لماذا الصين وليست أميريكا؟!
موقع الصين بعيون عربية ـ
محمد سعيد طوغلي*:
في استعراض تاريخ البلدين، الصين وأمريكا، نجد في عشرياته وقرونه إجابات شافية على هذا السؤال.
هناك فرق كبير وشاسع جداً شساعة الأرض والسماء في طبيعة البلدين، الصين المُحبّة للعالم، وأمريكا العدائية تجاهه.
فأمريكا ليست دولة ذات حضارة عريقة، ذلك أن عمر الولايات “المتحدة الأمريكية” لا يتجاوز 250 سنة، وهي كانت تأسست “على حساب” سكانها الأصليين “الهنود الحمر”، الذين كان تعدادهم نحو خمسين مليون نسمة، عند بداية تصفيتهم جسدياً بحملات الغزو الغربي لِـ “العالم الجديد – أمريكا”، ومن هنا بالذات بدأ تاريخ “أمريكا” الدموي على أشلاء “الهنود الحمر”، ليس بدءاً بالحرب الفيتنامية الطويلة فقط، إنما وفي المجازر التي نشهدها اليوم في عالمنا العربي من مائه إلى مائه، والعراق الشقيق أحدها، وانتهاءً ببلدي الحبيب سورية، وقبلها مروراً بعشرات بلدان الأرض التي عاثت فيها “أمريكا” خراباً وفساداً وإفساداً وقتلاً وتدميراً .
لقد بَنى الأمريكيون حضارتهم المزعومة على دماء الشعوب ونهب الثروات، وعاثوا في الأرض دماراً أينما حلّو …
الأمريكان يدّعون حمل “لواء الديموقراطية”، لكنه “حِملٌ ظاهر”، وفي الباطن هم الأبعد عنه، بُعد المشرقِ عن المغربِ، فلم يكن لديهم خلال استعمارهم للعالم الجديد، أية موانع من قتل 48 مليون “هندي أحمر”، ليعيش 2 مليون منهم “في ديمقراطيتهم”!
كذلك، لا يمكن نسيان المجازر التي ارتكبت “أمريكياً” بحق أصحاب البشرة السمراء، وكيف كان الأمركيون يقومون بخطف الأفارقة الآمنين، وحرق الأسر بأكملها، فقد كانوا يُقيّدون “الرجال السّود” بالسلاسل والحديد، ويَشحنوهم إلى أمريكا، كما تُشحن الماشية، ليُباعوا فيها كعبيد أذلاء تحت سياط البطش والحرمانات.
وعند الحديث عن أمريكا، يتبادر إلى الذهن ديموقراطيتها في العام1945 عندما ألقت القنابل النووية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي، اليابان، وقتلت هناك 150 ألف مدني مسالم، وتُرك 200 ألف مُشوّه يُعانون مرارة العيش والموت البطيء، وأرض مدمرة لا طائل منها لزرع أو لضرع لمئات السنين المُقبلة .
أما مواقف أمريكا معنا نحن العرب، فيكفينا أن نستذكر يومياً أنها تصطف مع الصهاينة ومنذ عام1948 وحتى يومنا هذا، مروراً بعام 1967، إلى حرب تشرين التحريرية عام 1973، وتأييدها لكافة الجرائم الإسرائيلية، بدءاً بقانا، وانتهاءً بسورية وطني الجريح، وكلنا يَعلم عن دور “أمريكا” و”إسرائيل” التوسعي التخريبي، ودعمهما للجماعات المتطرفة الارهابية ومدّها بالمال والعتاد والدواء والإسناد الإعلامي .
إن سياسات أمريكا المرسومة لشعوبنا تقتلعها الأعاصير بعدما تبيّن لنا نفاق وكذب مختلف الساسة الأمريكيين، وسريعاً كذلك افتًضح مشروعهم الإستعماري الجديد في سورية الصمود، فهم يريدون علاقات مع الدول لا تُبنى على الإحترام المتبادل والمنفعة المشتركة، إنما على العكس تماماً، هم يريدون صِلات بين سيّد وعَبد، تُفرض فيها إرادتهم ومنافعهم المرفقة بسياطهم، وعلى حساب الطرف الآخر، الذي يفرضون عليه الخنوع لمنهجهم “العصا والجزرة”.
هذه هي أمريكا وتاريخها الأسود.. وحاضرها البغيض.
