لبنان الملوّن في قلبي
كلمة سعادة السفير Liu Zhentang عادل
ليوزينتانغ – سفير الصين السابق لدى لبنان
إن لبنان هو أفضل بلد من ناحية الموقع الجغرافي، والأعلى في معيار الحضارة الاجمالي.
مهما يكن، لبنان ليس كبيراً، مساحته أقل من ثلثي بجين وعدد سكانه بحجم 0.3 % من الصين. ولكنّ دور لبنان ومكانته ليسا عاديين، بل يتجاوزان كثيراً حجمه منذ القدم .
١. لبنان هو جسر التبادلات بين الشرق والغرب، أيضاً هو منبع مهم للحضارات.
الدليل على ذلك أن تاريخ لبنان ترك كثيراً من الآثار في أرضه التي تبلغ ١٠٠٠٠كلم مربع. سجلت عشرات النصب والألواح على الصخور عند نهر كلب تواريخ التبادلات لمدة آلاف السنين .
أروع سجلات كشفت في بيبلوس، وهي جديرة بنخبة الحضارة الفنيقية. انطلقت السفن التجارية منها وسيطرت كل الأسواق في البحر الأبيض المتوسط وسواحل شرقي المحيط الأطلنطي .
أحرف بيبلوس التي خلقت من أجل معاملات التجارة أصبحت منبع كل لغات عند الغرب. ان الورق البردي المصري صدّر الى أوربا عبر ميناء ببلوس، وهو صار حاملاً للحضارات القديمة، حتى كلمة “Paper” جاءت من اسم بيبلوس. أما الاختراعات الاخرى فمنها الصباغ الارجواني والزجاج ذائع الصيت في كل العالم .
٢.مساهمة لبنان الفريدة في التنمية والازدهار في لشرق الأوسط في عصرنا بسبب ثقافة لبنان المتنوعة والمنفتحة، والانتشار الواسع للمغتربين اللبنانيين في أطراف العالم . لذا لبنان دائما يقود التيار العصري في مختلف المجالات، سيما في التعليم، الاعلام، النشر، الرسوم، الرقص، الموسيقى، الشعر، الرواية وغيرها، مما يظهر دفعاً كبيراً من الشخصيات ذوي السمعة المرتفعة، مثل جبران خليل جبران، فيروز، صباح، الاخوين رحبانى…
لبنان أيضا متميز للغاية في إدارة التجارة والأسواق مما إدرج القوة الحيوية في الاقتصاد المحلي واقتصاد المنطقة خصوصاً أثناء إغلاق قناة السويس، لبنان أصبح أهم قناة بين الخليج الفارسي وأروبا.
ان النخب اللبنانية لعبت دوراً مهماً في اعمار دول الخليج .
٣.علاقات الصين مع لبنان جديرة بأن تكون نموذجاً في التعاون ذات المنفعة المتبادلة وعلى قدم المساواة بين الدول.
أما في المحافل الدولية يلعب لبنان على الدوام دوراً متميزاً، أثناء الرئاسة اللبنانية للمؤسسات الدولية، مثلاً مؤسسة الطيران الدولية ومنظمة الغذاء الدولية، دعم لبنان الصين دعماً قيّماً، أيضاً في الجامعة العربية دعم لبنان بشكل حازم لإقامة علاقات الشراكة الإستراتجية مع الصين.
جدير بالذكر ان المغترب اللبناني السيد جورج حاتم ينحدر من بلدة حمانا، وهو خرّيج الجامعة الامركية ببيروت، وسافر الى شنغهاي وعمل طبيباً بعد حصوله على دكتوراه في سويسرا .
عام ١٩٣٦، اتجه الى القاعدة الثورية برئاسة الرئيس ماو بمساعدة السيدة سون- مادام سن ياشين .
من تلك السنة وما بعدها ربط مصيره بثورة الصين وأبنائها، ونذر كل حياته للصين تمجيدا لمساهمته منحه لبنان وسام “كومندر” عام ١٩۸٦، وتمثاله النصفي نصب في حديقة بلدية حمانا ، وهو سيكون شاهداً أبدياً للصداقة العميقة بين بلدينا.
يكاد كل الدبلوماسيين الذين عملوا في لبنان يعتبرون لبنان جنّة دبلوماسية. من حسن الحظ شاهدت بعيوني ازدهار لبنان في سبعينيات القرن الماضي.
بخلاصة لبنان هو كنز فريد للحضارة البشرية ،ينبغي الجميع باحترامه ودعمه حتى استفاد الجميع من غذاء ثقافته .
أنا على يقين بأن الشعب اللبناني الذكي قادر على التغلب على كل الصعوبات واعادة بناء بلده حتى يصبح لبنان أجمل وأكثر ازدهاراً مما كان عليه في أوائل السبعينات!
(الأبحاث المنشورة معرضة للتعديل قبل نشرها بصيغتها النهائية.
الأبحاث نشرت بإذن خاص من منسق الملتقى، الدكتور مسعود ضاهر،