الحفاظ على الاستقرار والازدهار في “لؤلؤة الشرق”
صحيفة النهار اللبنانية ـ
وانغ كيجيان (سفير جمهورية الصين الشعبية في لبنان):
إن هونغ كونغ المعروفة بـ”لؤلؤة الشرق” منطقة إدارية خاصة تابعة لجمهورية الصين الشعبية. ومنذ عودتها إلى الوطن الأم عام 1997، ظلت هونغ كونغ تحافظ على الازدهار والاستقرار بفضل سياسة “دولة واحدة ونظامان”. لكن ما شهدته هونغ كونغ منذ حزيران الماضي من تظاهر وشغب يلفت انتباه المجتمع الدولي ويجعل بعض الناس يسألون: ماذا حلّ بهونغ كونغ؟ أود هنا أن أعرض الحيثيات والوقائع للوضع في هونغ كونغ.
أولاً، كيف بدأ الوضع؟
في شباط عام 2018، قتل مواطن من هونغ كونغ حبيبته في تايوان الصينية وهرب إلى هونغ كونغ. نظراً إلى عدم وجود ترتيبات للمساعدة القانونية في المسائل الجنائية ولا اتفاق لتسليم المجرمين الهاربين بين هونغ كونغ وتايوان، لم يسلّم هذا المواطن إلى العدالة في تايوان حيث وقعت الجريمة. ومن أجل سد الثغرة القانونية وتكريس سيادة القانون والعدالة وألا تكون هونغ كونغ جنة للمجرمين الهاربين أو ملجأ من العقاب، اقترحت حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة تعديل قانون تسليم المجرمين الهاربين وقانون المساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية. وبدأت بعض الجهات والوسائل الإعلامية في هونغ كونغ تنشر شائعات وتحرض المواطنين على التظاهر لعرقلة إقرار التعديلات في المجلس التشريعي. وبعد إعلان الحكومة تعليق تعديل القانونين، لم يكتفِ هؤلاء الناس بل أقدموا على تصعيد أعمال العنف ومواصلة النشاطات المعادية للصين والمؤذية لهونغ كونغ بذريعة “معارضة تعديل القانونين”، الأمر الذي ترك آثاراً سلبية خطيرة على سيادة القانون والنظام الاجتماعي والتنمية الاقتصادية ومعيشة الشعب والسمعة الدولية لهونغ كونغ. لقد تراجع معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي في هونغ كونغ للفصل الثاني من عام 2019 إلى 0,6% من 3,5% للفصل نفسه في العام الماضي.
ثانياً، كيف ننظر إلى تصاعد الوضع في هونغ كونغ؟
تدل الوقائع على أن الوضع في هونغ كونغ قد تحول من تظاهرات سلمية إلى جرائم عنف متهورة يرتكبها حفنة من الناس، ومن التعبير السلمي عن الآراء إلى التحدي للخط الأحمر أي مبدأ “دولة واحدة ونظامان”. إن الهدف الحقيقي لهؤلاء ليس وقف تعديل القانونين، بل إطاحة حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة وتعطيل هونغ كونغ تماماً وزعزعة سيادة الصين على هونغ كونغ وفصلها من خريطة الصين. إذ استغل بعض المتظاهرين المتطرفين هذه الفرصة لتحقيق أهداف أخرى وتواطأوا مع القوى الخارجية. وأقدموا على اقتحام مبنى المجلس التشريعي وضرب رجال الشرطة المحليين واقتحام مكتب الاتصال للحكومة المركزية في هونغ كونغ وتدنيس الشعار الوطني والعلم الوطني. تعتبر كل هذه الممارسات خرقاً فاضحاً للقوانين وانتهاكاً خطيراً لكرامة الدولة. أعتقد أن أي حكومة في العالم لن تقف مكتوفة تجاه مثل هذه الأحداث. ومن اللافت أن هناك تدخلاً وتلاعباً خارجياً وراء تعقيد الوضع في هونغ كونغ. على سبيل المثال، يخلط بعض السياسيين الأميركيين والبريطانيين بين الحق والباطل ويشوهون مبدأ “دولة واحدة ونظامان” وينتقدون الحكومة الصينية من دون مبرر ويتكلمون لمصلحة العناصر المتطرفة العنيفة ويدعمون تصرفاتها غير القانونية. من ناحية أخرى، يقوم عدد كبير من الوسائل الإعلامية الغربية بتغطية الأحداث بالعمى الانتقادي حيث تتحدث عن الديموقراطية والحرية فقط من دون مراعاة سيادة القانون والعدالة، وتتعاطف مع العناصر العنيفة بدل التضامن مع رجال الشرطة الذين يقومون بواجباتهم. نعتبر هذه المعايير المزدوجة تدخلاً سافراً في شؤون الصين الداخلية وهي مرفوضة بتاتاً. وإن التستر والدعم اللذين تمارسهما القوى الخارجية هما اللذان جعلا عناصر التطرف والعنف تفعل كما تشاء من دون خوف.
