قراءة في الموقف الصيني
صحيفة الديار الأردنية:
المهندسة يلينا نيدوغينا:
في كلمة سفير جمهورية الصين الشعبية الدائم لدى الأمم المتحدة السيد “لي باودونغ”، التي اشتملت على موقف بلاده من “المسألة السورية”، نلاحظ ثبات الموقف الصيني على عدم جواز التدخل في الشأن الداخلي للدول السيدة، وبأن هذا الموقف لا يمكن أن يتزحزح ولا أن يتدحرج بأي إتجاه آخر. الموقف الصيني يشدّد على ضرورة الإلتزام الكامل بخطة عنان التي تعتبرها بكين “المخرج الواقعي والقناة الهامة لحل المسألة السورية سياسياً”، وهي تؤكد على اهمية استمرار بعثة المراقبين في أداء مهمها، وبالتالي تنفيذ الخطة من جانب مختلف الأطراف، ويُشير الموقف الصيني الشريف على ان السبيل السلمي والحوار السياسي الشامل هو الأساس، وهو الطريق الى حل القضية بصورة منطقية وتماشياً مع القانون الدولي وصولاً الى وقف فوري لإطلاق النار وأعمال العنف. وينتقد الموقف الصيني مواقف ومشروع قرار القرار الذي قدمته بريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى وتصفه بأنه جاء “منافياً تماماً” لأهداف التسوية السياسية، وهو انتقاد لاذع دون شك.. فهو يصف المشروع الغربي بأن “عيوباً كبيرةً” تشوبه، وبأنه “غير متوازن ويهدف إلى ممارسة الضغوط “على جانب واحد فقط”، وبالطبع المقصود على الحكومة السورية، وهو أمر تعتقد الصين بأنه واستناداً الى الحقائق “لا يساعد” على حل “المسألة السورية”، بل سيخرجها من مسار الحل السياسي، ولا يفاقم فقط الأوضاع المضطربة في سوريا، بل “سيؤدي كذلك إلى انتشار هذا التفاقم في الدول الأخرى” في المنطقة وتخريب السلام والإستقرار فيها، وهو يضر بمصالح الشعب السوري وشعوب المنطقة برمتها “في نهاية المطاف”. لذا فإن الموقف الصيني بمثابة تحذير لدول المنطقة برمتها إن هي تورطت في الحرب العالمية الثالثة الجارية حالياً لقلب نظام الحكم في سورية، فالموقف الصيني الرسمي يرى ان تغيير الأنظمة السياسية الإجتماعية يجري من خلال إرادة الشعوب، وليس من خلال التدخل الخارجي والمسلح، ولا من خلال مجلس الأمن والإملاءات المُمَارسة عليه، فالموقف الصيني يلتزم بمبدأ “عدم التدخل في الشؤون الداخلية” ويرى بأن هذا المبدأ هو “من القواعد الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية”. وقد زاد السفير الصيني في المجلس بقوله بأن “مصير ومستقبل سوريا يجب أن يقرره الشعب السوري بنفسه بدلاً من أن يُفرض عليه من الخارج؛ وبأن “المسألة السورية” لا تُحل إلا عِبر الطرق السياسية، لأن الحل العسكري للمسألة طريق مسدود”. هذا الموقف الحازم يُعد انذاراً صينياً غير مباشر برفض التدخل العسكري المباشر، وبان لدى الصين آليات لسد طريق التدخل العسكري، وهو موقف يقدّره أحرار العرب وذوي التفكير الموضوعي والواقعي منهم. وقد اتهم السفير الصيني بعض الدول بأن لديها أجندة وصفها بـ”الخفية”، وبأن “لا أساس فيها من الصحة وهي تخلط بين الحق والباطل ضد الصين”، أي ان الموقف الصيني حق واضح، ونحن بالمناسبة نؤيده كما احرار العالم، والموقف الآخر المعارض له هو موقف باطل لأنه يسعى الى قلب انظمة الحكم من خلال تدخلات خارجية سافرة.
السفير الصيني كشف للمرة الاولى عن مخطط دولي لاثارة الاضطرابات في العالم، وليس في سورية فحسب، من خلال التدخل في شؤونها الداخلية، وقال بان بعض الدول “مهووسة بتأجيج الخلافات وبذر الشقاق في الدول الأخرى وتتشوق لإثارة الاضطرابات في العالم”، وقد تبنّت هذه الدول منذ البداية موقفا سلبياً إتجاه وساطة كوفي عنان ونشر بعثة المراقبة للأمم المتحدة، وأصرت على ترويج مقولات أن وساطة كوفي عنان وبعثة المراقبة غير مجدية وفاشلة طوال الشهور الماضيات”. نعلم بأن الصين وروسيا وغيرها من الدول مستهدفة بأجندات باطنية، وبأن عملاء التدخل الخارجي يعملون على “رعاية” جواسيسهم وكلابهم الضالة في دول عديدة ومنها العربية وصولاً الى جر الجماهير غير المسيسة وراءهم، فتكريس الكون أمريكياً وإسرائيلياً..
*كاتبة وممثلة العالم العربي في اللجنة التنفيذية لرابطة الصحافة الروسية في العالم.