الحزب الشيوعي الصيني ودول وأحزاب العالم العربي (1)
موقع الصين بعيون عربية ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
يُعتبر الاجتماع مع الشخصيات القيادية العاملة في الحزب الشيوعي الصيني، والاستماع إلى خبراتهم وآرائهم السياسية والتنظيمية الشخصية، مهمة ضرورية للاستزادة من الخبرات التي اكتنزوها، على مدار عشرات السنين من نضالهم، وللتعرّف على تلك الخلاصات التي كدّسها الحزب، بهدف الارتقاء المتواصل بعملية علاقاته المثمرة مع البلدان العربية، حكوماتٍ وأحزاباً ومؤسسات وهيئات حزبية وفكرية وإعلامية، وفي شأن مبادرة الحزام والطريق، وترتيب البيت الحزبي والدولتي الداخلي، وصلاح المجتمع وخدمته، والارتقاء به مادياً وروحياً، ولحماية التنظيم والدولة من أمراض الفساد والإفساد، وللإبقاء على روح المبادرة والرفاقية، وممارسة التواضع الحقيقي، وخدمة المجتمع فعلياً لا لفظياً، إذ أن النخر الداخلي غالباً ما يبدأ باغتنام البعض هنا وهناك فرص المَغانم الصغيرة والتافهة، التي قد تتطور الى كبيرة، مُهدِّدةً بالتالي سلامة التفكير والالتزام بالنهج، وعاملةً على إضعاف العقيدة لصالح مكاسب مضادة للحزب والدولة والمجتمع بعضها يبدأ بـِ “بريتيج” شخصي، يتدرّج بالمرء إلى إعلاء الخاص على العام، وسيطرة الشخصي على الحزبي والفكري والايديولوجي واستبعاد الشعبي والاجتماعي، فتكون المصيبة والطامة الكبرى، كتلك التي أصابت الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي، الذي تراجع وانتكس بتراجع وانتكاس شخوصه القيادية ورئاساته أولاً، فإضَعاف التزامهم الحزبي والعقيدي وتراجع وعيهم الأيديولوجي والسياسي، ما أفضى بهذا الأمر بهم إلى ارتهانهم للخارج السياسي وإرادات الإتباع الاستعمارية.
الرفيق جانغ جيانوي، نائب مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا لدائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، شخصية حزبية مرموقة وبارزة، ألقى محاضرة قيّمة حول الصين والحزب الشيوعي الصيني، أمام المفكرين والصحافيين، وأجاب على أسئلتهم واستفساراتهم بصراحة وانفتاحية وبكل رحابة صدر، وذلك على هامش الاجتماع الدولي للدورة الثانية لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية، الذي انعقد في الصين مؤخراً، بدعوة كريمة من قيادة الحزب الشيوعي الصيني الباني.
يؤكد الرفيق جانغ جيانوي على نحو خاص، أن الحزب الشيوعي الصيني ـ وبصفته حزباً حاكماً يصل عدد الأعضاء فيه إلى 89 مليون و560 ألف عضو، منهم 7 ملايين يعملون كمتفرغين في دوائر الحزب وهياكله ـ يُولي إهتماماً كبيراً ومتواصلاً بتعزيز علاقاته وصِلات جمهورية الصين الشعبية بالدول العربية وأحزاب الدول العربية، ولتعميق علاقاته مع مختلف الدوائر والمؤسسات العربية الاخرى.
وتوقف الرفيق جانغ جيانوي على نحو خاص عند علاقات الحزب والصين بمراكز الدراسات العربية وأحزابها، واهتمام الحزب الشيوعي الصيني بقياداته وهيئاته، بالاستمعاع الى وجهات النظر والاقتراحات التي يُدلي بها الباحثون والمفكرون العرب، لا سيّما عند وضع الصين سياساتها واستراتيجياتها، ذلك أن هذه “تساهم في مساعدة الحزب والصين في إتخاذ سياسة ومواقف أكثر علمية”. ولذا، يَعمد الحزب الى تنظيم محاضرات ودورات حزبية وسياسية على يد علماء وخبراء بالقانون الدولي وغيره من القضايا والقوانين. وتستهدف هذه الفعاليات القياديين الحزبيين الصينيين في عناوين كثيرة متشعبة، منها حتى مجال العصر الجديد، التقني المذهل، لـِ “الذكاء الاصطناعي”، الذي غدا، كما يؤكد المحاضر جيانوي، “اتجاهاً هاماً للتنمية البشرية المستقبلية”.
