الغضب الصيني يصل إلى مطاعم السوشي اليابانية
موقع صحيفة الشرق الاوسط الالكتروني:
تصاعدت حدة التوترات بين الجارتين، الصين واليابان، عقب قيام مجموعة من الناشطين اليابانيين هذا الأسبوع بالنزول على جزيرة متنازع عليها وبرفع العلم الياباني.
أثارت الواقعة الاستياء على مستوى الرأي العام والحكومة الصينية، وأوردت وكالة الأنباء الرسمية، «شنخوا»، اندلاع مظاهرات مناوئة لليابان في ست مدن على الأقل.
كان عشرة ناشطين يابانيين قد سبحوا إلى جزيرة غير مأهولة تقع ضمن سلسلة من الجزر التي تطلق عليها اليابان اسم جزر «سنكاكو»، فيما تسميها الصين جزر «داياو»، وكانت خاضعة لسيطرة اليابان منذ أمد بعيد، لكن الصين تزعم أحقيتها فيها أيضا.
كان وزير الخارجية الصيني قد طالب اليابان يوم السبت الماضي بالتأكد من عدم وصول أي ناشط ياباني إلى الجزيرة. وعاد الوزير ليحث طوكيو على كبح جماح الناشطين خشية أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الشقاق بين البلدين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، قين غانغ، في بيان على موقع الوزارة: «قامت عناصر تنتمي إلى اليمين الياباني بانتهاك سيادة الأراضي الصينية بصورة غير مشروعة. وقد قدم المسؤولون المعنيون من وزارة الخارجية الصينية احتجاجا شديد اللهجة للسفير الياباني، مطالبين اليابان بوقف الأعمال التي تنتهك السيادة الصينية».
ينتمي الناشطون إلى مجموعة من أعضاء البرلمان والسياسيين المحافظين الذين وصلوا إلى الجزيرة في أسطول يزيد على عشرين قاربا. ولم تعلن قوات خفر السواحل اليابانية عن أسماء الناشطين الذين نجحوا في الوصول إلى شاطئ الجزيرة.
تأتي هذه الواقعة بعد أربعة أيام من نزول 14 ناشطا من هونغ كونع وماكاو والصين على الجزيرة ذاتها، أوتسوري، وقد تمكن نصفهم من الوصول إلى شاطئ إحدى الجزر ورفعوا أعلام الصين وتايوان وهونغ كونغ.
لكن قوات حرس السواحل اليابانية اعتقلت الناشطين الأربعة عشر، ثم أفرجت عنهم يوم الجمعة الماضي دون توجيه اتهامات لهم. عاد سبعة منهم جوا إلى هونغ كونغ مساء يوم الجمعة، فيما عاد الباقون بحرا في قاربهم.
وقد ظهرت أدلة جديدة خلال نهاية الأسبوع الماضي على فشل الصين في وقف مجموعة الناشطين الأولية من السفر إلى سلسلة الجزر المتنازع عليها.
وقالت شرطة هونغ كونغ في بيان لها إن الشرطة قامت بغارة يوم 12 أغسطس (آب) لاعتراض قارب الناشطين، «كاي فونغ2»، قبل مغادرة المياه الإقليمية. وعندما تجاهل القارب إشارة التوقف، صعد أربعة من رجال الشرطة على متن القارب ليفاجأوا بأن الممر إلى كابينة القيادة والمقصورة وغرفة المحرك مغلق.
ولدى اقتراب القارب من المياه الدولية، غادر الشرطيون الأربعة القارب دون محاولة اقتحامه، بحسب بيان الشرطة الذي يؤكد رواية المواجهة التي نشرت في طبعة من صحيفة «ذا ثاوز تشاينا مورنينغ بوست».
وقالت وزارة البحرية إنها منعت الناشطين الذين كانوا على متن القارب من مغادرة هونغ كونغ في الثالث من يناير (كانون الثاني) الماضي، مؤكدة حينها أن القارب «كاي فونغ2» قارب صيد وأنه لم يكن آمنا أو مؤهلا للقيام برحلات غير الصيد.
من جانبها، قالت الشرطة إن وزارة البحرية طلبت وقف القارب بموجب الأمر الذي يعطي الوزارة سلطات إلزام أي شخص بالحصول على تصريح قبل مغادرة هونغ كونغ بحرا.
