مع انتهاء عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن… مصر بدبلوماسيتها الشاملة محل إشادة خبراء صينيين
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
في يوم الأحد الموافق 31 ديسمبر تحديدا، انتهت عضوية مصر غير الدائمة بمجلس الأمن التي امتدت على مدار عامي 2016 و2017، حيث تكللت بثمار عديدة وإنجازات بارزة في إطار نهج دبلوماسي تمثل بشكل رئيسي في حماية مصالح إخوانها العرب والأفارقة كممثل عنهم والحفاظ على السلام والاستقرار إقليميا وكذا تعزيز توطيد العلاقات مع الدول الكبرى من خلال نشاطها في مختلف المحافل الدولية الهامة.
ويوماً بعد يوم، تابع خبراء صينيون المسيرة الدبلوماسية المصرية وما حققته من حصاد وافر، حيث أشادوا في مقابلات أجرتها معهم وكالة أنباء ((شينخوا)) بجهود مصر في حفظ السلم والأمن الإقليميين والدوليين والتقدم الهائل الذي شهدته مصر على صعيد دبلوماسيتها الخارجية خلال هذين العامين.
–الحفاظ على السلام والاستقرار إقليميا
بدأت مصر عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن قبل عامين تماما أي في أول يناير 2016، وشاركت طوال هذين العامين في مساندة القضايا العربية والإفريقية لحماية مصالح دول الإقليم والحفاظ على السلم والاستقرار إقليميا وحتى دوليا.
وفي هذا الصدد، ذكر وو سي كه المبعوث الصيني الخاص السابق إلى الشرق الأوسط أن مصر ظلت تلعب دورها الإيجابي في القضايا الساخنة داخل إقليمها، وخاصة في قضايا فلسطين وسوريا والدول الإفريقية التي تعد من الأولويات خلال مناقشات مجلس الأمن.
“ولا شك أن أكبر مساهمة مصرية خلال العامين تمثلت في دفع المصالحة الفلسطينية قدما، حيث تم توقيع اتفاقية مصالحة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بالقاهرة في أكتوبر الماضي لتتكلل بذلك جهود الوساطة المصرية التي دامت لحوالي 10 أعوام بالنجاح”، هكذا قال وو سي كه عند إشادته بجهود مصر في هذه المصالحة الهامة التي يعتبرها خطوة في غاية الأهمية لدفع عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل.
وشاطره الرأي داي شياو تشي البروفيسور بمركز الدراسات العربية في جامعة بكين للدراسات الدولية، قائلا إن دور مصر في دفع المصالحة لا بديل له، كما يسهم في تخفيف حدة التوتر بين القوى مستقبلا ويجعل عملية السلام تسير في مسارها الصحيح.
كما أشاد خبراء بموقف مصر العادل بشأن وضع القدس ومكانتها بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث قال وو سي كه إن مصر بادرت على الفور بطرح مشروع قرار أمام مجلس الأمن الدولي ينص على أن “أي قرار أو عمل يهدف إلى تغيير الطابع أو الوضع أو التكوين الديموغرافي” للقدس “لا يتمتع بأي سلطة قانونية وهو باطل ولاغ ولابد من سحبه” وذلك ردا على قرار ترامب.
“ورغم استخدام الولايات المتحدة وحدها حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار، لكن نتيجة التصويت (14:1) أثبتت موقف المجتمع الدولي الداعم للقضية العادلة للشعب الفلسطيني وأظهرت العزلة الدولية لإدارة ترامب في هذه القضية”، هكذا قال وو، متابعا بقوله إن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت قرارا من شأنه ألا يجعل لقرار ترامب أي أثر قانوني بأغلبية ساحقة (128:9) فيما بعد، وقد شاركت مصر في طرح هذا القرار أيضا.
ولفت وو إلى أن مصر نجحت في هذه العملية في حماية مصالح فلسطين فضلا عن مصالح الدول العربية والإسلامية باعتبارها ممثلا عنها في مجلس الأمن ودولة ذات ثقل كبير في إقليم الشرق الأوسط، ومساهمة في منع تصعيد الصراعات والحفاظ على السلام والاستقرار فيه.
أما بالنسبة للقضية السورية، فأشار داي شياو تشي إلى أن مصر تتمسك بحل القضية بشكل سلمي واحترام حق الشعب السوري في تقرير مصيره وتقدم دعمها في مكافحة الإرهاب وإقامة مناطق “خفض التصعيد” في سوريا واتخذت مرارا قرارات عادلة وموضوعية تجاه أي مشروع قرار بشأن سوريا في مجلس الأمن.
وأكد داي أن المبادئ الخمسة المطروحة من قبل مصر والمتمثلة في احترام وحدة الأراضي السورية وإرادة الشعب السوري، وإيجاد حل سياسي للأزمة، ونزع سلاح الميليشيات والجماعات المتطرفة، وإعادة إعمار سوريا، وتفعيل مؤسسات الدولة، ترسي أساسا متينا وصلبا لحل الأزمة السورية بشكل سياسي وسلمي.
واتفق وو مع داي في الرأي بشأن الدور الهام الذي تلعبه مصر في حل القضية السورية، متوقعا أن تواصل دورها الإيجابي في ظل ما تشهده من استقرار سياسي وانتعاش تدريجي في اقتصادها القومي.
