استدارة الأردن العربي نحو الصين!
موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*
في الأول من يناير 2018م الحالي، يكون الاردن قد دخل في السنة الـ 41 لإقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين(7أبريل/نيسان-1977)، والتي تميّزت في عقدها الرابع بالذات بتقدّم مُتسارع ملحوظ، وشمولها مجالات كثيرة واعدة، ومشاريع تحتية وطاقية، وتوقيع اتفاقيات لإنشاء مؤسسات ثقافية وترفيهية وتجارية وتعليمية وغيرها (ضمن “مول التنين” الصيني وغيره)، وتقديم الصين مساعدات مالية وعينية للاجئين السوريين على أراضي المملكة.
وبهذا يكون الاردن والصين قد أنجزا نقلة نوعية وحقيقية في علاقاتهما الاقتصادية والانسانية الاستراتيجية، التي تمهّد بصورة مباشرة وطبيعية لمرحلة أردنية صينية انتقالية، تتسم بنمو في التفاهمات السياسية والإستراتيجية الفاعلة على الارض كما أعتقد، آخذاً بعين الاعتبار تغيّر السياسة الامريكية جذرياً حِيال العرب دولاً وشعوباً وحقوقهم المشروعة وبضمنهم الاردن، وبالتالي دنو مرحلة من التبّدل والانتقالية في التحالفات الدولية والعربية في منطقة “الشرق الاوسط” نحو البحث عن حليف سياسي واقتصادي واستثماري مُجرب وموثوق – وهو الصين.
وفي هذا الوضع الخطر والمُعقّد والمفصلي، تَمثلُ مهمة ملحة أمام الاردن والصين وغالبية البلدان العربية، لتعبئة الفراغ في المنطقة العربية الهامة جيوسياسياً، وهو فراغ خلّفهُ التقهقر الامريكي فيها وفي المنطقة الاوسطية بأكملها. لذا، يَنتظر الاردنيون من الصين التقاط هذه الفرصة التاريخية التي لن تتكرر ثانية، لتخليق واقع أردني وعربي جديد لتشابكات وترابطات وإقامة قواعد قوية وعميقة لمديات طويلة جداً، تسمح للعرب والصين بالعمل سوياً على استقرارهما الناجز، وللتخلص من الارهاب الدولي لصالح عمليات التنمية الاقتصادية والثقافية والربط الحضاري ما بين الطرفين الصديقين، عودة الى تاريخ صيني عربي موثوق ومزدهر في ألفيات خلت.
وفي هذا السياق، وتأكيداً على ما ذهبنا إليه من تحليل وتوقّعات، يؤكد الباحث الصيني المعروف، ورئيس معهد دراسات الشؤون العربية بجامعة نينغشيا الصينية، ونائب رئيس الأكاديمية الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة سابقاً (لي شاو شيان)، في تقرير نشرته مؤخراً وكالة أنباء “شينخوا” الرسمية الصينية، “إن الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط في تزايد مستمر بالنسبة للصين، فهي منطقة محورية في ظل مسعى الصين إلى دفع “مبادرة الحزام والطريق” الى الامام. ويضيف الباحث، “الآن وفي هذه اللحظة الفارقة، تقف الصين أمام فرصة تاريخية لتعميق الترابط الإستراتيجي بينها وبين المنطقة على المدى الطويل”، وينوّه الباحث الصيني المخضرم أيضاً الى: “أن السنوات المقبلة ستشهد قوة أكبر في درجة الترابط بين الصين والشرق الأوسط، ومشيراً إلى أن مصالح الصين في الشرق الأوسط تتمثل في ثلاثة جوانب رئيسية، ألا وهي المصالح الإستراتيجية والاقتصادية والأمنية”.
وعلاوة على ذلك، لفت (لي شاو شيان)، إلى “أن المصالح الأمنية للصين ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشرق الأوسط ويزداد هذا الارتباط يوما بعد يوم، مفسرا أن معظم سكان منطقة الشرق الأوسط ينتمون للأمة العربية التي تعتنق غالبية شعوبها الدين الإسلامي وبالتالي يعد الشرق الأوسط قلب الإسلام، ذلك في الوقت الذي يتجاوز فيه عدد السكان المسلمين في الجزء الشمالي الغربي من الصين 20 مليون نسمة. ومن هنا يتضح أن الوضع الأمني والاستقرار في شمال غرب الصين يرتبط بشدة بالشرق الأوسط. وتوقع الخبير الصيني المخضرم أن يمر الوضع في الشرق الأوسط بوجه عام خلال المدة من السنوات الخمس إلى العشر المقبلة بثلاث فترات، أولها: فترة إعادة بناء النظام السياسي في المنطقة، أي فترة إعادة هيكلة النظام السياسي في الشرق الأوسط بعد الانهيار؛ وثانيها: فترة التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي. في سياق التغيرات الجذرية التي يعيشها العالم العربي، وهو تحول سيأتي عاجلا أم آجلا، وثالثها: فترة استعادة التوازن بين القوى الجيوسياسية، فبعدما أصاب الهيكل الجيوسياسي في الشرق الأوسط الخلل وصار غير متوازن إلى حد كبير، لا بد من عودته تدريجيا إلى الوضع المتوازن من أجل الخروج من حالة الفوضى الراهنة”.