ومن الضروري على مَن يريد التعرّف على الصين، أن يتعرّف أولاً على الحزب الشيوعي الصيني، الذي يعمل أعضاؤه في مختلف المهن، وفي فضاء الزراعة وصيد الأسماك أيضاً، ومُشيراً الى أن التواصل مع الحزب الشيوعي الصيني الحاكم للصين والتواصل معه، أصبح مَطلباً يُجمع الجميع عليه في البلدان المختلفة.
ويُشير الرفيق جانغ جيانوي، إلى أن الحزب الشيوعي الصيني يقود كل الصين، وهو على استعداد دائم لتعزيز التواصل مع البلدان العربية ومع شتى الهيئات فيها، ومُشيراً في الوقت نفسه إلى أن ذلك يتأتى من مشاركة 65 حزباً سياسياً عربياً، من 17 دولة عربية، في الدورة الثانية الحالية للحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب الدول العربية، التي شهدت تواصلاً لأصدقاء الصين من الحزبيين العرب بالصين والقيادات الصينية، فدارت بالتالي عجلة الحوارات المثمرة والهادفة بين الجهتين الصينية والعربية.
يؤكد الرفيق جيانوي، الذي كشف عن أنه شخصياً سبق وعمل في سفارتي جمهورية الصين الشعبية في بغداد والقاهرة، أن التعريف بالحزب يقود الى التعريف بالصين، إذ أن الحزب يقود الدولة والحكومة، وهو الذي يضع السياسات، وتقوم الحكومة الصينية بعد ذلك، بتنفيذها بدقة وحرفية، ومؤكداً أيضاً أنه لا يوجد جهة تقود أخرى في هذه المؤسسية، بل هناك تنسيق دقيق وتوزيع مهام بين الجهتين الحزبية والحكومية، ويقود ذلك بالمحصلة الى تفاهم وتواصل دائم وتنسيق وتطابق ناجح، ومنوّهاً الى ترحيب الحزب الشيوعي الصيني بمشاركة وفد الأصدقاء من المملكة العربية السعودية، المُشارك ببنوك العقول في إطار الدورة الثانية للحوار الحزبي المُشار إليه.
ونوّه المحاضر جيانوني، إلى أن اهتمام الصين كبير كبير بوفود الأحزاب والعقول الوافدة من الدول العربية المغاربية، التي تعتبر جزءاً رئيسياً من العالم العربي الكبير، وهي الى ذلك جزء من الدول الافريقية أيضاً، ولذلك تكتسب أهمية وخصوصية مزدوجة. إضافة الى أهمية ثالثة هي، أن لهذه الدول مكانة هامة في الصين وبالعلاقات الدبلوماسية مع الصين، ومؤكداً كذلك أن الصين لم ولن تنسى دور الجزائر إتجاه الصين في إطار منظمة الامم المتحدة، كما لن تنسى الصين دور الدول المغاربية بدعمها للصين في قضية تايوان، والتبت، وشينجيانغ، وبحري الصين الشرقي والجنوبي وغيرها، وقد شهدت علاقات الصين بهذه الدول تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، وبخاصة زيارة جلالة الملك محمد السادس الى الصين، في عام 2016م، حين قرّر جلالته إعفاء السياح الصينيين من التأشيرات السياحية المغربية، وقد أدى ذلك الى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، فتضاعف عديد السياح الصينيين المتوجهين الى المغرب، ووصل الرقم إلى 120 ألف سائح سنوياً، وما زال هؤلاء يتقاطرون على المغرب مجموعات لا تتوقف، ومُشيراً الى أن أقاربه هو شخصياً، يزورون المغرب ليتمتعوا بالأفضليات السياحية فيه، ومنوّهاً الى أن ضخامة عدد السياح الصينيين في المغرب تنامى كثيراً وواضحاً للعيان. ويَرى المحاضر أن الفنادق المغربية لم تعد، كما يبدو، تتسع للعدد الكبير من السياح الصينيين، وقد أدى هذا الواقع إلى تطوّر وازدهار واضحين في العلاقات المتعددة الجوانب ما بين الصين والمغرب.
…
• #مروان_سوداح: رئيس #الاتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين – الاردن.