العبادة والتصدق أهم ملامح حياة مسلمي الصين خلال شهر رمضان
موقع مصراوي الالكتروني:
كغالبية أفراد الأمة الإسلامية فى شتي أرجاء المعمورة، يبدأ المسلمون في الصين والذين يبلغ عددهم حوالي 22 مليونا، ويتركزون في مناطق شمال غربي البلاد، الاستعدادات وزيادة الطقوس والعبادات الخاصة بالعشر الأواخر من شهر رمضان المعظم والذي يطلق عليه بالصينية (باتشاي)، وترقب عيد الفطر عقب شهر كامل من الصيام والعبادات.
ومسلمو الصين لهم عادات وتقاليد خاصة جدا تميزهم عن غيرهم، حيث تنتشر المساجد وتحيط بها المطاعم التي تقدم الأطعمة الإسلامية الحلال، وتتضمن وجبات شرقية والحلوى الرمضانية الشهيرة في الدول العربية بجانب أكلات وحلويات المطبخ الصيني الذي يخلو من الكوليسترول والملح والدهون، فيما تتميز ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان بالصلاة في المساجد وخاصة صلاة التراويح والتهجد والقيام والتي يحرص عليها الصينيون.
ولا يجلب شهر رمضان شيء من الخصوصية لنمط حياه المسلمين الصينيين، خاصة مع أعدادهم بالمقارنة لعدد سكان الصين عدا الأماكن ذات الكثافة العالية التي يتجمع فيها المسلمون، لذا فإن رمضان في المجتمع الإسلامي الصيني يركز على المناطق ذات التجمع الانفرادي للمسلمين أويشكلون أغلبية سكانية، كمنطقة (نينغشيا) ذاتية الحكم وذات الأغلبية السكانية من قوميه الهوى (إحدى الـ 56 قومية التي تتكون منها الصين، وهي أكبر القوميات المسلمة العشر في البلاد) إضافة إلى منطقة (شينجيانغ) ذات الأغلبية من قومية (الويغور) المسلمة ذات الحكم الذاتي المستقل.
وشهر رمضان في هذه الأماكن مثله مثل باقي البلاد الإسلامية، حيث يستعد المسلمون لرمضان بأفضل ما يملكون، فيكون الاستعداد اقتصاديا، بجمع الأموال لشراء مستلزمات العادات المتبعة في الشهر الكريم ، واجتماعيا حيث يجمع شمل الأسرة في رمضان، وكما الحال فى بلداننا العربية ينفق القادرون بسخاء من أموالهم، ويعطون فقراء المسلمين وتمتلىء المساجد بالموائد الرمضانية الغنية بشتى أنواع المأكولات.
وكل مسلم في الصين لا يأتي إلى المسجد إلا وقد أحضر من بيته ما يستطيع حمله من المأكولات والمشروبات حتى يشارك إخوانه ويستمتع بتناول الإفطار معهم، ثم ينصرفوا الى صلاة التراويح والتهجد، وكذلك دروس توعيه دينيه يقوم بها الأئمة في المساجد.
ويقل الاحساس بالشهر الكريم في المدن الكبيرة خاصة بكين التي يقتصر الاحتفاء برمضان فيها على الجاليات العربية التي تقيم حفلات الإفطار لمواطنيها، ثم يتوجهون بعد ذلك إلى مسجد السفارة السودانية، وهو المكان الذى يجتمع به المسلمون بالعاصمة الصينية لأداء الصلوات سواء فى رمضان أوكل يوم جمعة، إضافة إلى صلاة العيدين الفطر، والأضحى.
ولا يتعجب السائر بجانب العديد من الكافتيريات الصينية والعربية المنتشرة في عدد من المدن الصينية الكبرى من رؤية مواطن صيني يتوجه إلى أحد هذه المطاعم التي تقدم الشيشة العربية ليشارك الجاليات العربية، هذه العادة التي أصبحت ليست حكرا على العرب فقط بل أيضا الصينيين من الجنسين، وكأنك تعيش ليلة بأحد المقاهي المصرية.
وعند حلول وقت الإفطار يأكل المسلمون الصينيون أولا قليلا من التمر والحلوى ويشربون الشاي بدون سكر، ثم يتوجهون إلى المساجد القريبة لصلاة المغرب، وبعد الانتهاء يتناولون الإفطار مع أفراد العائلة، ويصلي المسلمون هناك صلاة التراويح عشرين ركعة، ويحرصون على أداء الصلاة وتلاوة القرآن وإحياء ليلة القدر، ويبدأ الدعاة وأئمة المساجد في إلقاء دروس للمسلمين حول تعاليم القرآن.
وفي المناطق التي يعيش بها المسلمون الصينيون أنفسهم بجانب طوائف أخرى كطائفة (الهان) ، التى تعد أكبر مجموعة عرقية في الصين، يتميز شهر رمضان بالتسامح الشديد حيث يحرص مسلمو الصين خلال المناسبات الدينية على تقديم أطعمتهم التقليدية الرمضانية لجيرانهم من (الهان) ، وفي نفس الوقت يعطي(الهان) بدورهم الهدايا لجيرانهم المسلمين.
ومن المظاهر التي تزيد مع اقتراب عيد الفطر المبارك في الصين، هو تزيين المساجد مع بداية شهر رمضان بالأعلام والأوراق الملونة تعبيرا عن فرح وسعادة المسلمين هناك بحلول الشهر الكريم، ولكن رغم ذلك فإن فانوس رمضان المعروف لدينا في مجتمعاتنا العربية خاصة في مصر وهو غاليا كان صناعية صينية، لا يظهر هناك، فكما هو معروف هذا الفانوس الذى يأخذ أشكالا كثيرة وأحيانا مشاهير الفنانين ولاعبي كرة القدم يصنع خصيصا لمجتمعاتنا العربية وفى مصر فقط ولا يتداول أو يتم تسويقه بين الصينيين.
ومن العادات الكريمة أيضا تجمع الكبار والصغار بالمساجد، حيث يجلسون جميعا لقراءة القرآن الكريم وذكر الله العلى العظيم، كما يوزع القادرون الصدقات على المصلين بعد صلاة التراويح وعادة ما يكون مبلغا بسيطا من المال ويتراوح من خمسة إلى عشرين يوانا صينيا ويختلف هذا المبلغ من شخص لآخر حسب قدرته.
كما يوزع المسلمون الصينيون الخبز والأطعمة التقليدية على الأصدقاء والأقارب والجيران حيث يعتبر هذا العمل من العادات والتقاليد عند المسلمين في رمضان وفي الوقت نفسه يعتبر صدقة خلال الشهر الكريم.
وفي منطقة (نينغشيا) الذاتية الحكم لقومية هوى، التي تتمتع بأغلبية مسلمة، تظهر حالة الخصوصية في المجتمعات الصينية المسلمة خلال شهر مضان المبارك، حيث يكثر تبادل الزيارات بين الأصدقاء والزملاء والأهل وتكثر الموائد التي يجتمع حولها كل أفراد الأسرة الكبيرة.
كما تستضيف الأسر المسلمة أئمة المساجد ، ولن ترى على موائد مسلمي الصين الكنافة والقطائف والبسبوسة والعرقسوس والسوبيا والتمر، وبدلا منها يحرص الصينيون على صنع الحلوى التقليدية والمشروبات الساخنة كالشاي التقليدي الذي تصل أنواعه إلى عدة آلاف.