لهذا وغيره من الاسباب، لم يقف الاردن ضد الصين سابقاً ولاحقاً، بل اتسمت سياسته في بدايات العلاقات مع الصين بالتوازن الدولي، ثم تطورت الى تعزيز في المصالح الثنائية السياسية والاقتصادية، وأعقب ذلك في زمن لاحق زيارات متكررة للملك عبدالله الثاني الى الصين وثّقت العلاقات ورفعت من سويتها، وامتدت الى مجالات الأعمال الرسمية على صعيد عالمي، وكذلك في المنحى الديني الاسلامي بتفرعاته المختلفة، وتعزيز علاقات الاردن مع المناطق الاسلامية الصينية التي زار الملك ووفود الاردن بعضاً منها، وليكون معها عمل اقتصادي الى جانب الاعمال الاخرى.
وهنا يتبّدى الاهتمام بسياسة الاردن التي لم تقف ضد الصين يوماً، والى جانبها كانت السياسة الرسمية الصينية صديقة للأردن وحليفة لمطالبه المشروعة، ذلك أن عمّان وبيجين كانتا دوماً في تصالح وصداقة ورغبة في تعظيم صِلاتهما المختلفة. ولهذا، ولتأكيد مواقفه الصينية من وحدانية الصين، ألغى الاردن علاقاته الرسمية سياسياً ودبلوماسياً ودولتياً مع جزيرة تايوان منذ عهد بعيد، بل منذ لحظة تأسيس علاقته الرسمية مع الصين، لأن ذلك كان شرطاً أساسياً لعلاقته مع بيجين، وشرطاً لعلاقة أي بلد آخر أيضاً مع الصين، واعترفت المملكة الاردنية الهاشمية بجمهورية الصين الشعبية ممثلاً شرعياً ووحيداً للامة الصينية برمتها، وأقرّت بأن تايوان هي جزء لا يتجزأ من البر الصيني الرئيسي ومنطقة من مناطقه، وسَعَت لصالح علاقات رسمية طبيعية واعتراف كامل وشامل بجمهورية الصين الشعبية. وفي هذه الأجواء، تحوّلت سفارة تايوان في عمّان الى مكتب تجاري لدى الاردن، لا حقوق لديها لممارسة أي فِعلٍ سياسي أو نشاط دبلوماسي، وبعيدة كل البعدِ عن كل العمليات التي تمثل تايون في غير التجارة والاستيراد والتصدير والعلاقات الانسانية غير المرتبطة بالسياسة والمجتمعين السياسيين والدبلوماسيين العربي والدولي.
ـ ولأجل التعريف أكثر بمجمل العلاقات الاردنية الصينية، وللتوثيق، أرفق هنا أجزاء من كلمة السفير الصيني لدى الاردن السيد (بأن وي فانغ)، التي ألقاها في مؤتمر صحفي أقامه بذكرى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وحول المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، والكلمة كاملة ومقدمة خصيصاً من السفارة الصينية لنشرة “موقع الصين بعيون عربية”:
ـ “إن العالم كلّه يتابع ويدرس في هذا مؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، حيث تم انتخاب القيادة الجديدة للحزب الشيوعي الصيني، وتم إعادة انتخاب الرفيق شي جينبينغ أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب. لا شك أن التقرير الذي قدّمه الأمين العام شي جينبينغ خلال المؤتمر هو أبرز ما يلفت النظر، إذ أنه طرح خططا وإجراءات جديدة ومهمة للغاية لتطوير الصين في المستقبل. وبهذه المناسبة، يطيب لي أن أقدّم لكم فكرة عامة حول هذا التقرير، وأتحدث عن وجهات نظري حول العلاقات الصينية الأردنية على هذه الخلفية.
