منجزات استراتيجية تحفز التنمية في الصين
موقع صحيفة عمان الالكتروني:
يرتبط كل تقدم مهم في تاريخ الحضارة البشرية بتحقيق اختراق في العلوم والتكنولوجيا والتي أصبحت في وقتنا الحالي قوة دافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم.
وقد أشار التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني إلى أن الإبداع العلمي والتكنولوجي دعامة استراتيجية لرفع القوى المنتجة الاجتماعية والقوة الوطنية الشاملة، فلا بد من وضعه في صدارة مشهد التنمية الوطنية.
وفي الفترة بين عامي 2012 و 2013، حققت الصين منجزات بارزة في مجالات التكنولوجيا والعلوم، أهمها:
بدأت الصين في أول سبتمبر 2012 بتشغيل خط سكة حديد فائقة السرعة يمر بمناطق تنخفض فيها درجات الحرارة بشدة في فصل الشتاء، وهو الأول من نوعه في العالم.
وبدأ تشغيل أطول خط سكة حديد فائقة السرعة فى العالم ديسمبر 2012، ويمتد الخط على مسافة أكثر من نصف الصين، ما يعزز عزم البلاد على تنمية سكك الحديد فائقة السرعة.
وبدأ تشغيل أول قطار فائق السرعة فى الصين عام 2007. وفقا للخطة الخمسية الـ12 (من عام 2011 حتى عام 2015) لتنمية سكك الحديد، بحلول عام 2015، سيبدأ تشغيل حوالي 120 ألف كيلومتر من سكك الحديد في الصين، بما فى ذلك 18 ألف كيلومتر من سكك الحديد فائقة السرعة و40 ألف كيلومتر من شبكة خطوط السكك السريعة التي تسمح ببلوغ السرعة أكثر من 160 كم/ ساعة.
دخلت أول حاملة طائرات صينية نطاق الخدمة في بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني يوم 25 سبتمبر 2012، وبذلك انضمت البلاد أخيرا بصفتها أكبر دولة نامية في العالم إلى صفوف الدول التي تمتلك حاملات طائرات، حيث يمكنها تطوير التعاون البحري الدولي ومواجهة التهديدات غير التقليدية للأمن بصورة أفضل، سعيا وراء تحقيق السلام والتنمية في العالم. بدأ نظام “بيدو” الصيني للملاحة عبر الأقمار الصناعية خدماته في ديسمبر 2012 في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وتتضمن الخدمات التي يقدمها تحديد المواقع والملاحة والتوقيت والرسائل القصيرة للصين والمناطق المجاورة.
بدأت غواصة “جياولونغ” الصينية يوم 10 يونيو عام 2013 بمهمة تستمر 113 يوما من شأنها أن تشمل تجارب محددة لاختبار نظام تحديد المواقع لها والبحوث البيولوجية وأخذ عينات جيولوجية والتي تستعد الغواصة لإجرائها في المحيط الهادئ. يذكر أن الغواصة جياولونغ قد حققت رقما قياسيا جديدا بعد غوصها الى عمق 7062 مترا في خندق ماريانا في المحيط الهادئ في يونيو 2012. وتعد المهمة الحالية بداية لفترة تجريبية تمتد لخمس سنوات للغواصة قبل أن تشرع في مهماتها المنتظمة.
أعلنت شركة صينية لإنتاج أجهزة الكمبيوتر الفائقة أن الصين قامت مرة أخرى بتصنيع أسرع كمبيوتر في العالم، قادر على القيام بـ 33.86 كوادريليون عملية في الثانية، ليتجاوز بذلك سرعة الكمبيوتر الأمريكي “تيتان”. وتصل السرعة القصوى للكمبيوتر (تيانخه-2) الى 54.9 كوادريليون عملية في الثانية، بحسب ما ذكرت الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع التي قامت بتصنيعه. وكان الكمبيوتر السابق (تيانخه-1)، الأسرع في العالم من نوفمبر 2010 حتى يونيو 2011، عندما تجاوزه نظيره الياباني “كيه”.
