تعليق: ثلاثة أهداف لزيارة الملك سلمان إلى الصين
صحيفة الشعب الصينية:
يجري الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز آل سعود زيارة دولة إلى الصين من 15 إلى 18 مارس الجاري. وتشير بعض التحاليل الدولية إلى أن الملك سلمان يسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف هامة من زيارته إلى الصين في ظل تزايد الفجوة في العلاقات بين السعودية وأمريكا وفي ظل غموض مستقبل العلاقات بين الدول الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط.
دفع التكامل بين “رؤية السعودية 2030” ومبادرة “الحزام والطريق”
قال المتحدث بإسم الخارجية الصينية لو كانغ، أن زيارة الملك سلمان تأتي تلبية للدعوة التي وجهها له الرئيس شي جين بينغ، وهي أيضا الزيارة الأولى لسلمان إلى الصين منذ تسلمه عرش الحكم في 2015.
سبق لسلمان أن زار الصين مرتين بصفته ولي العهد في 1999 و2014. وتأتي زيارة الملك السعودي إلى الصين هذه المرة في إطار جولة يقوم بها في آسيا. وتفيد التقارير بأن سلمان سيناقش مع الجانب الصيني سبل تحقيق التكامل بين “رؤية السعودية 2030” ومبادرة “الحزام والطريق”، وتعزيز التعاون الصيني السعودي على هذا الأساس في مجالات الطاقة، والمالية والتعاون في طاقة االإنتاج والبنية التحتية.
يذكر أن السعودية قد صادقت على مخطط “الرؤية السعودية 2030” في أبريل من العام الماضي، ومن بين الأهداف الرئيسية لهذه الخطة هو تعزيز العلاقات الإقتصادية بين السعودية وشرق آسيا؛ من جهة أخرى، تعد السعودية حلقة هامة على مسار مبادرة “الحزام والطريق”، وهي أيضا أكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا. وتعد الصين وجهة الصادرات الأولى ووجهة الواردات الثانية بالنسبة للسعودية، كما يمتلك الجانبان طاقة كبيرة للتكامل الإقتصادي. في مجال الطاقة، تزود منطقة الشرق الأوسط الصين بقرابة ثلثي إستهلاك النفطي، كما يكتسي التعاون بين البلدين على المستوى الطاقة النفطية وغير النفطية معاني إستراتيجية هامة. حيث شهدت الواردات الأمريكية من النفط السعودي تراجعا خلال السنوات الأخيرة، في حين شهد طلب السوق الصينية صعودا قويا. وفي عام 2016 أمضت الصين والسعودية 15 مذكرة تعاون، وتنظر السعودية إلى الصين على أنها سوق طاقية جديدة. ووفقا لتصريح رئيس مالديف السابق لوسائل الإعلام الأجنبية، من المتوقع أن يطرح الملك سلمان خلال زيارته إلى المالديف في نهاية الشهر الحالي مقترح شراء الجزيرة الواقعة على مسافة 120 كلم جنوب العاصمة المالديفية، لتأسيس قاعدة تضمن سلامة الإمدادات النفطية السعودية إلى الصين.
من جهة أخرى، سيكون مخطط IPO لشركة آرامكو السعودية، البالغ قيمته 2 تريليون دولار، واحد من المواضيع المهمة التي سيناقشها الملك سلمان خلال زيارته إلى الصين. وتقوم شركة آرامكو في الوقت الحالي بالتفاوض مع “جي بي مورغان” و “مورغان ستانلي” لإجراء أول إكتتاب عام لدخول سوق الأسهم. وسيبلغ حجم مخطط IPO قرابة 2 تريليون دولار، وهو أعلى حجم غير المسبوق. وإلى حد الآن يعد حجم الإكتتاب العام الذي أجرته شركة علي بابا الأعلى قيمة عالميا، بـ 21.8 مليار دولار. وقد أبدت عدة صناديق دولية وبنوك إستثمارية متعددة الجنسيات إهتماما كبيرا بمخطط IPO لشركة أرامكو، لكن هذه الأخيرة تطمح أيضا إلى جذب المستثمرين الصينيين، وهو ما يوفر فرصا هامة لمختلف البنوك الصينية. ويشرف على المشروع في الوقت الحالي ولي ولي عهد المملكة السعودية والمتحكم في السياسات الإقتصادية وشركات النفط الوطنية في السعودية، محمد بن سلمان. وسيرافق محمد الذي يبلغ من العمر 31 سنة الملك سلمان في زيارته إلى الصين.