خلال الفترة ما بين 18 و24 من شهر أكتوبر الماضي، تم انعقاد المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في بكين بنجاح. إنه مؤتمر بالغ الأهمية، يعقد في مرحلة حاسمة لإنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل وفي فترة مصيرية دخلت فيها الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد. وشعار المؤتمر هو: عدم نسيان الغاية الأصلية، ودوام التذكُّر للرسالة، ورفع الراية العظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية عالياً، وتحقيق انتصار حاسم في إنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، وإحراز انتصارات عظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، والكفاح بجهد دؤوب في سبيل تحقيق حلم الصين المتمثل في النهضة العظيمة للأمة الصينية.
وتبنّى المؤتمر قرارات بشأن التعديل لدستور الحزب الشيوعي الصيني، حيث تمّ إدراج أفكار شي جينبينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد إلى دستور الحزب كدليل إرشادي لعمل الحزب. وأوضحت أفكار شي جينبينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد أن المهمة العامة للتمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتطويرها هي تحقيق التحديثات الاشتراكية والنهضة العظيمة للأمة الصينية.
وبفضل الإرشاد من هذه الأفكار، ستُطلِق الصين مسيرة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل. يشير الأمين العام شي جينبينغ في التقرير أن الفترة من الآن حتى عام2020 هي فترة تحقيق انتصار حاسم لإنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، حيث يبلغ إجمالي حجم اقتصاد الصين 90 تريليون يوان صيني، ويبلغ نصيب الفرد منه 10 ألاف دولار أمريكي. وبباءً على أساس إنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، سننجز بناء بلادنا لتصبح دولةً اشتراكيةً حديثةً قويةً مزدهرةً ديمقراطيةً متحضرةً متناغمةً جميلةً على خطوتَين بحلول أواسط القرن الحالي. تستمرّ المرحلة الأولى من عام2020 حتى عام 2035، خلالها سنحقّق التحديثات الاشتراكية من حيث الأساس. فعندئذ، سيبلغ إجمالي حجم اقتصاد الصين إلى 44 تريليون دولار أمريكي، ويبلغ نصيب الفرد منه 30 ألف دولار أمريكي على الأقلّ، أي على مستوى الدول متوسّطة التقدّم. أما المرحلة الثانية، فتستمرّ من عام2035 حتى أواسط القرن الجاري. وخلالها سيُنجَز تحديث نظام حكم الدولة والقدرة على حكمها، وتصبح بلادنا من الدول الرائدة من حيث القوة الوطنية الشاملة والتأثير الدولي، ويتحقّق بشكل أساسي الرخاء المشترك لأبناء الشعب جميعا، ويتمتع شعبنا بحياة أكثر سعادة وصحة وسلامة. وفي العام المقبل، ستحتفل الصين احتفالا كبيرا بذكرى السنوية الأربعين لتطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح. إن الصين ستواصل الانفتاح على نطاق أوسع وبإجراءات أكثر وقوة أعظم. ويؤكد الأمين العام شي جينبينغ أن “الانفتاح يجلب التقدم، والانغلاق يؤدي حتما إلى التخلف”، و”لن تغلق الصين أبواب انفتاحها على العالم الخارجي، بل ستوسّع نطاق انفتاحها أكثر فأكثر”، و”ستواصل الصين تمسّكها بسياسة الدولة الأساسية للانفتاح على العالم الخارجي، وتثابر على فتح أبوابها لإتقان البناء”، و”تطوير الاقتصاد المنفتح على مستوى أعلى”.
إن مسيرة العصرنة في الصين تضخّ وستواصل ضخّ قوة جبّار لتنمية اقتصاد العالم. وخلال العقد المنصرم، يساهم الاقتصاد الصيني بأكثر من 30 بالمائة سنويا في نمو الاقتصاد العالمي، وفي السنوات الخمس المقبلة، ستستورد الصين 8 تريليون دولار أمريكي من المنتجات الأجنبية، وسيبلغ أجمالي استثمارها في الخارج 750 مليار دولار أمريكي، وسيبلغ عدد السيّاح الصينيين إلى الخارج 700 مليون نسمة، كما ستعمل الصين على زيادة مساعداتها إلى الدول النامية الأخرى وخاصة الدول الأقل نموًا، مما يوفّر لكافة دول العالم أسواق أوسع ورؤوس أموال أوفر وفرص أثمن للتعاون.
