انعقاد ندوة العلاقات الصينية ـ العربية ومعرض صور “رحلة إلى بلاد العرب” في بكين
صحيفة الشعب الصينية:
إن العلاقات بين الصين والدول العربية تضرب جذورها في قديم الزمان، وقبل أكثر من 2000 عام ربط طريق الحرير القديم الصين بالدول العربية ربطا وثيقا وترك تراثا نفيسا يجسد مجد وروعة الحضارتين الصينية والعربية.
ودخلت العلاقات الصينية العربية حقبة جديدة بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية حيث أقامت الصين على مراحل علاقات دبلوماسية مع الدول العربية. ومع حلول القرن الجديد، شهدت هذه العلاقات تطورات سريعة في كافة المجالات، وخاصة بعد تأسيس منتدى التعاون سنة 2004 الذي تم التوقيع خلال الدورة الأولى لاجتماعه الوزاري المنعقد بالقاهرة يوم 14 سبتمبر 2004، على وثيقتين مهمتين هما إعلان منتدى التعاون الصيني العربي والبرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي، هاتين الوثيقتين اللتين دعتا إلى تقوية العلاقات السياسية على أساس الاحترام المتبادل، وتكثيف التبادل الاقتصادي والتجاري بهدف تحقيق التنمية المشتركة، وتوسيع وتعميق التواصل الثقافي بما يحقق الاستفادة المتبادلة، وتعزيز التعاون في الشؤون الدولية بهدف تحقيق وصيانة السلام العالمي ودفع التنمية المشتركة.
وبفضل الجهود المشتركة من الجانبين في السنوات الماضية، تم إنشاء أكثر من 10 آليات للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، ودخل المنتدى إلى مسار النمو المتوازي في مختلف المجالات وعلى مستويين رسمي وشعبي، وحقق نتائج ملموسة في ترسيخ الصداقة وتنمية التعاون بين الصين والدول العربية.
وفي نفس الاتجاه، وقّع الجانبان الإعلان المشترك بشأن إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية على هامش الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي أقيم في مدينة تيانجين في ماي 2010.
إنّ الصين تحترم الدول العربية وخصائصها الدينية، وتدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود (1967م)، والمسعى الفلسطيني للانضمام إلى منظمات الأمم المتحدة. وفي هذا الصدد، صوتت الصين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012 لصالح قرار يقضي بمنح فلسطين صفة دولة مراقبة غير عضو. وإنّ العلاقات العربية الصينية هي علاقات صداقة وتضامن وتعاون وليس فيها توتر على مختلف المستويات، وينظر العرب لتقوم الصين بدور فاعل في دعم قضاياهم على المستوى الدولي وما يرتبط بالشرق الأوسط.
إنّ واقع الحال إزاء المصالح العربية والصينية قد اقتضى من الطرفين البحث المستمر عن آليات ووسائل تحقق رفع مستوى التشابك والتعاون بين الطرفين على مختلف المستويات وهو ما ساهم في إنشاء المنتدى العربي-الصيني.
المصالح العربية التي يمكن للجانب الصيني أن يساهم في تحقيقها نذكر خاصة :
1- تشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يحقق استقراراً سياسياً.
2- دعم دور العرب في عملية بناء نظام دولي يتمتع بالنزاهة والعدالة، ويحقق للعرب مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي.
3- دعم الموقف العربي والفلسطيني لجعل إسرائيل تتجاوب مع الحقوق الفلسطينية والعربية وخاصة تلك المتعلقة بإنهاء الاحتلال ووقف عدوانه على الشعب الفلسطيني.
4- تطوير التعاون العربي-الصيني لبلورة موقف حضاري لسياسة حكيمة في التعامل مع ظاهرة الإرهاب الدولي تستند إلى شرعية المقاومة ضد الاحتلال العسكري بكافة الوسائل، ومحاربة أعمال الإرهاب المنظم ضد الأبرياء والمدنيين دون تمييز مهما كان مصدرها، ووضع إستراتيجية مشتركة مع العرب لإقرار هذه التوجهات في الأمم المتحدة.