أما عند الحديث عن جمهورية الصين الشعبية، هذا البلد الصديق والعريق الذي تعود حضارته (الصين) لأكثر من عشرة آلاف سنة، نلمس في نشأته مداميك صلبة ارتقى البُنيان عليها بالانتماء الوطني لشعبه، وبمحبة قومياته وناسه لبعضهم البعض.. فقد دأب الشعب الصيني وقادته على الكدح والعمل المستمرين للنهوض بالزراعة والصناعة والتجارة وغيرها، وجَسروا العلاقات الدولية في حسن الجوار والصداقة الأُممية، فلم تفكر الصين حتى بعدوان على أحد، ولم تتوسّع على حساب الآخرين، بل هي رسمت طريقاً ووضعت نظاماً للقيم والمبادئ والأخلاق على هدي المشتركات الإنسانية، واعتبرت أن مصير العالم مشترك وجماعي، فأقامت العلاقات الودية مع شعوبه شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، بشكل متناغم ويسوده الاحترام والسلام والرخاء المشترك، ولم تفرض الصين يوماً أية إملاءات على أي بلد، بل عزّزت المعنى الحقيقي للديموقراطية الإنسانية، فساوت بين جميع الدول كبيرها كان أم صغيرها، قوية أو ضعيفة، غنية أو فقيرة، وتبّنت سياسة الحوار والتشاور والتمسّك بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقواعد المُعترف بها بين الدول.
وما فتئت الدولة الصينية تؤكد على ضرورة احترام جميع دول العالم، وتعزيز التعاون المشترك بينها، وإقامة نظام تجاري واستثماري عادل يهدف إلى تحقيق التنمية لكل العالم وعلى قدم المساواة .
كما وكان للصين مواقف واضحة ومتقدمة اتجاه قضايانا العربية ومنها المصيرية، وتعاملت معها بإعتدال وتوازن وحيادية، ولذلك كانت تنطلق من قناعاتها وإيمانها ومبادئها بعدالة قضايانا، فكانت دائما الصوت الداعم للحق والمؤيد للسلام دون كلل أو ملل.
كما وأكد المسؤولون الصينيون أكثر من مرة، وفي مناسبات لا تحصى، أن الشعب الصيني يَكنُ للشعوب العربية، وشعبي السوري العريق، مشاعر ودية صادقة، ويَعتبره من الشعوب الصديقة .
وأبدت الصين ألمها وحزنها لما يعتري المنطقة العربية اليوم من أزمات وحروب وإقتتال وتدخلات خارجية فظّة .
ورأت أن هذه الحروب لا تخدم مصالح الشعوب العربية عامة وسورية بشكل خاص، وقد أولت القيادة الصينية سورية اهتمامها الكبير، ورأت الصين قيادةً حزبيةً وحكوميةً أن الأزمة السورية لا تخدم مصالح الشعب السوري القريبة منها والبعيدة، فاتخذت موقفاً حازماً من القضية السورية في شتى المحافل وعلى الأرض كذلك، وألقت بثقلها الدبلوماسي والسياسي لدعمها، ولمساندة الشعب السوري، فأمدّته بالمساعدات وأعانته على الصمود، وأكدت على حتمية وحدة الأرض والشعب على الأرض السورية .
وها الصين برئيسها العظيم الرفيق شي جين بينغ، تمد هذه الأيام يد المساعدة الفاعلة لإعمار سورية، وإعادة بناء ما خلّفته الحرب الإجرامية ضدنا، ساعية إلى عودة البسمَة إلى شفاه أطفالنا، والسعادة إلى بيوتنا، والرقي والتقدم والإزدهار إلى وطننا الحبيب سورية.
هذه هي الصين أيها السادة.. وتلك هي أمريكا !
نحن معك أيها الرفيق القائد “شي جين بينغ” العظيم ومعك أيها التنين الصيني العِملاق.
…
#محمد_سعيد_طوغلي: عضو مُرشح في هيئة الإتحاد الدّولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين في سورية، وسفير سلام ورئيس المكتب الإعلامي لمنظمة HWPLالعالمية، وعضو في إتحاد الإعلاميين العرب، ورئيس تحرير، وإعلامي وصحافي سوري ودولي، وأُستاذ صحافة، وسفير لجامعة الشعوب العربية للإعلام الإلكتروني في سورية.