ازداد الرأي العام الصيني، الملتهب بالفعل، تشددا بعد ترحيل اليابان الناشطين، حيث اندلعت مظاهرات يومي السبت والأحد في ست مدن صينية على الأقل، وبحسب ما ذكرته وكالة «شنخوا»، فقد تظاهر أكثر من مائة شخص أمام القنصلية اليابانية في غوانغ زهو يوم الأحد رافعين اللافتات والأعلام الصينية.
لكن الصور التي نشرت على موقع «سينا ويبو»، خدمة التدوين المصغرة الأكثر انتشارا في البلاد، أشارت إلى أن الحشود كانت أضخم. فتظهر الصورة التي التقطت لمظاهرة في مدينة تشينغ دو جنوب غربي الصين مشاركة عشرات الآلاف من الأشخاص. وتقول إحدى اللافتات: «دافعوا عن جزر داياو حتى الموت». وكتب على أخرى: «حتى وإن امتلأت الصين بالقبور، يجب أن نقتل اليابانيين».
وتظهر صورة أخرى لافتة كتبت بخط اليد وعلقت في مدخل «سانينغ»، متجر إلكترونيات شهير، أنه لم يعد يبيع البضائع اليابانية.
اتخذت بعض المظاهرات طابعا عنيفا؛ فبحسب العديد من التعليقات، هاجم المتظاهرون مطاعم السوشي اليابانية أو الشركات الأخرى التي يفترض أنها على صلة باليابان. وظهر كثير من الصور التي قيل إنها التقطت في مقاطعة شين زين على الجانب الآخر من الحدود مع هونغ كونغ، ما بدا سيارات محطمة أو مقلوبة بما في ذلك سيارات للشرطة.
لقيت المظاهرات موافقة من جانب الشرطة التي تحظر على الأغلب المظاهرات العامة ما لم تتوافق وحاجة الحزب الشيوعي.
في الماضي، كانت بكين تسمح بالتعبير عن الشعور الوطني في المظاهرات، لكن السلطات عادة ما كانت تحتويها بسبب المخاوف من إمكانية الخروج عن السيطرة أو التطور إلى مظاهرة مناوئة للحكومة. وهو ما حدث بالفعل حيث عبر العديد من التغريدات التي نشرت على المدونات الصغيرة عن حنقه على اليابان، وعبر عدد كبير في الوقت ذاته عن حنقه تجاه موقف الحكومة الصينية المتخاذل، لكن الكثير من هذه التعليقات سرعان ما أزيل.
يوم الأحد عقدت صحيفة «غلوبال تايمز»، ذات التوجه القومي المملوكة لصحيفة «الشعب» اليومية، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي، حلقة دراسية مرتجلة عن الأزمة طالب فيها كثير من المشاركين بعمل أكثر تطرفا. وخلال الندوة، طالب المحلل الصيني داي تشو الجيش الصيني بمصادرة السفن اليابانية. وطالب الميجور جنرال لو يوان، أحد المشاركين في الندوة، بكين بإرسال 100 سفينة للدفاع عن الجزر. وقال: «نحن بحاجة للرد على اليابان بقوة مماثلة. وإذا لزم الأمر، فيمكننا أن نجعل جزر داياو مرمى لنيران القوات الجوية الصينية ونزرع الألغام من حولها».
لكن هو تشيجين، رئيس تحرير «غلوبال تايمز» ومنظم الندوة، طالب بضبط النفس، وهو ما يمثل خروجا عن المألوف في كتاباته العسكرية بشأن النزاعات الإقليمية الصينية. وقلل مما قام به الناشطون اليابانيون الذين وصفهم بـ«قرود اليمين المتطرف المستفزون»، وقال إن «هذا العمل الاستفزازي لا يستحق شن حرب واسعة النطاق بين البلدين». وكتب: «أيها الشعب الصيني، من فضلكم لا تفرطوا في غضبكم تجاه هذا العمل، يكفي أن تعتبروهم مجرد قرود، يجب أن نتحلى بمزيد من الثقة، وأن نرى اليابان من منظور عالمي». المواجهة بين اليابان والصين على الجزر المتنازع عليها أو القريبة منها تحمل مقومات التحول إلى وقائع دولية، فقد أوقفت الصين صادراتها من المعادن النادرة إلى اليابان قرابة شهرين بعد اعتقال خفر السواحل الياباني سفينة صيد صينية في سبتمبر (أيلول) 2010 التي اصطدمت بقارب خفر السواحل لدى اعتراضها بالقرب من إحدى الجزر.