5- تطوير التعاون العربي-الصيني في مجالات الأمن والقدرات العسكرية.
6- الاستفادة من تطور القوة الاقتصادية الصينية والإمكانات الهائلة للصين في مجال الاستثمار.
7- المساعدة في تطوير الصناعة والتكنولوجيا في البلدان العربية.
المصالح الصينية التي يمكن للجانب العربي أن يساهم في تحقيقها نذكر خاصة :
– دعم الصين كقوة دولية اقتصادياً وسياسياً في المنظومة الدولية.
– تقديم ما يدعم حاجاتها في التنمية الاقتصادية. ويبرز النفط هنا، على سبيل المثال لا الحصر، كعامل خارجي أساسي في دعم نمو الصين، بسبب حاجاتها المتزايدة له. وبالطبع فإن الحجم الأكبر من الصادرات العربية تمثّل في النفط، ولو تم استثناؤه لظهر الميزان التجاري بين الطرفين مختلاً، بفعل ما يستورده العالم العربي من الصين من مصنوعات وآلات وسلع أخرى لا حصر لها.
إن حجم التبادل التجاري بين الجانبين قفز من 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2004 إلى مائتين (200) مليار دولار أمريكي في عام 2012، وقد أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، بينما أصبحت الدول العربية سابع أكبر شريك تجاري للصين. وهناك تفاؤل بشأن مستقبل هذه العلاقات التي قد يصل حجمها إلى 300 مليار دولار أمريكي مع حلول عام 2014.
وتسعى الصين إلى فتح الأسواق العربية لصادراتها وتطبيق أنظمة الإعفاءات الجمركية المتبادلة بين الطرفين.
أما على صعيد الاستثمار، فإن النشاط الاستثماري الصيني في العالم العربي عرف تزايداً منذ السنوات الأولى للقرن الحادي والعشرين، إلاّ أنّه ظل حتى نهاية 2007 متواضعاً إجمالاً، إذ بلغ 5 مليارات دولار، تتركز في الصناعات الخفيفة والتجارة والإنشاءات والتنقيب عن النفط.
وبالنظر إلى الإمكانيات الاستثمارية الكبيرة للطرفين، وما يتوافران عليه من مداخيل مالية عالية، فإن باب “الاستثمار” ما يزال يمثّل فرصة متاحة لتوثيق العلاقة العربية بالصين.
وقد أنشأ الجانبان سلسلة من الآليات المهمة مثل مؤتمر رجال الأعمال ومؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة، وأقيمت في إطارها فعاليات مكثفة ومثمرة.
– ومن جانب آخر، لا يمكن فصل التبادلات الثقافية عن التبادلات الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول العربية لكون أنها تساعد على زيادة التفاهم المتبادل بين الجانبين. وعليه ثمة ضرورة لفتح المجال للتبادل الثقافي بين الصين والعرب وتحقيق الإسهام المشترك لتوفير قواعد التعاون والحوار الحضاري كإستراتيجية إنسانية عامة.
الإشكالات التي قد تقف في وجه العلاقات الصينية العربية هي:
1- محاولات التشويه والتشويش التي تقوم بها عناصر دولية معادية، بهدف بث الفرقة والتشكيك والاختلافات في علاقات الطرفين.
2- الاختلال المزمن لميزان التجارة بين الصين والدول العربية.
3- نقص الاستثمار الصيني في المجالات خارج قطاع الطاقة.
4- ضعف معايير مراقبة جودة السلع المصدرة.
5- هشاشة الوضع القانوني للجالية الصينية في الدول العربية وللجاليات العربية في الصين.
خامسا: مقترحات وبرامج لتطوير العلاقات بين الطرفين:
في المجال السياسي:
– السعي لوضع آليات تشاور سياسي على المستوى الثنائي لكل الدول العربية في علاقاتها مع الصين.
– تكثيف الزيارات على أعلى مستوى بين الجانبين والعمل على إبرام اتفاقيات لتحقيق التأطير القانوني لمختلف مجالات التعاون.
