زيارة شي للإمارات تلقي الضوء على الإنجازات وتبشر بتعاون صيني-عربي أكبر
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
وسط طقس شديد الحرارة في الإمارات العربية المتحدة، أضاءت سماءَ الليل بعضُ معالم البلد الخليجي، ومنها برج خليفة الذي يعد أطول مبنى في العالم وفندق برج العرب الفاخر، التي أشرقت بأضواء العلم الوطني الصيني والرسائل الصينية.
لقد أظهر قادة الإمارات كرم ضيافة عظيما، حيث قاموا بكل ما يمكنهم القيام به ترحيبا بالرئيس الصيني شي جين بينغ.
واختتم شي اليوم (السبت) زيارة الدولة الأولى له إلى الإمارات، وهي الزيارة التي أظهرت الإنجازات الكبيرة والمستقبل المشرق للتعاون متبادل النفع بين الصين والإمارات، وبين الصين والعالم العربي بأسره.
الكرم مع الأصدقاء المقربين
زيارة شي إلى الإمارات هي الزيارة الخارجية الأولى له عقب إعادة انتخابه رئيسا للبلاد وهي المحطة الأولى في جولته الحالية التي سيزور خلالها أيضا السنغال ورواندا وجنوب أفريقيا وموريشيوس.
وبمجرد دخول طائرة شي المجال الجوي الإماراتي، رافقتها 12 مقاتلة إماراتية.
ولدى وصولهما إلى المطار في أبو ظبي عاصمة الإمارات، لقي شي وزوجته بنغ لي يوان، ترحيبا حارا من نائب رئيس الإمارات ورئيس الوزراء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد إمارة أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في إطار ترحيب دولة لا يحظى به سوى أهم حلفاء الإمارات وأكثر ضيوفها تميزا.
وفي القصر الرئاسي، قلد قادة الإمارات شي (وسام زايد)، المسمى باسم الاب المؤسس لدولة الإمارات، حيث يعد شي أول رئيس صيني يزور البلد العربي في 29 عاما. وهذا التكريم نادرا ما يُمنح ويقتصر منحه للشركاء الذين يحظون بأعلى درجات التقدير من الإمارات بين رؤساء الدول على مستوى العالم.
وأُهدي شي أيضا حصانا عربيا أصيلا حيث يعد تقليدا في الإمارات بالنسبة للضيوف المميزين.
وحتى قبل الزيارة، امتلأت قلوب الكثيرين في الإمارات بالحماس العارم والتطلعات الكبيرة بشأن زيارة شي.
وأقيمت “بوابة ترحيب” على الطراز الصيني على الطريق المؤدية إلى القصر الرئاسي، في الوقت الذي نصبت فيه اعلام الصين والإمارات فوق أعمدة الإنارة على طول الطرق الرئيسية في أبو ظبي.
وعُقدت مجموعة من الفعاليات الثقافية الصينية في أبو ظبي، في إطار أسبوع الصين الذي يقام حاليا في الفترة من 17 إلى 24 يوليو، مع عرض فنون وحرف يدوية ورسومات صينية، فضلا عن نماذج للخط الصيني وكتب وأفلام صينية.
وقال محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة الاتحاد إن الصين والإمارات أصبحتا صديقتين مقربتين، وستساعدان وتكملان بعضهما البعض. كما أصبح البلدان شريكين هامين سيتواصلان وينسقان مع بعضهما البعض في الشئون الإقليمية والدولية.
زيارة تاريخية
أكدت زيارة شي للإمارات على الأمل الكبير والعزم الأكيد لدى البلدين على تطوير العلاقات التعاونية الودية إلى مستوى أعلى، بعد 34 عاما من إقامة العلاقات الدبلوماسية.
والأكثر أهمية هو أن هذه الزيارة، التي تأتي في أعقاب المؤتمر الوزاري الثامن لمنتدى التعاون بين الصين والبلدان العربية، في بكين بالصين تمثل الخطوة العملية الأولى التي تتخذها الصين نحو الوفاء بتعهدها بإقامة شراكة استراتيجية ذات توجه مستقبلي بين الصين والبلدان العربية.
واتفقت الصين والإمارات خلال الزيارة على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ما فتح فصلا جديدا في تعزيز التعاون الثنائي.
كما وقع الجانبان عددا من الاتفاقيات بشأن تنفيذ مشروعات التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وأعرب شي خلال المحادثات عن ايمانه بأن تنمية العلاقات الصينية – الإماراتية ستساعد في تعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة والنهوض بمستوى التعاون متبادل النفع.
وأشاد قادة الإمارات بزيارة شي كزيارة تاريخية ستساعد في تعزيز تنمية العلاقات الاستراتيجية الثنائية.
وقال الشيخ محمد بن راشد في تغريدة على تويتر “نثمن هذه الزيارة، ونعتبرها تاريخية، وتؤسس لمرحلة استراتيجية جديدة في العلاقات بين البلدين.”