الدور الصيني في معالجة الخلافات مع إيران
تشير بعض التقارير إلى أن العلاقات مع إيران ستكون إحدى المواضيع الرئيسية خلال زيارة الملك سلمان في الصين، حيث يمكن للصين أن تلعب دورا إيجابيا في تهدئة النزاع السعودي الإيراني. لأنها تربط كل من السعودية وإيران علاقات صداقة جيدة، كما يمثلان مصدرا هاما للواردات النفطية الصينية، كما تعدان دولتين مهمتين على مسار الحزام والطريق. ولاشك في أن إستمرار النزاعات بين البلدين وتأزم الوضع في منطقة الخليج الذي كاد أن يتحول إلى صدام عسكري مباشر، قد أضر بالمصالح المشتركة لمختلف الأطراف.
في هذا السياق، أشار الخبير الصيني في الشؤون الدولية، يانغ ميان، إلى الصين بإستطاعتها ولديها الإمكانات في أن تلعب دور الوسيط في النزاع السعودي الإيراني. وأضاف “إن الصين تمتلك الشروط الضرورية للقيام بوساطة بين السعودية وإيران، وفي ظل تزايد التأثير الصيني عالميا، باتت الصين تتمتع بسمعة جيدة في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يتيح لها إمكانية لعب دور الوسيط الموثوق.”
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الصيني وانغ إي، في 8 مارس الجاري، أن الصين تعد صديقا مشتركا للسعودية وإيران على حد السواء، وأضاف بأن الصين ترغب في لعب دور إيجابي بين البلدين إذا إستلزم الأمر. وأكد وانغ على أن الجانب الصيني يأمل في أن تعالج السعودية وإيران المشاكل العالقة بينهما عبر القنوات الودية والتفاوضية.
“الإتجاه شرقا” ورقة إستراتيجية جديدة
يطمح الملك سلمان من خلال زيارته إلى الصين إلى تعزيز إستراتيجية “الإتجاه شرقا”، وتوفير المزيد من الحلول الناجعة أمام التحديات الدبلوماسية المطروحة.
لدواع إستراتيجية، ظلت المملكة العربية السعودية طويلا تهتم بتطوير علاقات الصداقة مع الدول الغربية، وتعد أهم حليف للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد إسرائيل، ودعامة إستراتيجية لا غنى عنها بالنسبة لأمريكا في الشرق الأوسط. لكن العلاقات السعودية الأمريكية تعرضت لصدمة كبرى بعد أحداث 11 سبتمبر، لاحقا تزايدت الخلافات بين السعودية وأمريكا وغيرها من الدول الغربية بسبب الملف النووي الإيراني والأزمة السورية. وبعد صعود ترامب وتبنيه لشعار “أمريكا أولا”، وتراجع إهتمام أمريكا بالشرق الأوسط، تزايد القلق لدى بعض دول الشرق الأوسط وخاصة السعودية. في ظل هذا الوضع، طرحت السعودية مخطط “رؤية السعودية 2030″، وبات الإتجاه شرقا وتعزيز العلاقات الودية مع مختلف دول شرق آسيا ضرورة ملحة بالنسبة للملكة.
ويرى محللون سياسيون بأن زيارة سلمان إلى الصين تبعث برسالة إلى الولايات المتحدة، مفادها: إذا تغيرت الأوضاع السياسية في المنطقة، فإن “أمريكا لن تكون الخيار الوحيد بالنسبة للسعودية”.