– التأكيد على الدعم العربي للصين في مصالحها الحيوية خاصة ما تعلق منها بوحدتها الترابية.
– حث الصين على المساعدة في منح الدول العربية مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي.
– مزيد دعم الصين للقضية الفلسطينية.
– دعم منتدى التعاون العربي الصيني.
– التعاون في القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك ومنها تطبيق القانون الدولي بعدالة ودون تمييز وإصلاح المنظمة الأممية ومواجهة ظاهرة الإرهاب وتمييزها عن المقاومة المشروعة ضد الاحتلال والتوصل إلى وثيقة دولية تقوم على هذه القاعدة القانونية.
في المجال الاقتصادي:
– زيادة وتطوير التبادل الاقتصادي، وفتح مصانع صينية في الوطن العربي، ونقل التكنولوجيا إليه.
– رفع حجم الاستثمارات والسعي إلى إحداث تكافؤ في الميزان التجاري.
– منح امتيازات لشركات الطرفين.
– إنشاء مناطق تجارة حرة بين الصين والدول العربية.
في المجال الثقافي:
– تبادل المعلومات والوثائق والأفكار بين المؤسسات والأفراد المثقفين في الطرفين.
– تطوير التبادل الثقافي وتعلم اللغات لدى الطرفين.
– عقد الندوات والمؤتمرات المشتركة بين المؤسسات المتشابهة.
– دعم حوار وتعاون الحضارات.
– إجراء التوأمة بين المكتبات الوطنية للجانبين.
– تشجيع فتح مراكز ثقافية صينية في الدول العربية ومراكز ثقافية عربية في الصين.
– تشجيع التعاون في مجال الترجمة والنشر للمؤلفات العربية والصينية.
– تنظيم معارض مشتركة وفعاليات ثقافية بين الدول العربية والصين.
في المجال الإعلامي:
– محاربة محاولات التشويه والتشويش على العلاقات العربية الصينية.
– التواصل مع النخب الإعلامية والثقافية ومراكز الفكر في الصين لتصحيح المفاهيم وعرض القضايا العربية العادلة من خلال عقد الندوات والمحاضرات في الجامعات والكليات الصينية.
– مواصلة التعاون في مجال الإعلام والنشر وتشجيع تبادل الزيارات والمشاركة في المعارض والاجتماعات الدولية ذات الصلة.
– دعم التعاون بين وكالات الأنباء ومحطات التلفزيون وإعداد برامج مشتركة وترجمة ودبلجة الأعمال الفنية.
– دعم مشاركة مؤسسات النشر في معارض الكتب الدولية التي تقام في الجانب الآخر.
في المجال العلمي والتقني:
– تشجيع التعاون والتبادل في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجي والتواصل الأكاديمي والتعليم والتدريب المهنيين.
– تنفيذ اتفاقيات التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي وزيادة نسبة تبادل المنح والطلبة وتوسيع تخصصاتهم.
– تشجيع تعليم اللغة الصينية في العالم العربي عبر فتح مراكز كونفشيوس وتعليم اللغة العربية في الصين.
– تشجيع الزيارات المتبادلة والبحث والتطوير المشترك وإقامة المشاريع النموذجية التكنولوجية والتدريبات ونقل التكنولوجيا.
– تشجيع إنشاء مراكز متخصصة في الدراسات الصينية بالدول العربية ومثيلات لها في الصين.
في المجال الأهلي:
– تعزيز التعاون بين فئات الشباب والنساء وبين البرلمانيين العرب والصينيين.
– تعزيز التبادل والتعاون بين المؤسسات التشريعية والمنظمات الأهلية لدى الجانبين.
– دعم مؤتمر الصداقة العربية الصينية.
في المجال القنصلي:
– السعي إلى إبرام اتفاقيات ثنائية لتسهيل الإقامة والتنقل لرعايا الطرفين والحفاظ على حقوقهم.
في المجال العسكري والأمني:
تعزيز التعاون في هذين المجالين الحيويين.