وأكد محللون أن مصر بصفتها دولة ذات أهمية بالغة في قارة إفريقيا أيضا ستشارك في شؤون إفريقيا بصورة أكبر مستقبلا، حيث قال داي شياو تشي إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أظهر إرادة قوية في توطيد العلاقات على كافة الأصعدة مع إفريقيا ولاسيما أن مصر تتفاعل بشكل وثيق مع التجمعات الإفريقية الثلاثة “الكوميسا” و”الساداك” و”شرق إفريقيا” كما ساهمت في دفع الحل السلمي لبعض القضايا الإفريقية مثل المساهمة في التوصل إلى توافق داخل المجلس حول القرار 2327 بشأن جنوب السودان وصياغة القرار 2389 بهدف تعزيز الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.
–علاقاتها مع الدول الكبرى: اتساع وتقدم
كما أشاد الخبراء خلال لقاءات مع ((شينخوا)) بالتقدم الهائل الذي حققته مصر خلال العامين المنصرمين في تطوير علاقاتها مع الدول الكبرى في العالم، حيث أكدوا أن هذه العلاقات شهدت قفزة جديدة خلال تلك الفترة، ما يدل على أن سياستها الخارجية ناضجة وشاملة.
وقال وو سي كه الذي سبق أن عمل سفيرا للصين لدى القاهرة “أجد خلال هذين العامين طفرة كبيرة في العلاقات الصينية المصرية مع تكرار التبادلات رفيعة المستوى بين البلدين، حيث قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة مصر في مطلع عام 2016، ووقع البلدان خلالها البرنامج التنفيذي لتعزيز علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة خلال الفترة من 2016 إلى 2021 ويجرى تطبيق هذا البرنامج بشكل سلس.
ووفقا لأرقام نشرت مؤخرا، زادت الاستثمارات الصينية في مصر بمقدار 106 ملايين دولار خلال النصف الأول من عام 2017، بزيادة نسبتها 75 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2016 لتحتل الصين بذلك المركز السادس بين كل الدول الأجنبية ذات الاستثمارات في مصر. كما شهدت المنتجات الزراعية المصرية المصدرة إلى الصين توسعا مطردا، إذ تم تصدير برتقال مصري إلى الصين بقيمة 80 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2017 بزيادة نسبتها 208 في المائة فضلا عن دخول العنب المصري إلي السوق الصينية.
إلى جانب ذلك، لفت وو سي كه إلى أن الصين وجهت دعوة متتالية لمصر للمشاركة في أحداث دبلوماسية هامة مثل قمة العشرين بهانغتشو وقمة بريكس بشيامن، ما يدل على الاهتمام المتبادل بتطوير العلاقات الودية بين البلدين.
“مصر لديها إرادة بالغة في تعزيز ثقلها الإقليمي والدولي عبر المشاركة في المناسبات الدولية الهامة وقد قدمت الصين منصة لها”، هكذا ذكر وو، مشيرا إلى أن هذه المنصة لا تمثل تقدما في العلاقات الصينية المصرية فحسب، بل تساعد في الارتقاء بمكانة مصر وأهميتها العالمية بعد سيرها على الدرب الصحيح من التنمية.
“وارتكازا على ما حققه البلدان من ثمار وافرة، تقف علاقات البلدين أمام آفاق مشرقة وخاصة أن الصين ستستضيف في عام 2018 منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدى التعاون الصيني الإفريقي، ومصر عنصر رئيسي فيهما”، هكذا قال داي، مضيفا أن مصر قد اُنتخبت لرئاسة مجموعة الـ77 والصين، “وهذه منصة هامة أخرى لتعاون البلدين في العام الجديد”.
واتفق الخبراء في أن تطور العلاقات المصرية الروسية في عام 2017 دليل آخر على نجاح دبلوماسية مصر مؤخرا، حيث تم توقيع اتفاقية بين البلدين لبناء محطة الطاقة النووية التي من المتوقع أن يشهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراسم إنشائها خلال زيارته لمصر عام 2018 وكذا بروتوكول للاستئناف المتوقع للرحلات الجوية المباشرة بين البلدين التي تم تعليقها منذ عامين.
وقال وانغ لين تسونغ، رئيس مكتب بحوث العلاقات الدولية في قسم شؤون غرب آسيا وشمال إفريقيا بأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية، إن تقدم العلاقات المصرية الروسية لا يعود فقط بالفائدة على البلدين في إطار تعاونهما في شتي المجالات مثل السياحة والبنية التحتية، بل سيسهم أيضا في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدما باعتبارهما من أهم القوى ذات التأثير البالغ في هذا الإقليم.
كما شهدت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة دفعة للأمام بعد تنصيب ترامب وقيام الرئيس السيسي في إبريل الماضي بزيارة واشنطن التي تعد أول زيارة لرئيس مصري منذ 8 أعوام، حيث أشار محللون إلى أن زيارة السيسي للولايات المتحدة أظهرت من ناحية إرادة كل من مصر والولايات المتحدة في تحسين العلاقات لتخرج من فترة عنق الزجاجة في عهد إدارة باراك أوباما وساهمت من ناحية أخرى في إجراء البلدين تعاونا أوسع نطاقا في مختلف المجالات، ولا سيما بانتهاج الرئيسين لسياسة صارمة بشأن الإرهاب المتطرف.
أما بالنسبة لعلاقاتها مع دول أوروبا، فقد “أجرى السيسي هذا العام عدة لقاءات مع زعماء الاتحاد الأوروبي ومن بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”، هكذا قال داي، لافتا إلى أن الجانبين (مصر والاتحاد الأوروبي) سيجريان تعاونا أكثر توسعا وعمقا في القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتي تتمثل بشكل رئيسي في الحد من الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب والتطرف وكذا القضية الليبية متوقعا اتساع التعاون الاقتصادي بينهما حيث أعربت العديد من الدول الأوروبية كفرنسا عن رغبتها في المشاركة في مشاريع قومية كبرى بمصر.