في الذكرى 55 للتعاون التونسي الصيني.. ضرورة فتح أبواب تونس للاستثمارات الصينية الكبرى
موقع الصين بعيون عربية ـ
بسمة الشتاوي*:
لقد حان الوقت اليوم في تونس لفتح الأبواب أمام الاستثمارات الصينية الكبرى، وتدفق التمويلات الصينية نحو البلاد، والارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستوى الشّراكة الإستراتيجية.
هذه الشراكة، التي ظلت منذ حوالي 55 سنة مقتصرة على التبادل التجاري لفائدة الصين ومساهمتها في تمويل بعض مشاريع البُنية الاساسية، لا بد ان تتحول إلى مساهمة مباشرة في دفع الاستثمار وتعزيز التشغيل، والرفع من مستوى النمو، ذلك ما يذهب إليه العديد من المراقبين والخبراء في المجال الاقتصادي في تونس.
فالصين تعد المساهم الاكبر في العجز التجاري الاجمالي لتونس، وذلك بنحو 1,8 مليار دولار (سنة 2018)، من إجمالي العجز الإجمالي للتجارة الخارجية التونسية، الذي تقدر قيمته ب6,6 مليار دولار، في وقت يبقى فيه مستوى الإستثمار الصيني في تونس ضعيفاً جداً، ولا يتجاوز 6 ملايين دولار، ولا تنشط في تونس سوى 11 مؤسسة صينية فقط.
وأمام هذا الوضع، أصبح لدى الحكومة التونسية اليوم، قناعة تامة بضرورة معالجة هذا الاختلال في التبادل التجاري بين تونس والصين، وتعديل الميزان التجاري وهو ما يتطلب حسب وزير الاستثمار والتعاون الدولي، زياد العذاري، دفع الإستثمار الصيني في تونس وعلاقات الشراكة والتعاون في مجالات السياحة والصناعة.”
وقد شرعت تونس بعد في تجسيم هذا الوعي من خلال توقيعها في 10 تموز/ يوليو/ جويلية 2018، في بكين، على مذكرة تفاهم، للانضمام إلى مبادرة “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير”.
هذه المبادرة، التي أعلن عن إطلاقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، في أيلول/ سبتمبر 2013، بهدف إحياء طريق الحرير القديم، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وبين الدول التي تقع على هذه الطريق، توفّر لتونس فرصاً هامة من شأنها أن تمكن من تدارك العجز التجاري.
وقد اعتبر رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، في أكثر من مناسبة ان هذه المبادرة فرصة على رجال الأعمال التونسيين استغلالها حتى تكون تونس مركزا إقليميا لوصول الصين إلى أوروبا وإفريقيا”.
ولا يقتصر الوعي بأهمية دفع التعاون مع الصين لدى الحكومة التونسية فقط، بل كذلك لدى رجال الاعمال الذين ادركوا اليوم ان اقتصار شراكاتهم على القارة الاوروبية، من شأنه ان يحد من فرص التطور لديهم، نظراً للمنافسة الكبيرة، والضغوط التي يَفرضها الاتحاد الاوروبي من خلال الاتفاقيات غير المتوازنة.
فمن الضروري أن تركّز تونس على التوجّه نحو الاستثمار المباشر الصيني الموجّه لعدة قطاعات كالمعادن، والنقل الحديدي، والطاقة، كما أكد ذلك رئيس الاتحاد المغاربي للبنوك، احمد الكرم، في تصريحات اعلامية.
وشدّد على ضرورة وضع استراتيجية لفتح السوق التونسية أمام السياح الصينيين، بما يمكّن من تطوير المداخيل السياحية، وبالتالي تقليص العجز من العملة الصعبة.
كما يرى العديد من أصحاب الاعمال، أن تونس قادرة على دفع صادراتها نحو الصين، إذ يعتبر رئيس غرفة التجارة التونسية الصينية، الطاهر بياحي، أن السوق الصينية كبيرة وواعدة وتوفر فرص عمل هامة، خاصة، فيما يتعلق بالمواد الغذائية، مبيّناّ أن المنتوج الغذائي التونسي يتميز بجاذبية في السوق الصينية.
ويعتقد رئيس منظمة الاعراف (نقابة اصحاب الاعمال في تونس) سمير ماجول، “أن العديد من المنتجات التونسية يمكنها أن تتواجد في السوق الصينية، ومنها المنتجات الغذائية، والمنتجات الصناعية على غرار الكوابل ومكونات السيارات”.
غير أن هذا التوجّه يتطلب تمويلات على الصين أن تساعد على توفيرها، إذ يرى أنه لا بد من وضع خط تمويل صيني على ذمة المؤسسات التونسية، ” للاستفادة من التطور، الذي تشهده الصين في مجال التكنولوجيات الحديثة، بتكاليف ميسّرة لتسهيل اقتناء التجهيزات الصينية المتطورة”.
وتدعو العديد من الأطراف في تونس إلى ضرورة تعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي، والتجارة الإلكترونية التي تحقق فيها الصين تطورات كبيرة، وبالتالي إنشاء بُنية تحتية رقمية عالية الجودة، وإنشاء آلية للتبادل بين مؤسسات البحث والدراسة في البلدين وإعداد الكفاءات وتدريبها، لمواجهة التحديات التي تفرضها الثورة الصناعية الرابعة.
*رئيسة تحرير بوكالة تونس أفريقيا للأنباء وصديقة للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.
مقالة مهمة جدا عن العلاقات التونسية الصينية.. من الضروري القاء الاضواء على هذا العنوان، لأن تونس مهمة بطريق الحرير الصيني الجديد /الحزام والطريق/، ولمجمل شمال ووسط افريقيا وجنوب اوروبا.. شكرا لكاتبة المقالة الاستاذة الكبيرة بسمة الشتاوي الصحفية والاعلامية والكاتبة المرموقة في تونس/ والمتخصصة بالشؤون الاقتصادية، ولذا فهي تعطي الرأي السديد في مجالها التخصصي…
مقال ممتاز ونتمنى المزيد من التقدم والنجاح لتونس والصين