ومن خلال المسيرة المذكورة أعلاه، ستتمّ ترجمة مبادرة “الحزام والطريق” من خطة جليلة إلى خريطة طريق أوضح، وتتلقّى دعما أوسع النطاق من دول العالم، وتحرز إنجازات مرموقة تلفت نظر العالم بأسره. يؤكد الأمين العام شي جينبينغ في التقرير أن الصين ستعزّز بنشاط التعاون الدولي في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، وتعمل على تحقيق “تناسق السياسات وترابط المنشآت وسلاسة القنوات التجارية وتداول الأموال وتفاهم الشعوب”، لإنشاء منصة جديدة للتعاون الدولي، مما يضفي قوة محركة جديدة على التنمية المشتركة. وخلال المؤتمر، تم إدراج “بناء الحزام والطريق بموجب مبادئ التشاور والتشارك والتنافع” في دستور الحزب الشيوعي الصيني. ويرى بعض القادة والخبراء في الدول العربية أن نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ناجح للغاية، ولا يصلح للشعب الصيني فقط، بل يترك تأثيراً إيجابياً على العالم بأسره، مؤكّدين أن مبادرة “الحزام والطريق” التي طرحتها الصين أصبحت نموذجا جديدا فعالا للتعاون الدولي، مشيرين إلى أن المبادرة تحول العولمة الجزئية إلى العولمة الشاملة وتجمع بين العولمة والأقلمة لمساعدة المزيد من البلدان على التنمية والاستقرار والتقدم وتخلق نموذجاً جديداً للتعاون الإقليمي والدولي في القرن الـ21.
إن العالم الذي نعيش فيه مفعم بالآمال ومليء بالتحديات أيضا. لذلك، يشير التقرير إلى أن الصين ستواصل أداء دورها كدولة كبيرة مسؤولة وتشارك بحماسة في عملية إصلاح وبناء نظام الحوكمة العالمية، وتقدّم حكمتها وقوتها باستمرار. وسوف ترفع الصين راية “السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك” عاليا وتلتزم بأهداف السياسة الدبلوماسية المتمثّلة في حماية السلام
العالمي ودعم التنمية المشتركة، وتُطوّر الصداقة والتعاون مع سائر دول العالم على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي بثبات لا يتزعزع، وتدفع عملية بناء علاقات دولية حديثة النمط قائمة على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون والفوز المشترك، وتدفع عملية بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. وتظلّ الصين تدعو دائما إلى حل النزاعات عبر الحوار وإزالة الخلافات عبر التشاور، والتخطيط الشامل لمواجهة التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية ومعارضة الإرهاب بكافة أشكاله. وتدعو كذلك إلى احترام تنوع حضارات العالم، وتجاوز الحاجز الحضاري بالتبادل الحضاري، وتجاوز التصادم الحضاري بالاستفادة المتبادلة حضاريا وتجاوز التفوق الحضاري بالتعايش الحضاري.
يُعدّ تطوير العلاقات مع سائر الدول النامية ركيزةً أساسيةً للدبلوماسية الصينية، باعتبارها أصدقاء صادقين يدعمون الصين في السير على طريق التنمية السلمية. إن الصين ستعمل على إطلاق الإمكانات الكامنة في التعاون المتبادل المنفعة مع سائر الدول النامية، بما يحقّق تكامل المزايا والتنمية المشتركة على مستوى أعلى. كما ستعمل الصين على زيادة مساعداتها إلى الدول النامية الأخرى وخاصة الدول الأقل نموا، بما يساعدها بشكل عملي في تحقيق الاعتماد على الذات والتنمية المستدامة. وتتعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وسائر الدول النامية الغفيرة يوما بعد يوم. وفي الفترة ما بين عام 2014 وعام 2016، بلغ إجمالي حجم الاستيراد والتصدير بين الصين ودول الواقعة على خط “الحزام والطريق” 3.1 تريليون دولار أمريكي، بما يزيد عن رُبع حجم التجارة الخارجية للصين في نفس الفترة. ويبلغ إجمالي حجم الاستثمارات الصينية في الدول الواقعة على خط “الحزام والطريق” 50 مليار دولار أمريكي، بما يشكّل عُشرا من إجمالي حجم الاستثمارات الصينية بالخارج في نفس الفترة. إضافة إلى ذلك، ستعمل الصين بثبات على حماية المصالح المشتركة للدول النامية، وتعزيز تنسيقها مع الدول النامية في الشؤون الدولية والإقليمية، ودفع تطوير نظام الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر عدلًا وإنصافًا. ويصادف هذا العام الذكرى السنوية الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والأردن، فبالنسبة لنا، من المهم والضروري إدراك وفهم جوهر التقرير بجدّية، وارتباطه مع واقع العلاقات الصينية الأردنية بشكل عميق، وذلك من أجل تحديد اتجاه مستقبل العلاقات الثنائية بصورة أفضل.
