تاريخ المسلمين.. في متاحف (الحلقة السادسة)
بقلم: محمود ريا
الجولة التى يأخذك فيها الشيخ “تشن قوانغ يوان” رئيس الجمعية الإسلامية في الصين ممتعة.
هي لا تتعدى السير داخل شقتين متلاصقين في مبنى الجمعية الإسلامية، ولكنها تفتح أمامك كتاب تاريخ المسلمين في الصين على مدى قرون.
القرآن المخطوط منذ مئات السنين، الكتب الدينية القديمة، النقود التي تحمل كتابات إسلامية، الأسلحة ـ من سيوف ودروع وخناجر ـ التي تحمل الطابع الإسلامي، المجلات التي يصدرها المسلمون في انحاء الصين، كلها “كنوز” تجدها في هذا المعرض، والأبرز هو الصور التي تزيّن الجدران، وأغلبها صور تاريخية: نشاطات المسلمين من احتفالات ونشاطات واجتماعات، وزيارات الوفود الرسمية والشعبية من الدول الإسلامية والعربية إلى الصين، وإلى الجمعية تحديداً، ولا سيما الرؤساء والملوك والزعماء من مختلف الدول.
وفي المعرض أيضاً خارطة ضخمة تُظهر طرق دخول الإسلام إلى الصين وانتشاره فيها. وهناك خارطة أخرى تظهر المقاطعات الصينية ونسبة وجود المسلمين فيها. ويبدو من هذه الخريطة وجود المسلمين في معظم المقاطعات الصينية وإن كانوا يتركزون بشكل أساس في مناطق محددة في الغرب ولا سيما في “سينكيانغ” و”تشينغهاي” وهما مقاطعتان تتمتعان بالحكم الذاتي للمسلمين.
متحف آخر يعرض هذه الأشياء وأكثر منها، هو ذلك المتحف الملحق بمسجد “نيوجيه” الشهير في العاصمة بكين.
في هذا المتحف تجد الكثير الكثير من الصور التي تحكي تاريخ المسلمين في الصين، كتبهم، احتفالاتهم، والزيارات التي قامت بها وفود إليهم، فهذا ملك المغرب (الراحل) الحسن الثاني يزور المسجد، وهذه زيارة أخرى للرئيس الإيراني السابق (القائد الحالي) الإمام السيد علي الخامنئي، وهنا كلمة مكتوبة على سجل الزوار من وفد سوداني، وأخرى من رئيس جمهورية جزر القمر.
يعرض المتحف هذه الصور والكلمات في إيحاء إلى عمق العلاقة التي تربط المسلمين الصينيين بأخوانهم المسلمين في أنحاء العالم، وفي تأكيد على أنّ صينيّتهم لا تنفي إسلاميتهم، كما أن إسلاميتهم لا تجرح عمق انتمائهم إلى الأمة الصينية.
ومن المسائل الجميلة اللافتة في المتحف نموذج عن شهادة الميلاد التي تعطى للمولود المسلم الجديد وفيها من المعاني ما يؤكد على عمق ارتباط المسلمين الصينيين بدينهم وبعاداتهم الإسلامية.
وتقول هذه الوثيقة:
” بسم الله الرحمن الرحيم
اسم المولود المبارك: عبد الله
اللهم طوّل عمره وصحّح بدنه ووسّع رزقه وحسّن خلقه ورفّع درجته واتقن إيمانه.. أنبته الله نباتاً حسناَ”.
وفي المتحف أيضاً “عدّة الحاج الصيني” وهي تتضمن بعض الأواني والملابس التي كان الحجّاج الصينيون في الماضي يستعملونها خلال رحلتهم إلى الحج في مكّة المكرّمة. ويشي إبراز هذه الأواني والاحتفاظ بها بمدى الاهتمام الذي يعيره المسلمون الصينيون للحج ولشعائره الإسلامية.
وإلى جانب المتحف هناك الكثير من الآثار الأخرى، منها قبران لعالمين مسلمين، أحدهما من إيران والثاني من بلاد آسيا الوسطى، ووجودهما هناك يدل على قدم التواصل بين مسلمي غرب آسيا ووسطها مع مسلمي الصين، هذا القدم الذي يظهر من قدَم شاهدي القبرين ونوع الخطوط المستخدمة في الكتابة عليهما.
هذا المتحف ـ وما يحيط به ـ هو جزء من مجمّع مسجد “نيوجيه”، وهو المسجد الأكبر والأقدم بين ستين مسجداً في العاصمة بكين، ولهذا المسجد شأن كبير في بلاد الصين كلها.