الحُلم الصيني والجَسر العربي الصيني
صحيفة الديار الأردنية ـ
يلينا نيدوغينا – قوانجوه*:
تُعتبر قوانجوه (كوانجو) من اكثر المدن الصينية شعبية في الاوساط العربية. هنا تجدون الاردني واليمني والفلسطيني، الموريتاني والمصري والشمال افريقي، وتنتشر في شوارع وطرقات عاصمة كواندونغ المطاعم العربية والأطعمة العربية والإيرانية ولافتات دعائية بالعربية والفارسية، وتعتبر الوجوه العربية أحد الأطياف الإثنية المحلية، فأعداد كبيرة من العرب تحيا هنا وتستقر، وتعمل وينتظم ابناء الأسر العربية في مدارس المنطقة وجامعاتها “الكثيرة” وعددها أكثر من مئة جامعة مُعترف بها، وقد تقّبلت ثقافتين منسجمتين، عربية وصينية، تلاقحتا بكل يسر وصداقة.
وفي اللقاء الذي نُظم للوفد العربي الحزبي والإعلامي، مع الرفيق “ليو جيون”، نائب مدير عام مكتب الإعلام الخارجي للحكومة الشعبية لمنطقة قواندونغ “كواندونغ” الجنوبية الصينية، استعرض أمام الوفد واقع الجاليات والمجموعات العربية في منطقته، وأشار الى ان العرب هنا مجموعة كبيرة، وهي تلعب دوراً محسوساً في جَسْرِ العلاقات بين الطرفين العربي والصيني، بحراكاتهم التجارية النشطة، سيما وان الوصول الى قواندونغ وقوانجوه سهل للغاية، ويمكن بخط طيران مباشر من الخليج، دون التوقف في أي مدينة صينية او أجنبية، ناهيك عن سهولة الشحن البضائعي من ميناء المنطقة الى موانئ البلدان العربية مباشرة، وتدني أسعاره وسرعة إرسال هذه البضائع وهي إرساليات يومية، تضمن تحويل البضائع الى السوق العربي سريعاً، وبالتالي سرعة تدفق الأرباح المتأتية من بيعها.
كشف المسؤول الصيني، أن الجاليات العربية المقيمة في منطقته ذاتية الحُكم، بَقيت فيها منذ سنوات طويلة “من أجل التنمية الذاتية والتجارية”.. فبقيت قواندونغ بمناخها المناسب للعرب وهوائها العليل وسهولة اتصالهم منها مع أوطانهم، مَحطّاً لهم وموطناً جديداً مناسباً ومَصَدراً للتجارة النشطة مع الخارج، ليس منذ أزمان قصيرة، بل منذ مئات السنين”. وفي الأسرار، أن الجالية اليمنية هي “أكبر” الجاليات العربية في قوانجوه ومنطقتها، وفي الصين عموماً، ويصل عديد هؤلاء من 8 إلى 10 آلاف شخص، وهم أيضاً مُقيمون إقتصاديون بالأساس، ويرتبطون بالمنطقة بعملٍ تجاري. ويشهد على أقوال المسؤول الصيني، أحد أعضاء الوفد العربي الحزبي، وهو السيد عبد الواحد جاسم الشهلي، عضو اللجنة الدائمة ونائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الشعبي العام اليمني، الذي أكد هذه الحقيقة، وقد أبهر المسؤول الحزبي اليمني مستمعيه عندما عرض لدور الصين في اليمن، والبضائع الصينية التي هي السائد الأهم والأكثر شعبية وانتشاراً في اليمن، وبأنها مستوردة بالدرجة الأولى من قواندونغ تحديداً، مما يُعتبر مؤشراً على نجاح العلاقات اليمنية الصينية ليس في المنحى التجاري الاقتصادي فحسب، بل وفي المناحي الاخرى، وعلى رأسها السياسية والدبلوماسية، إذ تُعتبر سفارة جمهورية الصين الشعبية في الجمهورية اليمنية، على خلفية هذا الازدهار التجاري بين البلدين، نشِطة وذات حِراك حقيقي ظاهر وملموس في الأوساط اليمنية، سيّما لأهمية اليمن الإستراتيجية على صُعد متعددة.
وفي مراجعة شريط الأخبار اليمني الصيني، يمكن التأكد من العروة الوثقى لعلاقات الصين واليمن، وفي أحدها نطالع تأكيدات السفير الصيني السابق لدى اليمن، السيد ليو دنغ لين، وهو الذي يُشرف على الوفد الحزبي والإعلامي العربي الزائر للصين ويرافقه في حله وترحاله بين المدن والمقاطعات الصينية، على دعم بلاده لحكومة الوفاق الوطني اليمنية للقيام بدورها في إعادة أجواء الأمن والاستقرار ومعالجة التحديات كافة، وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية، ورغبة بكين بمواصلة نشاط الشركات الصينية العاملة في مَجال استكشاف وإنتاج النفط في اليمن، وسُبل تطويرها وآلية تعزيز الاستثمار والتجارة بين البلدين الصديقين، بما يخدم المصالح والمبادئ المتبادلة. وفي المسألة السياسية، رأى “ليو دنغ لين” أهمية مواقف المؤتمر الشعبي العام اليمني ودوره الوطني في إخراج اليمن من الأزمة السياسية، وذلك في كلمة له خلال الحفل الذي أقامه على شرفه الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، سلطان البركاني، لوداع السفير الصيني بصنعاء بمناسبة انتهاء فتره عمله في اليمن وعودته للمركز، مشيداً بسياسة السفير والجهود الدبلوماسية المتميزة له، وبأنه “كان أفضل السفراء الذين استطاعوا أن يحققوا للعلاقات اليمنية الصينية الكثير من المكاسب المُثمرة التي عززت من عمق العلاقات بين البلدين، سيّما، جهوده ودوره الايجابي في انجاز التسوية السياسية والمبادرة الخليجية، وإخراج اليمن من الأزمة، بما يحفظ وحدة وأمن واستقرار اليمن، وبدورهن يبقى السفير ليو دنغ لين حافظاً للود اليمني، ومؤكداً أنه “سيظل صديقاً لليمن، وسيعمل من أجل اليمن، ومن أي مكان يكون فيه، مُشيداً بمواقف المؤتمر الشعبي العام، ودوره الوطني في إخراج اليمن من الأزمة السياسية”
*كاتبة وعضو في قيادة الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب أصدقاء الصين.