الذكرَى الأربَعون.. لَكن عَائلتي تَحتفي بالخَمسين!
موقع الصين بعيون عربية ـ
مَارِينَا سُودَاح*:
نشأتُ في عائلة تَحترم الصين وتحبّها. فهذه العائلة تقدّس الصداقة والتّحالف مع جمهورية الصين الشعبية وقيادتها وشعبها، إذ حَمَلَ والدي، مروان، شعار الصين والهُموم العربية – الصينية في حَلّهِ وترحَاله، وزَيَّن منزِلنا بكل ما أغدقت الصّين به عليه من أشكال التكريم والشكر، بحيث تحوّل المنزل الى مَتحف صِيني، ولولا محدودية مساحته، لتحوّل البيت الى متحف شعبي، يَحكي قصة العلاقات الشعبية والإعلامية الاردنية – الصينية، ويَحتفي بالذكرى الخمسين (على الأقل) لإقامة العلاقات بين عائلتي والصين، قبل الإحتفال بالذكرى الأربعين للعلاقات الدبلوماسية الأردنية الصينية، ولتم فَتَحُ البيت – المتحف أبوابَه واسعةً أمام الزوّار الاردنيين والصينيين وأصدقاء الصّين، للاطلاع على معروضاته.
وبصدد العلاقات الاردنية – الصينية، أذكر أنه وبرغم صِغر سنّي وصِغر شقيقاتي، إلا أن عدداً من سفراء الصين لدى الاردن، كانوا يَدعوني سوياً مع أهلي الى منزلهم، للإحتفاء بصور رسمية بمختلف المناسبات وبصِورٍ لا تُنسى، أو لمجرد تناول عشاءات للإعراب عن شكرهم وتقديرهم ليس لوالدي مروان فحسب، بل وليقولوا لنا، للعائلة برمتها، “شكراً” لجهودكم الإعلامية والتحالفية التي تستمر منذ عشرات السنين، برغم أنكم لستم صينيين، إلا أن عملكم التحالفي لم يَسبق له مًثيل.
الذكرى الأربعون للعلاقات الدبلوماسية مابين الاردن والصين قصيرة بسنواتها بالنسبة لـ”عمر” علاقات والدي مع الصين، والتي كانت بدأت قبل تاريخ (7 أبريل/نيسان 1977م) بسنوات كثيرة، حيث ركّز والدي علاقاته مع وسائل الإعلام الصينية، وكان يتقدم بنجاح في هذه العلاقات، وينتقل من وسيلة إعلامية صينية الى أُخرى، وربط علاقات قوية معها، برغم أنه كان تلميذاً في الابتدائية والإعدادية ثم الثانوية – في المدرسة، إلا أنه تمكّن من البروز كصديق صدوق للصين والعلاقات العربية – الصينية، قبل أن يَعرف الاردن وغالبية الاردنيين الصين، ليس على المستوى الإعلامي فقط، بل والدبلوماسي والثقافي الخ.
لم يكن أنذاك من طُرق إتّصال مع الصين قبل افتتاح السفارة الصينية في الاردن سوى رسائل البريد الأرضي، لكن إصرار والدي على النجاح بعلاقاته، جَعله يَتفوّق في طبيعة الربط مع الصين، وغدا إسمه مَعروفاً في أوساط عديدة فيها، بل أنه كان يَقرأ الكتب الصينية بالعربية، التي يرسلها له القسم العربي لإذاعة الصين الدوليةCRI والمجلات الصينية الاخرى، فالقسم العربي للاذاعة كان الأنشط بين مختلف وسائل الإعلام الصينية، فقد كان القسم وقتها نشيطاً بإرسال الكتب والمطبوعات بالمجان لإصدقائه ومستمعيه ومنهم والدي، وكان عدد الأصدقاء المراسلين للصين في الدول العربية قليلاً أنذاك، بسبب أن غالبية الدول العربية كانت تحت نفوذ أجنبي، أو لأن مشاغل الحياة اليومية كانت تُبعد الناس عن المراسلة، كما الآن بالذات، وتُنسيهم الصين والصينيين والتاريخ المضيء معهم منذ فجر التاريخ.
كان والدي يَحتفي دوماً بذكرى العلاقات مع الصين في بيتنا، فلم يكن يأبه بالرسميات، إذ كان لديه وما يزال إحتفاءاته الخاصة، وذكرياته الحافلة مع الصين، ونحن وإيّاه نفخر بعلاقاته الصينية، لأنها إرث لنا أيضاً وتميّز لعائلتنا، ولأن لها معنىً خاص وعميق المُحتوى وذات شكل مُحبّب، وقد يَرغب بذلك كثيرون ليكونوا مثل والدي، لكن يبدو أن بذل جهد كبير في هذا المجال، المُكلف مالياً وفكراً ونشاطاً، ليس بالمرغوب إليهم، فهؤلاء يُدركون أن الصداقة حَالةٌ جَديّةٌ ومُكلفةٌ جداً، ليس في الحقل المالي فحسب، بل وفي مختلف الحقول الاخرى الكثيرة، حيث يَبذل الانسان نفسه أولاً، كما بذل والدي وما يزال يبذل جهده، من أجل الشعب والأَمة وقضايا الوطن، بالتحالف الجاد مع دولة صديقة وقوية كالصين، وحين لا يَطالبها بشيء، إنما فقط أحقّية التحالف والصداقة ومبادلة الصين له بمثلها كشخص أولاً، وثانياً كمؤسس ورئيس للإتحاد الدولي للصَحفيين والإعلاميين والكتّاب العَرب حُلفاء الصين، الذي كرّس مبادىء والدي التحالفية على صَعيد الصين شعبياً، وقيادتها وإعلامها، كما لم يَكن بمثله في التاريخ ومختلف البلدان، ويستمر بطريقه الطويل هذا بصبرٍ وهدوء متواصل، وصَمتٍ، برغم بعض العَداء الذي يَصدمه بعنفٍ، محاولاً وقفهُ وشل حَركته الفردية والاتحادية الجماعية، رغبة بإجهاضها.
* عضوة ناشطة في الفرع الاردني للإتحاد الدولي للصَحفيين والإعلاميين والكتّاب العَرب حُلفاء الصين، ومنتديات القسم العربي للإذاعة الصينية ولسان حالها مجلة “مرافئ الصداقة” في الاردن.