بعده، وبأن قرارها السياسي – الاقتصادي لن يتراجع في الداخل الصيني وعلى كل صعيد آخر.
والى جانب ذلك، أثق شخصياً بأن القيادة الصينية ستحافظ على دفق مبادرتها الكونية المَوسومة “الحزام والطريق”، والتي من شأنها تعبيد السُّبل العالمية أمامها، وتحويل العالم على هَدي مبادىء التعاون الاقتصادي السلمي، والنأي التدريجي باقتصادات الحرب عن مسرح السياسة العالمي.
ومن الضروري التحذير مِمَن يُسمّون أنفسهم بالخبراء في الشأن الاقتصادي الصيني.
فهؤلاء لم يتوقّفوا يوماً عن الإدّعاء بتراجع الاقتصاد الصيني، واقتراب ما يَصفُونه بـ”الكارثة الصينية”، واهمين بأن فبركاتهم السطحيّة المُسوّقة للرأي العام العالمي، وإدّعاءاتهم المُضحِكة هذه، يَمكن أن تطيح بالصين واقتصادها المُتعاظم، الذي سيصل بها لا مَحالة، الى حتمية تشكيلها حكومة الظل الاقتصادية العالمية، بالتعاون مع حُلفاء الصين، إذ لم يَعد بوسع الإمبرياليتين الدوليتين والمتداخلتين، العسكرية والاقتصادية، عرقلة تأسيس هذه الحكومة التي ستدير العالم مستقبلاً بعدالة في التوزيع بين مختلف الدول والشعوب الصغيرة والكبيرة.
وفي الأسباب الحقيقية المُفضية للتراجع النسبي في نمو الاقتصاد الصيني، أسرار يُخفيها “الخبراء بالشأن الصيني”، ومنها تراجع حيوية اقتصاد “العم سام”، وانخفاض الطلب السلعي الأمريكي، والحروب الإقليمية التي يَفتعلها المَجمع الصناعي العسكري الامريكي، وإفقار الشعوب وبضمنها قطاعات كبيرة من الامريكيين.
لذلك أرى بأن الطلب الخارجي على السلع الصينية، لن يَسترد الاستدامة والثبات قريباً، بل على مدار سنتين، بسبب الشكوك الحقيقية في مَديات حيوية الاقتصاد الامريكي، ولفشل واشنطن باستيلائها المجاني على نفط وغاز دول الخليج وسورية، ورفض الرئيس بشار الاسد استخدام أراضي الدولة لمد أنابيب الطاقة الخام الخليجية عَبرها لأوروبا الغربية، فأمريكا بحراً.
زد على ذلك، الانهيارات السياسية والاقتصادية لبلدان أوروبية، واستعدادات شعوبها للخروج من الاتحاد الاوروبي، على مِثال المملكة المتحدة.
ويَرى بعض الخبراء الاقتصاديين الصينيين، وطبقاً لإيضاحات وتقارير ودراسات صدرت مؤخراً، أن النمو الاقتصادي السنوي لبلادهم، “قد” يواصل “التباطؤ غير الخطر” في عام2017م، لكنه سيُحَافِظ على نسبة النمو السنوي ومقدارها 6.5 بالمئة “على أقل تقدير”، ويَثبت عليها على الأغلب، قبل معاودة انطلاقته وانتعاشه المأمول عام2018م “للوفاء بهدف مضاعفة الدخل الفردي وتأكيد ركائز الاقتصاد”.
لذلك، وفي إطار باروميتر العملية الاقتصادية الصينية، الطبيعية، لا نلمس تراجعاً اقتصادياً صينياً بمعنى الكارثة، إنما نرقب إنخفاضاً مُحتملاً وطفيفاً في الإنتاج والتسويق، الذي مردّه إلى عمليات العرض والطلب المُتذبذبة في السوق العالمي.
ولهذا بالذات شرعت الصين ومنذ سنوات، بالتركيز على التنمية الاقتصادية المحلية، وإنعاش الطلب في السوق الداخلي، كبديل مضمون في مواجهة تقلبات السوق الدولي، وللحفاظ على مستوى ثابت من التقدم الاقتصادي والاجتماعي، فتواصُلُ تحفيز الاستثمارات ونموها، ودوران رؤوس الأموال، التي تعتمد على أرباح العَولمة، التصنيع وعدد السكان الهائل في الصين.