تظلّ الصين تولي اهتماما بالغا لتطوير علاقاتها مع الأردن، وتحرز العلاقات الثنائية بين البلدين إنجازات جديدة باستمرار. وفي هذا العام، تمّ تبادل برقيات التهنئة بين قيادتي البلدين ووزيري الخارجية من كلا البلدين لإحياء الذكرى السنوية الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية، وقام نائب رئيس مجلس الدولة الصينى السيدة ليو يان دونغ، ونائب رئيس المجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى السيد تشيانغ با بونتسوغ، ووزير الخارجية الصيني السيد وانغ يى بزيارة للأردن، كما قام معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني السيد أيمن الصفدي ووزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني السيد عماد فاخوري بزيارة إلى الصين. وأقام كلا الجانبين حفل استقبال للاحتفال بإقامة العلاقات الدبلوماسية. علاوة على ذلك، قامت سفارتنا بعقد ندوتين حول العلاقات الصينية الأردنية ومؤتمر صحافي بهذا الخصوص، وكذلك إنجاز إصدار كتاب ((نحن وأنتم… قصص الصين والأردن)) بنسختيه الصينية والعربية، وإصدار المغلف البريدي التذكاري لإحياء الذكرى، إضافة إلى دعوة عدد كبير من المسؤولين الحكوميين والشباب والمفكرين والإعلاميين ورجال الدين من أصدقائنا الأردنيين لزيارة الصين، وكذلك أقامت سفارتنا أسبوع الثقافة الصيني وأسبوع الأفلام الصيني وغيرها من الأنشطة المتنوّعة. وقد بدأت أعمال البناء والإنشاء لأكبر مشروع تعاون بين البلدين في المجال الاستثماري والتمويلي، أي مشروع عطارات لتوليد الكهرباء بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي. إن الصين هي المستثمر والمموّل والمنشئ لهذا المشروع، ويبلغ مقدار التمويل الصيني فيه مليار وستمائة مليون دولار أمريكي، وسيوفّر هذا المشروع 5500 فرصة للعمل في المجتمع الأردني. وفي الشهر الماضي، اختتمت اجتماعات الدورة السابعة للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين الصين والأردن، وتمخّض عن هذه الاجتماعات التوقيع على سلسلة من وثائق التعاون بين الجانبين، لاستفادة الجانب الأردني من المنح الصينية لتمويل مشاريع تنموية في الأردن مثل مشروع طريق السلط العارضة، والمرحلة الثالثة من نظام المراقبة المركزية للأمن العام CCTV، وتوفير جهاز فحص بالأشعة السينية (X-ray) وأجهزة تفتيش (CT Inspection) لدائرة الجمارك الاردنية، وتزويد معدات ومواد لمشروع المياه والري. وفي مستقبل قريب، سيفتتح “مول التنين الصيني” في عمان الذي تتطلعون إليه منذ زمن.
كما تعرفون، ليس هناك إلا صين واحدة، وإن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد للصين في العالم. يمثل حلّ مسألة تايوان وتحقيق إعادة التوحيد التام للوطن الأم مكمنًا للمصالح الجوهرية للأمة الصينية. ولن نتزعزع أبدا في مواصلة التمسك بمبدأ “التوحيد السلمي، دولة واحدة ونظامان”، ودعم التنمية السلمية للعلاقات بين جانبي مضيق تايوان ودفع عملية التوحيد السلمي للوطن الأم إلى الأمام. إننا مصمّمون على حماية سيادة الدولة وسلامة أراضيها، ولن نتغاضى أبدا عن تكرار المأساة التاريخية المتمثلة في انقسام البلاد. وانطلاقا من مبدأ الصين الواحدة، قام الجانب الأردني مؤخّرا بالطلب من مكتب منطقة تايوان في الأردن والضغط عليه بتغيير اسمه، وإن الجانب الصيني يشيد بذلك. يُعتبر مبدأ الصين الواحدة أساسا لإقامة وتطوير علاقات الصين الودية مع كافة دول العالم. سيساهم الإجراء المذكور أعلاه للجانب الأردني في زيادة تعزيز الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين الصيني والأردني، وإرساء أساس أمتن لتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات.
يملأنا الأمل والثقة كلّما استشرفنا مستقبل العلاقات الصينية الأردنية. وباتّخاذ روح المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني كدليل إرشادي، سنعمل على تقديم إسهامات جديدة وخلق وضع جديد، لتحقيق تطوّر أكبر وتقدّم أعظم للعلاقات الصينية الأردنية التي تتطور على قدم الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة ومن خلال عملية التشارك في بناء “الحزام والطريق”، بما يعود بالخير على البلدين دولةً وشعبًا”.
ـ المقال خاص بالنشرة الالكترونية النصف شهرية لموقع الصين بعيون عربية.
*رئيس الاتحاد الدولي للصَّحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين.