الصين ثراءٌ للأُممِ وأمريكا قبرٌ لها
صحيفة الديار الاردنية:
م. يلينا نيدوغينا*:
مقالة ودراسة متناقضتين ومتعارضتين وخطيرتين اطّلعت عليهما مؤخراً: إحداهما تتحدث عن نشاط الصين من أجل خير الناس، والأخرى عن أمريكا الساعية الى وأدهم!. الأولى بعنوان “تفوّق الصين الشعبية يزيد الامريكيين ثراءً!”، وقد نشرها الصحفي “نيال فيرجسون” في صحيفة “فاينانشيال تايمز”، وتلقى بسببها انتقادات لاذعة من أرباب النظام الأمريكي، وهي الانتقادات نفسها التي لحقت به بسبب نشره مقالة اخرى في مجلة ”نيوز ويك” تحت عنوان استفزازي هو ”سِر على الطريق يا باراك”. يتحدث فيرجسون في مقالته الاولى عن تقدّم الصين الصناعي والاقتصادي على إتّساعه، وأثره المستقبلي الايجابي على الولايات المتحدة الامريكية والشعب الامريكي.
أما الدراسة الآخرى، وهي شاملة، فقد إجترحها أستاذ الإنسانيات واللغات الحديثة ومدير البرنامج العربي في جامعة “سفك” في بوسطن في الولايات المتحدة، السوري المولد، منير العكش، كشف فيها عن وجود خطط أمريكية لزرع العقم في ملايين الأمريكيين وغيرهم في دول “العالم الثالث”، بدافع عنصري وعدواني بحت هو الحفاظ على ما يسمى “صفاء” و تميز” جنسي في الولايات المتحدة نفسها، ومحاربة الفقر والقضاء على النمو السكاني في العالم!!!.
يتناول الزميل فيرجسون رسماً بيانياً يوضح بأن توقّعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أنه وبناء على الاتجاهات الحالية ستتفوق الصين على الولايات المتحدة، لتصبح هي صاحبة الاقتصاد الأكبر على مستوى العالم في عام 2017.
يقول الكاتب بهدوء بأن لدى المنتقدين وجهة نظرهم. فلا أحد يستطيع التشكيك في الادعاء (الوارد في رسم بياني بعنوان ”أمة تفقد مكانتها”). لكن هذا الحدث ليس بمثابة اتهام لسياسة الاقتصاد الأمريكي في عهد الرئيس أوباما أو أسلافه. فلدى الصين أربعة أضعاف الكثافة السكانية الموجودة في الولايات المتحدة. وبمُعَادل القوة الشرائية هذا يعني أن الأمريكيين مازالوا في المتوسط أغنى أربع مرات من الصينيين. ويستطرد، بالطبع الأعمال التجارية الأمريكية والاقتصاد الأمريكي في حاجة ماسة إلى أن تواصل الصين نموها، فلا يجب على الرئيس أوباما أن يشعر بالحرج عندما يتفوق الاقتصاد الصيني على اقتصاد الولايات المتحدة، بل يجب أن يصاب بالأرق إذا كانت هناك أي مؤشرات على فشل الصين في ذلك!. وعلى هذا الأساس، ينبغي أن تكون الصين سبباً في ليال طوال بلا نوم في البيت الأبيض!.
ويشتهر المحللون الغربيون بعصبيتهم تجاه البيانات الرسمية الصينية. ومع ذلك، فإن أسعار السلع الأساسية هي خير دليل. فقد تراجعت أثمان الحديد المتأثرة خصوصاً بالطلبيات الصينية، بمقدار الثلث منذ نيسان (أبريل) الماضي. وأسعار النحاس أيضا غارقة في الانخفاض (لاحظوا: في الاردن تستمر اسعارها في الصعود! – ملاحظة الكاتبة).
