رؤية صينية: أمريكا تضع ثلاث حواجز أمام طريق مستقبل سوريا
صحيفة الشعب الصينية ـ
بقلم/تانغ جيان دوان، مدير مركز البحث بمعهد الدراسات الشرق الاوسطية بجامعة شانغهاي للغات الاجنبية:
بعد اقل من اسبوعين من أمر ترامب بتنفيذ هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية في سوريا ، نفذت امريكا غارة جوية بجنوب سوريا على من تصفهم بحلفاء الاخيرة يوم 18 مايو الجاري . ومما لا شك فيه فإن الغارة الاخيرة ستلقى بظلالها من جديد على التوصل الى حل سياسي للقضية السورية. ومنذ اندلاع الحرب في سوريا، يأمل العديد من المراقبين بأن يتم تحقيق الحل السياسي في اقرب وقت ممكن، لكن في بعض الأحيان لا نستطيع ان نحقق الأمل على ارض الواقع. وقد رأى البعض الاخر أن التسوية السياسة دخلت مرحلة واقعية بعد اقتراح روسيا خفض الصراع.
للأسف، هذا ليس صحيحا. والحقيقة هي تضاعف الجهود الامريكية لتنفيذ خطة تقسيم سوريا تزامنا مع مفاوضات أستانا وجنيف. وتأتي فكرة هذا البرنامج باسم مكافحة تنظيم ” الدولة الاسلامية”، واستخدام الاكراد المسلحين لإعادة الرقة بشرقي سوريا. وعلى هذا الاساس، تستقر القوات الأمريكية فيها على المدى الطويل باسم منع عودة تنظيم” الدولة الاسلامية”. واتخاذ الرقة كقاعدة عسكرية، وأمر المسلحين الاسلاميين المناهضين للحكومة المدربين من قبل امريكا على احتلال المناطق الشرقية الأخرى من سوريا، وتحقيق وضع المواجهة مع الحكومة السورية التي تسيطر على المناطق الساحلية الغربية.
وما حدث من هجوم هذه المرة هو نتاج الخطة. حيث قصفت القوات الأمريكية التنف بلدة سورية صغيرة تقع قرب الحدود مع الأردن، وطريق مؤدي الى العراق ايضا، وتتمركز هناك مئات من القوات الامريكية الخاصة. وتزعم امريكا أنها تتخذ التنف مكانا لانشاء قاعدة تدريب عناصر المعارضة السورية المسلحة لضرب عناصر تنظيم ” الدولة الاسلامية”، إلا أن سوريا تعتقد أن هذا انتهاك صارخ لسيادتها، ولا تعترف بقاعدة تدريب. ونية امريكا الحقيقية هي استخدام التنف هذه البلدة الصغيرة لدعوة المعارضة السورية المسلحة للاستلاء على اراضي الشمال، وتقاسم المناطق الشرقية السورية مع المسلحين الاكراد ـــ المناطق الشمالية الشرقية للأكراد، والمناطق الجنوبية الشرقية للمعارضة. وبالاضافة الى ذلك، بدأ عدد كبير من الجيش الامريكي يتواجد على الحدود السورية عن الجانب الاردني، بمشاركة القوات السعودية أيضا منذ بداية الشهر الماضي، ، بهدف توفير غطاء للمعارضة السورية التي تتجه نحو الشمال، وستضرب القوات الامريكية القوات السورية بمجرد اندلاع الهجوم بين المعارضة المسلحة والقوات الحكومية السورية. لذلك، تعتبر التنف ” قناة تقسيم” تحت حماية الامريكية.
من ناحية أخرى، حققت عملية مكافحة تنظيم ” الدولة الاسلامية” تقدما كبيرا في الموصل، وأعلنت المليشيات العراقية المدعومة من ايران مؤخرا أنها ستدخل سوريا للتعاون مع القوات الحكومية لضرب الإرهابيين بعد انتهاء عملية محاربة تنظيم ” الدولة الاسلامية” في العراق. ويسيطر على هذه المليشيات حوالي 12 ألف شيعي، وتملك قدرة محاربة قوية نسبيا. وأن دخول الاخيرة الى سوريا سيعزز بلا شك قوة الجيش الحكومي السوري. ونظرا لأن التنف قناة هامة لدخول سوريا، تعتبر ” قناة المساعدات” بالنسبة لسوريا ايضا. ولكن بمجرد سيطرت امريكا على التنف لا يمكن ان يتحقق التحالف السوري العراقي.
بات من الضروري أن تسيطر سوريا على التنف أوعلى الاقل عدم السماح لامريكا السيطرة عليها،وذلك من اجل تجنب تحولها الى ” قناة تقسيم”، والسعي في الوقت نفسه الى أن تصبح ” قناة المساعدات”. ولهذه الغاية، أطلقت القوات السورية عدة هجمات على المعارضة السورية قرب المنطقة، لكن لمواجهة القوات الامريكية على الحدود الاردنية، عملت سوريا على طلب المساعدة من قوات حزب الله اللبانيةــ وتنقل في الآونة الاخيرة، 3000 مقاتل من حزب الله الى التنف. وبالرغم من أن عدد المسلحين المعارضة يصل الى 8000 شخص، إلا أنهم أضعف من قوات حزب الله.
والجدير بالذكر أن وسائل الاعلام نشرت خبرا قبل حدوث القصف، مفاده أن ترامب قال لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “لن يكون هناك سلام في سوريا، وخفص الصراع يكون مستحيلا، ومن المستحيل تحقيق أعادة البناء الوطني مادام بشار الاسد على راس السلطة. ما يدل على أن امريكا تضع ثلاث حواجز أمام طريق مستقبل سوريا.
ومن خلال الهجمات العسكرية والبيانات الرئاسية، اثبت امريكا مرة اخرى للعالم، أن الحل السياسي للقضية السورية صعب، والمسؤولية الرئيسية على امريكا. وأن اساس التسوية السياسية مشاركة الجميع ع في المفاوضات بدون شروط مسبقة ، في حين تسلط أمريكا الضوء قبل المفاوضات على الرئيس الشرعي،وبالتالي يكتب على التسوية السلمية الفشل. ولا يعتبر هذا حلا سياسيا، ولكن الترتيبات السياسية بتوجيه من امريكا.