وأطلقت الصين المركبة الفضائية “شنتشو-10″ التي حملت على متنها ثلاثة رواد فضاء، من بينهم امرأة، في منتصف 2013. وقد حققت مهمة المركبة الفضائية (شنتشو-10) نجاحا آخر لرحلات الفضاء المأهولة للصين، وأرست أيضا أساسا متينا لبناء محطة الفضاء المأهولة للصين في المستقبل. يذكر أن الصين كانت قد أرسلت وحدة المختبر الفضائي “تيانقونغ-1″ إلى الفضاء في سبتمبر 2011، والتحمت فيما بعد بالمركبة الفضائية غير المأهولة “شنتشو-8″ في نوفمبر 2011، والمركبة المأهولة “شنتشو-9″ في يونيو 2012، وأخيرا “شنتشو-10″. وتطمح الصين التي تعد ثالث دولة فى العالم تمتلك تكنولوجيا الفضاء الرئيسية بشكل مستقل تطمح لبناء محطة فضاء دائمة بحلول 2020. واحتلت الصين المرتبة الثامنة في القوة التنافسية للإبداع بين دول مجموعة العشرين، وهي الوحيدة من بين الدول النامية التي تدخل المراتب العشر الأولى في هذا الصدد، وفقا للكتاب الأصفر (تقرير تنمية القوة التنافسية في الإبداع لمجموعة العشرين «2011 -2013» الصادر مؤخرا). وأشار الخبراء إلى أن القوة التنافسية في الإبداع للصين شهدت ارتفاعا سريعا، الأمر الذي يعكس أن استراتيجية حفز التنمية عن طريق الابتكار العلمي التي نفذتها الصين حققت نتائج لافتة.
من جهة أخرى وفي ظل الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والركود الاقتصادي العالمي، شهدت التبادلات الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول العربية زيادة بنسبة 13.5 بالمائة في العام الماضي لتصل إلى 222.4 مليار دولار أمريكي، ما جعل الدول العربية سادس أكبر شريك تجاري للصين. وأعرب محللون صينيون عن تفاؤلهم تجاه مستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول العربية، متوقعين أن تواصل الدول العربية تقديم الزخم لزيادة نمو التجارة الخارجية الصينية.
وبحسب الأرقام الإحصائية الصادرة من وزارة التجارة الصينية فإن نسبة مساهمة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان وغيرهم من الشركاء التجاريين التقليديين في إجمالي حجم التجارة الخارجية الصينية تراجعت في عام 2012، وفي الوقت نفسه، ارتفعت هذه النسب بالنسبة لبلدان الأسواق الناشئة، وخاصة الدول العربية. وحول ذلك قال يانغ فو تشانغ نائب وزير الخارجية الصيني السابق: إن النمو السريع للتجارة الثنائية بين الصين والبلدان العربية ينبع من التكاملية الموجودة بين الجانبين في المجالين الاقتصادي والتجاري إلى حد كبير، ومن جهة أخرى، تعد الدول العربية ولا سيما منطقة الخليج أهم مصدر للصين من واردات النفط. وأضاف يانغ: إن حجم التجارة غير النفطية بين الصين والدول العربية وصل إلى 119.1 مليار دولار أمريكي في عام 2012، وهو ما يمثل أكثر من نصف حجم التجارة الثنائية، مشيرا إلى أن التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين قد أصبح أكثر تنوعا .
وفي السياق نفسه قال لي شياو بينغ المسؤول بوزارة التجارة الصينية: إن صادرات المنتجات الصينية ذات التكنولوجيا الفائقة إلى الدول العربية شهدت زيادة مستمرة، كما حظيت السيارات والأجهزة المنزلية والآلات الصينية بإقبال متزايد بين المستهلكين في الدول العربية، حيث شكلت المنتجات الكهروميكانيكية والمنتجات الفائقة التكنولوجيا 57 بالمائة من إجمالي صادرات الصين.
في المقابل دخلت المنتجات العربية الخاصة مثل المنتجات البتروكيماوية وزيت الزيتون وغيرها من المنتجات غير النفطية السوق الصينية تدريجيا، بينما تم تحسين آلية التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية من خلال توقيع 21 اتفاقاً بين الصين و 21 دولة عربية في مجالات الاقتصاد والتجارة والتعاون الفني حتى الآن ، الأمر الذي يسهم في تيسير التجارة بين الصين والدول العربية بهدف إيجاد بيئة جيدة.
وتشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تطورا سريعا، حيث وصل حجم التجارة بين الجانبين إلى 155 مليار دولار أمريكي في عام 2012، وهو ما يمثل نحو 70 بالمائة من مجموع حجم التجارة الثنائية بين الصين والدول العربية. من جهة أخرى أعرب حسن فخرو وزير الصناعة والتجارة البحريني عن ثقته بمستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين ودول الخليج، لافتاً إلى نمو معدل التجارة بين الجانبين بشكل سريع خلال العقد الماضي، وتوقعات بتحقيق وتيرة نمو أسرع في العقود القادمة.
وفيما يخص سبل تحسين أداء التجارة بين الجانبين الصيني والعربي بصورة أفضل، قال تشو وي ليه مدير مركز دراسات منتديات التعاون الصينية-العربية: إنه وعلى الرغم من سرعة نمو حجم التجارة الثنائية، لا يزال هنالك حيز لتحقيق تحسن أكبر من خلال قيام الجانبين بتشجيع الثقة المتبادلة لتحسين مستوى التفاهم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، داعيا الشركات الصينية لتعلم المزيد عن خطط الاستثمار في الدول العربية وتطوير مستوى التعاون مع نظرائها العرب في مجالي البنية الأساسية والطاقة الجديدة.