يغرق الكاتب فيرجسون بتحليل مالي للاقتصادات الامريكي والاوروبية، ووضعها واسهمها والطلبيات عليها، وابعاد فعالياتها وعلاقاتها المُتعرِّضة للصين، ويستعرض قوة الدفع الصينية وطبيعة شركات التعدين الغربية التي لا تستطيع مواجهة حذر المستثمرين بشأن محاولات الصين إعادة تركيز النمو بعيداً عن المشاريع الاستثمارية وتوظيفاتها وتحويله نحو الاستهلاك. ويُشير الى الحالة التي يصفها بـ”المزاجية” للتنفيذيين في الصناعات الرأسمالية الغربية بشأن عواقب القرارات الاستثمارية في الصين وقلقهم منها، وعلاقته بالخفض المستمر بالإنتاج السلعي الغربي.
“المتفائلون” كما يصفهم فيرجسون من المسؤولين الغربيين، يأملون بأن تتمكن الصين من “الارتداد” وأن تنفذ تحوّلها التنموي بنجاح، بغية ازدياد الطلبات منها في المستقبل ولعقد ونصف قادمين.
يَخلص الكاتب الى نتيجة “واضحة” للولايات المتحدة، إذ يقول بأن كل فرد امريكي “يحتاج لأن يدعو بأن تتفوق الصين بالفعل على الولايات المتحدة في الموعد المحدد، وهو ثلاث سنين من الآن، لأن ذلك يساعد الأمريكيين على أن يزدادوا ثراء!”.
في مكان اخر، نرى في دراسة الباحث منير العكش الصادرة في كتابه المعنون “أمريكا والإبادات الجنسية: 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض”، الصادر عن “دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت”، نعثر على إيضاحات حيال قضايا عالمية كثيرة تمس كل إنسان. وسأقصر حديثي هنا على واحدة منها واستكمل الحديث في مقالة اخرى: فصهاينة الولايات المتحدة على مِثال روكفلر، وامبرطور الإعلام وليام هيرست، والسيدة هاريمان، أرملة متعهد السكك الحديدية، ومؤسسة كارينجي، وغيرهم من اللفيف إيّاه، يخصّصون الملايين لتعقيم مئات الآلاف من الأمريكيين من ضِعاف العقول سنوياً “بهدف تحسين النسل”، وضمن سياق هذا العدوان التاريخي تشتري اموال هؤلاء الاباطرة “حكومات الولايات المتحدة وتخرق الدستور وتحتفظ بسلاح خاص لقتل الرجال والنساء والأطفال”.
تستند ابحاث العكش على وثائق عديدة منها تلك التي وضعها الثعلب الصهيوني هنري كيسنجر، واشارت “في سطرها الأول إلى أنها صِيغت بتوجيه من الرئيس جيرالد فورد، وترسم بدم بارد خطة لتعقيم وقطع دابر نسل “13” دولة في العالم الثالث، بينها مصر، وذلك في مهلة لا تزيد على “25” سنة.
اتصالاً بكل هذه المخططات الجهنمية، نلاحظ وجود محاولات حثيثة لتحييد القوات المسلحة المصرية، والقوات الجزائرية ايضاً التي تدار لها الدوائر حالياً، وتغيير عقيدتها العسكرية، لكون القوات المصرية قد بلغت شأوناً هائلاً من التطور العسكري والتكنولوجي كما هي الجزائرية، وتتواصل المحاولات منذ السبعينات المنصرمة. الهدف هو عزل مصر وجيشها عن الوطن العربي وقضاياه المصيرية كما والجزائرية. وفي هذا السياق تجهد الشخصيات الصهيونية المذكورة ومن خلال الدول الاستعمارية السابقة في اختراق مصر والجزائر وبقية الدول العربية، وبكل الأشكال ومنها المنظمات السياسية المُخترقة ذات التوجيه الدولي والعابر للمحليات والاقليميات، لتقليص عديد سكانها، وبالتالي تقهقر دورها العربي والكوني، ولإحباط تأثيرها القومي والعالمي بهدف تبرير نظريتهم العدوانية التي يسمونها “الحمولة السكانية الزائدة” التي تُلقي بخطرها الاكبر حالياً على بلدان “الشرق العربي”.
*كاتبة روسية وممثّلة العالم العربي في اللجنة التنفيذية الدولية لرابطة الصحافة الروسية في العالم.