تعليق: جولة العاهل السعودي في آسيا .. مهام وتطلعات
صحيفة الشعب الصينية ـ
بقلم/ليو تشونغ مين، أستاذ بمعهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شنغهاي الدولية:
بدأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في نهاية فبراير جولة آسيوية إلى ست دول تشمل ماليزيا وإندونيسيا وبروناي واليابان والصين والمالديف. ومن المنتظر أن تنهي زيارته الى الصين يوم 18 مارس الجاري. وتعتبر جولة العاهل السعودي الى آسيا ليست سهلة لما تحمله من مهام وتطلعات إذا ما أخذنا بعين الاعتبار وضع السياسات الداخلية والخارجية الراهنة للسعودية.
المملكة العربية السعودية لم تتأثر بالتغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط منذ اندلاع ما يسمى “الربيع العربي” في عام 2011 ، وتحتل قائد مجلس التعاون الخليجي والمكانة الريادية في جامعة الدول العربية والعالم العربي، وتحاول أن تلعب دورا رائدا في المرحلة الانتقالية التي تمر بها الدول العربية وفي القضايا الاقليمية الساخنة. ولكن في ظل تعديل الولايات المتحدة الامريكية استراتيجيتها في الشرق الاوسط، والتغيرات الجذرية التي يشهدها الوضع الاقليمي، وتأثير انخفاض اسعار النفط على الاقتصاد السعودي وغيرها من العوامل الخارجية المؤثرة الاخرى، واستمرار الخلاف الصامت بين السعودية والولايات المتحدة، وسلسلة من النكسات التي شهدتها الدبلوماسية الاقليمية، وضغوطات التحول الاقتصادي الهائلة، أصبحت البيئة الداخلية والخارجية للمملكة صعبة. وعليه ، يسعى العاهل السعودي من خلال جولته في آسيا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والدبلوماسي مع آسيا، لمساعدة التحول اقتصادي المحلي والتخلص من المأزق الدبلوماسي.
وباختصار ، تتضمن جولة العاهل السعودي في آسيا المهمات التالية:ـ
أولا :السعودية ترسل اشارة قوية للأمريكا بتحويل دبلوماسيتها نحو الشرق
في السنوات الاخيرة، تشعر المملكة العربية السعودية بالاستياء وعدم الرضا تجاه السياسة الامريكية في ايران والازمة السورية، وما زاد من الغضب السعودي إعلان ترامب خلال حملته الانتخابية بمطالبة السعودية دفع تكاليف أمنية اضافية لامريكا. وفي ظل المواجهة الصامتة لما آل إليه التحالف بين البلدين، أصبح تحول اتجاه الدبلوماسية السعودية أكثر زخما، ومما لا شك فيه، فإن الجولة الخارجية التي يقوم بها العاهل السعودي الى الصين واليابان والهند وأندونيسا، تشمل الدول الكبرى والناشئة في آسيا، رﺳﺎﻟﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺟﺪا وواﺿﺤﺔ لحكومة ترامب على التوجه السعودي نحو الشرق. بالطبع، هذا لا يعني أن التحالف السعودي الامريكي سيتزعزع، لأن السعودية لا يزال بالحاجة الى حماية الولايات المتحدة، وبالعكس، فإن الاخيرة بحاجة أيضا إلى مساعدة السعودية في الشؤون الاقليمية أيضا. واهتمام السعودية بالدول الكبرى الآسيوية يهدف الى زيادة ثقلها في الصفقة مع الولايات المتحدة.
ثانيا، المملكة السعودية تسعى الى إعادة تعزيز مكانتها في العالم الاسلامي
تتضمن جولة العاهل السعودي في آسيا كل من اندونيسيا، ماليزيا ، بروناي وجزر المالديف وهي دول ذات الاغلبية المسلمة، وتشارك في تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 34 دولة لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية، وعلاقاتها وثيقة (مثل إندونيسيا وماليزيا) في قضايا محاربة الارهاب منذ وقوع الحادث “9 • 11″. حاليا، المملكة العربية السعودية بحاجة إلى دعم غالبية الدول الاسلامية في كفاحها ضد ايران وتدخلها في اليمن ومكافحة تنظيم ” الدولة الاسلامية” وغيرها من القضايا الاخرى. وعليه، تسعى السعودية إلى تسليط الضوء على مكانتها في العالم الاسلامي من خلال الزيارة الى الدول الاسلامية في أسيا والمساعدات الاقتصادية والروابط الدينية.
ثالثا: السعودية تسعى الى تحول نمط نمو الاقتصاد من خلال التعاون الاقتصادي
اقترحت السعودية خطة ” رؤية 2030″ في عام 2016 ، في محاولة لتخلص من التبعية النفطية واثر انخفاض اسعار النفط على الاقتصاد المحلي، وتحقيق التنمية الاقتصادية المتنوعة. وتفيد التقارير أن ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز قدم خطة التحول الوطني، وتشمل الخطة 350 هدفا ، تنفيذها يتطلب الكثير من الاستثمارات. لذلك، يحتاج تنويع الاقتصاد السعودي الى استثمارات ضخمة في الخارج.
يرافق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في جولته الآسيوية وفدا كبيرا يتضمن رئيس شركة أرامكو السعودية، وقد وقعت الاخيرة في اندونيسيا واليابان عددا من اتفاق تعاون في مجال الاستثمار والعديد من المجالات الاخرى، كما أن التعاون بين البلدين في إطار ” رؤية 2030″ السعودية والمبادرة الصينية ” الحزام والطريق ” ستكون على رأس أولويات زيارته الى الصين.