ثالثاً، ما هو موقف الحكومة الصينية؟
منذ عودة هونغ كونغ إلى الصين عام 1997، تطبق الحكومة الصينية سياسة “دولة واحدة ونظامان” و”إدارة شؤون هونغ كونغ من قبل أهل هونغ كونغ” و”درجة عالية من الحكم الذاتي” بشكل جدي وكامل. وانضمت هونغ كونغ إلى مسيرة النهضة العظيمة للأمة الصينية وشاركت الوطن الأم في التنمية وحافظت على الازدهار والاستقرار. وحققت هونغ كونغ نمواً مستقراً للاقتصاد المحلي حيث تجاوزت قيمة الناتج المحلي الاجمالي 360 مليار دولار أميركي في عام 2018 وهي ضعفا ما كانت عليه في عام 1996. وازداد عدد الزوار لهونغ كونغ من 10,4 ملايين زائر عام 1997 إلى 65 مليون زائر عام 2018. وحافظت هونغ كونغ على مكانتها كمركز مالي وتجاري وملاحي على مستوى العالم، كما حافظت على المراكز المتقدمة في العالم من حيث مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المختلفة. ولا بد من الإشارة إلى أن معيشة أهل هونغ كونغ تعتمد إلى حد كبير على الضمان القوي من قبل بر الصين الرئيسي وازدهار هونغ كونغ يعود فضله إلى الروابط الاقتصادية القوية مع بر الصين الرئيسي وفي المقابل لم تأخذ الحكومة المركزية قرشاً واحداً من هونغ كونغ. فالوقائع خير دليل على أن “دولة واحدة ونظامان” هي ضمان جذري وأفضل ترتيب للازدهار والاستقرار في هونغ كونغ على المدى الطويل.
لا شيء أفضل من الانتظام ولا شيء أسوأ من الفوضى. كيف يمكن تحقيق الازدهار من دون الاستقرار؟ إن هونغ كونغ جزء من الصين والحكومة الصينية أكثر حرصاً على الازدهار والاستقرار في هونغ كونغ. بما أن شؤون هونغ كونغ هي شؤون الصين الداخلية، لن تسمح الحكومة الصينية بالمساس بسيادة الصين وأمنها أو التحدي للسلطة المركزية أو لنفوذ قانون هونغ كونغ الأساسي أو استغلال هونغ كونغ كمنصة للتسلل أو التخريب في الصين. نأمل من أصدقائنا أن يدعموا جهود هونغ كونغ في مكافحة العنف وصون سيادة القانون واستعادة النظام الاجتماعي وذلك لتهيئة ظروف صالحة لتنمية الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب. وفي الوقت نفسه نطالب بعض الجهات الخارجية بوقف التدخل في شؤون الصين الداخلية أو التحريض على الاضطرابات.
للحكومة الصينية والشعب الصيني إرادة قوية وعزيمة صلبة في الدفاع عن سيادة الدولة وأمنها ووحدة أراضيها. ولدينا ثقة كاملة وقدرة كافية للحفاظ على الاستقرار والازدهار في هونغ كونغ وجعل “لؤلؤة الشرق” تتألق باستمرار.