ووصف الشيخ محمد بن زايد زيارة شي في تغريدة على تويتر بأنها “زيارة تاريخية بكل المقاييس” وتوثق لمرحلة جديدة من مسارات التعاون بين البلدين في كافة المجالات بما يعود على شعبي البلدين نماء وتطورا وازدهارا.
وتعهد الجانبان بإعلان مشترك بتعزيز التجارة ودعم المزايا التكاملية بين البلدين عبر تيسير التجارة والاستثمار، وعبر العمل معا على تعزيز بناء منطقة تجارة حرة، وتحويل منطقة العرض الخاصة بالتعاون في مجال القدرة إلى نموذج للمشروعات المشتركة.
ومن أجل تعزيز التفاهم المتبادل، تعهد البلدان بعقد مؤتمرات وندوات لمناقشة فرص التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق. كما اتفق الجانبان على توسيع الاستثمار المتبادل والاستفادة من فرص التعاون في مجالي الطاقة النظيفة والمتجددة.
ومشيرا إلى أن التعاون في قطاع النفط والغاز جزء مهم في التعاون الثنائي العملي، تعهد الطرفان بتعميق التعاون في تجارة النفط الخام واستكشاف النفط والغاز وتنمية حقول النفط.
واتفق البلدان أيضا على تعزيز التبادلات الشعبية عبر افتتاح مراكز ثقافية وإطلاق مشروعات ثقافية مشتركة، فضلا عن مشاركة كل بلد في الأنشطة الثقافية الخاصة بالبلد الآخر.
الربط بين استراتيجيات التنمية
قال السفير الصيني لدى الإمارات ني جيان في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إنه عقب 34 عاما من التقدم المطرد، تسير العلاقات بين الصين والإمارات الآن على مسار سريع، مشيرا بذلك إلى التجارة سريعة النمو وإلى التعاون سريع النمو في مجالات التجارة والمالية والثقافة والسياحة.
واتفق سلطان بن أحمد سلطان الجابر، وزير الدولة في الإمارات ورئيس مجلس إدارة المجلس الوطني للإعلام، مع رأي السفير الصيني، قائلا إن العلاقة الثنائية علاقة استراتيجية وطويلة الأمد في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والكثير من المجالات الأخرى.
وكمركز إقليمي للتجارة والمالية واللوجستيات والسياحة، مع سياساتها المتميزة وموقعها المتميز، فإن الامارات في الوقت الراهن تقود بلدان الخليج في السعي نحو تعاون أوثق مع الصين.
ولقد أصبحت الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للصين وأكبر وجهة تصديرية لها في منطقة غرب اسيا وشمال أفريقيا في الوقت الذي أصبحت فيه الصين إحدى أكبر الشركاء التجاريين للإمارات على مدى عدة سنوات. ووصل حجم التجارة بين البلدين إلى 41 مليار دولار أمريكي عام 2017.
وبوصفها أول بلدان الخليج في إقامة شراكة استراتيجية مع الصين عام 2012، وقعت الإمارات مجموعة من الاتفاقيات مع الصين، منها اتفاقية لتبادل العملة.
ويقوم صندوق طريق الحرير، الذي أُسس عام 2014، بتمويل مشروعات البنية الأساسية في دبي، منها مشروع مجمع حصيان للطاقة بتقنية الفحم النظيف. وسيوفر المجمع 20 بالمئة من مزيج الطاقة المستقبلي في المدينة، وسيتم تشغيلها بحلول عام 2020 لدى استضافة دبي معرض اكسبو العالمي.
وقال تيه سي جيا، نائب مدير مشروع مجمع حصيان، “هذا المجمع الذي يعمل بالفحم النظيف … رمز للشراكة الاستراتيجية بين الصين والإمارات في مجال الطاقة الخضراء، ومشروعا مشتركا في إطار مبادرة الحزام والطريق.”
وفي مقالة موقعة نُشرت في الصحف الإماراتية الكبرى عشية زيارته، حث شي على بناء “مجتمع مصير مشترك بين الصين والإمارات في إطار مبادرة الحزام والطريق”.
ووقعت الصين اتفاقيات تعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع 9 بلدان عربية، كما وقعت اتفاقيات تعاون في مجال القدرة الإنتاجية مع 5 بلدان عربية.
ولا تزال هناك فرص هائلة لتعزيز العلاقات الصينية – العربية مثل الربط بين مبادرة الحزام والطريق واستراتيجيات التنمية الجديدة في الكثير من البلدان العربية التي تسعى بنشاط لتغيير أنماطها الاقتصادية المعتمدة على النفط.
وفي ظل أحلام تحقيق النهضة في الجانبين، فإن الصين والبلدان العربية تأمل في مستقبل أكثر إشراقا يشهد تعزيزا أكبر للتعاون متبادل النفع ويشهد سعيا إلى تحقيق نتائج إيجابية للطرفين.