شهر رمضان والصين.. “باتشاي” التسامح على أرض السلام
موقع الصين بعيون عربية ـ
أ.م. أحمد نصار*:
لا شك أن رسالة الإسلام المتسامحة قد وصلت بمفاهيمها ومبادئها إلى أصقاع الأرض، وقد كانت الصين – منذ قديم الأزل – مكاناً لاحتواء الأديان الوسطية التي تدعو للسلام والمأخآة والتآلف بين الشعوب، ليس بسبب وجود ما يقارب 20 مليون مسلم يتركّزون في شمال غرب الصين فحسب، بل لوجود عدد كبير آخر من المسلمين المنتشرين في مدن الصين الأخرى من تجّار وعائلات مقيمة من مختلف بلاد العالم.
وصل الإسلام الى الصين عام 29 للهجرة تقريباً عبر الفتوحات الإسلامية، وكان قتيبة بن مسلم فاتح المناطق الغربية للبلاد، أول من وصل الى هذه المناطق، وانتشر بعدها الإسلام في ربوعها من خلال التجارة البحرية والبرية.
تشير الاحصائيات الى وجود أكثر من 43 ألف مسجد منتشرة في أغلب مدن الصين، حيث نجد مسجد “نيوجيه” في بكين، والذي يقدّر عمره بألف سنة مضت، وكذلك مسجد “دونغ سي” ذو الخمسمئة عام، وفي نفس الوقت نجد ان المطاعم الإسلامية تنتشر بشكل واسع في الصين، حيث يقدر عددها ب988 مطعم إسلامي تقدم صنوف اللحوم والمعكرونة المصنعة يدوياً وأنواع مختلفة من الخبز والحلوى والتمر والشاي.
أما عن “باتشاي”، فهو الاسم الذي يُطلق على شهر رمضان في الصين، ويُعد الصوم لدى مسلمي الصين فريضة أساسية يلزمون بها صغارهم منذ مراحل أعمارهم المبكرة، وتطغى أجواء رمضان لدى مسلمي الصين على هذا الشهر الفضيل كما الدول العربية والإسلامية، حيث ينشط المصلون لصلاة التراويح، وتنتشر موائد الرحمن واللقاءات الاجتماعية والزيارات، وتلقى الدروس الدينية التي تتحدث عن أخلاق الصائم، وتلاوة القرآن وتدبر تعاليمه.
ومما يشهد للصينيين من غير المسلمين، احترامهم وتقديرهم للمسلمين وعاداتهم خلال شهر رمضان، حيث يقومون بتقديم التهاني لهم في بداية شهر رمضان وقبل العيد، ويقدرون ظروف صيامهم والهدف الأخلاقي منها، ويحدثون أنفسهم بصبر المسلم الصائم على الجوع والعطش، بل ومشاركتهم موائد الإفطار أيضاُ.
كذلك، فإن المسلمين من غير الصينيين المقيمين في الصين يمارسون طقوس شهر الفضيلة والايمان في مختلف أماكن اقامتهم، فهم يؤدون صلواتهم في المساجد ويتجمعون للافطار في المطاعم أو على موائد الإفطار الجماعية، ويتوجهون لأداء صلاة التراويح في المساجد والمصليات المنتشرة في العديد من مدن الصين، ويشتركون مع غيرهم من أبناء الصين بالحديث والنصح حول تعاليم شهر رمضان السمحة وروح التآلف والإخاء التي تنتشر على أرض الصين في هذا الشهر الكريم.
…
*أ.م.أحمد نصّار: عضو ناشط ومتميز في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين في قطاع غزة – دولة فلسطين، وباحث ومستثمر ومتخصص بشؤون الصين مع فلسطين و”اسرائيل”، وصاحب أطروحة علمية في هذا المجال، ومُقيم في الصين حالياً.