مستقبل العلاقات الأميركية الصينية
قام الرئيس الصيني المعين حديثاً، شي جينبينغ، بزيارته الأولى إلى الولايات المتحدة الأميركية في مايو 1980. وكان حينها ضابطا برتبة متواضعة يبلغ من العمر 27 عاما، وقد جاء برفقة نائب رئيس مجلس الدولة آنذاك، والمسؤول العسكري الأول في الصين، جينغ بياو.
عندئذ لم تكن لدى الأميركيين أسباب مهمة للانتباه إلى شي جينبينغ، لكن رؤساءه رأوا إمكانياته. وفي السنوات الـ32 التي تلت ذلك، ازدادت مكانة شي جينبينغ بالتوازي مع قوة الصين الاقتصادية والعسكرية. ويشكل صعود حاشيته إلى قمة السلطة، علامة على تقاعد الجيل الأخير من القادة الذين عينهم دينغ شياو بينغ، والذين لا يزالون رغم ذلك يتمتعون بالنفوذ.
ورغم ثقل الصين الكبير في الشؤون العالمية، إلا أن شي سيواجه ضغوطا داخلية أكثر مما كان يتوقع، وهذه الضغوط ستضعف الصين عموماً. فقد وصل النموذج الاقتصادي للصين القائم على التصدير، إلى حدوده القصوى، وعملية الانتقال إلى نمو قائم على الداخل سيزيد الاحتكاك الداخلي.
ومعالجة عدم الاستقرار من خلال القمع أصبحت أموراً من الماضي، حيث تعج البلاد بالتمدن السريع والإصلاح الاقتصادي والتغيير الاجتماعي. كما ستشكل الصراعات العرقية في المناطق النائية أيضا، اختباراً لسيطرة تشي السياسية.
والسياسة الخارجية للصين تشكل سبباً آخر يدعو إلى القلق، حيث يفيد تاريخ أميركا بأن القوى الصاعدة ستتنافس مع قوى الوضع الراهن حتما، وبأن هذا الصراع في الغالب يقود إلى الحرب.
وفي الوقت الراهن، فإن اختلال التوازن الكبير في التجارة الثنائية يفاقم التوتر بين أميركا والصين، وهذا الأمر لا يمكن تقليصه بشكل آمن إلا من خلال تغيير في السلوك لدى الجانبين، أو بشكل غير آمن من خلال إصلاحات تدفع بها الأزمة.
والأمر الذي يدعو إلى القلق المباشر هو مطالبة الصين بمناطق، لا سيما في بحر الصين الجنوبي وفي مناطق حدودية مع الهند، وجهودها لتوسيع نفوذها على الدول المجاورة.
وقد تكون الطريقة المثلى لتفادي المواجهة، تتمثل في التعاون في وجه التهديدات الخارجية المشتركة، لا سيما انتشار الأسلحة النووية، وتغير المناخ والتشدد، لكن مجرد الوصول إلى عام 2030 من دون مواجهة كبيرة سيمثل إنجازا مهما.
ورغم أن أميركا ستكون لها على الأرجح اليد الطولى في ما يتعلق بالقوة العسكرية، على مدى الـ15 إلى 20 سنة المقبلة على أقل تقدير، إلا أن الحروب اللامتماثلة يمكن أن تقوّض هذه الميزة لأميركا، إذا ما انخرطت الصين في هجمات على الأنظمة الإلكترونية وأنظمة الأقمار الاصطناعية، إلى جانب هجمات على البنية التحتية الأميركية.
ورداً على قدرة الصين على فرض قوتها على بعد مئات الأميال من حدودها، يتعين على أميركا تطوير طائرة مهاجمة طويلة المدى، قادرة على اختراق الدفاعات المعقدة للصين وفرض القوة.
فالمصالح الأمنية الأميركية تنتقل إلى منطقة المحيط الهادئ، في الوقت الذي يعتمد الأميركيون على قواعد برية متقدمة تزداد ضعفا، وأساطيل حاملات طائرات تكتيكية لديها نطاق قتالي يتراوح ما بين 482 إلى 805 كيلومترات.