سورية في السياسة الصينية (1)
موقع الصين بعيون عربية ـ
مروان سوداح*:
كانت جمهورية الصين الشعبية منذ تأسيسها وماتزال داعمة للجمهورية العربية السورية في مختلف المجالات. وقد تعاظمت المساندة الصينية للدولة الوطنية السورية خلال السنتين الآخيرتين، وتعمّق طابعها الاستراتيجي والشامل. ومع تسلم الأمين العام الجديد للحزب الشيوعي الصيني، الرفيق شي جينبينغ، سدّة الرئاسة الاولى، الدولتية، في الصين، شدّدت الصين من دعمها للحقوق الدولتية السورية، على الصُعد كافة. وتأكيداً على هذه الحقيقة فقد توجهت الأساطيل الحربية البحرية الصينية الى السواحل السورية من جهتين: البحر الابيض المتوسط، وقناة السويس، وكانت خلال توجهها الى السواحل السورية والى ما حول هذه السواحل، تُجري مناورات مستمرة وتتخذ وضعاً قتالياً وتعلن بأنها على أهبة الاستعداد للمُنَازلة، الى إقامة احتفالات واستقبالات شعبية لها في الدول العربية التي طرحت سفن هذه الأساطيل في موانئها مراسيها الضخمة كالمغرب والجزائر.
علاقات الصين الشعبية بسورية مُثيرة للانتباه العالمي وهي قوية ولافتة جداً لجهة التحالف الوثيق الذي يربط الدولتين الصديقتين. فقد وظّفت بكين الفيتو لاجهاض محاولات جامعة الدول العربية والمعسكر الدولي لحلف الاطلسي للتدخل المباشر في سورية بذرائع شتى، وقد عكس هذا التحرك الدولي للصين تفاهماً عميقاً ثلاثي الأبعاد، لا يمكن التغاضي عنه أو التقليل من شِأنه واهدافه، انه التحالف والمحور الكوني والآسيوي الجديد، الصيني الروسي السوري.
وفي هذا المجال، نلمس بأن الدور الصيني بات متعاظماً ومتسعاً في “الشرق الاوسط” في خضم “القضية السورية” وفي معمعانها اليومي. فبعد ان كان هادئاً وطويل النفس سابقاً، غدا مع الازمة حول سورية مِقداماً وشجاعاً ومتسارعاً بإتخاذ القرارات على كل الصُعد، وبات يتصف بالقتالية والاممية المباشرة، وبالطرح السياسي غير القابل للمهادنة أو الهدنة على حساب المصالح الصينية والسورية الاوسطية منها والعالمية، مع سعي الصين للإبقاء على علاقاتها مع “دول الضد” العربية الحليفة لمحور واشنطن الغرب الاوروبي، وواشنطن اسرائيل الغرب الاوروبي، وهي سياسة حكيمة تفترض تراجع عدد مع “دول الضد” عن مواقفها، تبعاً لتطورات الازمة التي صارت تعصف بقوة بالمشروع الامريكي الاطلسي في العالم العربي برمته، وضمن ما تسميه الصين “سياسة صفر مشاكل” مع القوى العالمية والاقليمية والدول المختلفة، بغض النظر عن أحجامها الاقتصادية والسكانية وتأثيراتها السياسية، وقدراتها العسكرية، واسترشاداُ بنهج عدم التدخل بالشؤون المحلية للدول المختلفة ومنها العربية، المؤيدة للنهج الامريكي الاطلسي والمنسجمة معه أو تلك المُعَارِضة له والمواجِهة لمشروعِه، وفي غضون ذلك، يستمر موقف الصين هذا حازماً وأكثر اندفاعاً للمنطقة العربية وتلك التي تستطيع فيها بكين إرساء قواعد ثابتة للتعاون الأوسع على أسس واضحة وتتصف بالديمومة، ومنها التعاون الانساني والسياسي والعسكري والاقتصادي، لمواجهة سعي الولايات المتحدة والغرب السياسي إبعاد الصين عن منابع الطاقة اللازمة لتطورها الاقتصادي ومزاحمتها لواشنطن على المكانة الاولى في العالم، وفي إرتقاء الصين لهذه المكانة الاولى مصلحة ليست سورية فحسب، وإنما عربية شعبية كذلك، من شأنها التخفيف من الضغط الاستعماري والاملاء الهيمني الامريكي المتواصل على العرب وإضعافاً للنفوذ الامريكي الداعم لاسرائيل التي ليست سوى إداة عسكرية وسياسية أمريكية طيّعة للمَجمع الصناعي العسكري الامريكي في المنطقة العربية، وفي “الشرق الاوسط الكبير” وفقاً للتصنيف التركي الامريكي الاطلسي.
addiyar_elena@hotmail.com
•رئيس الإتحاد الدولي للصُحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.