ضبابية تلف مستقبل الغاز الصخري في الصين

موقع قناة العربية الالكتروني:

يبدو أن الحكومة الصينية لم تعد متحمسة جدا لفكرة تعزيز إنتاج الغاز الصخري كوسيلة لخفض تلوث الهواء وتقليص واردات النفط والغاز الباهظة الثمن، وسط تكهنات الجيولوجيين الصينيين بأن تقديرات احتياطيات الغاز الصخري التي بنيت عليها أهداف الإنتاج الطموحة مفرطة في التفاؤل. إن هذه التصريحات وضعت المسؤولين الحكوميين وكبار المخططين الاقتصاديين في حرج كبير، حيث إنهم على علم بأن هناك مغالاة في التقديرات، لكنهم غير مستعدين للاعتراف بها علنا.

في تموز (يوليو) الماضي قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية موارد الغاز الصخري الصينية القابلة للاسترداد من الناحية الفنية بنحو 1115 تريليون قدم مكعب (32 تريليون متر مكعب)، وهي أعلى نسبة في العالم، تقريبا ضعف موارد الولايات المتحدة المقدرة بـ 665 تريليون قدم مكعب، لكن المصادر الصينية الرسمية تقدر الموارد القابلة للاسترداد بنحو 25 تريليون متر مكعب. لكن جيولوجيو وزارة الأراضي والموارد الصينية يدّعون أن كلا التقديرين مستند إلى بيانات جيولوجية واستكشافات قليلة جدا، وهذه التقديرات هي موارد محتملة فقط Prospective Resources.

جيولوجيو شركة بتروتشاينا PetroChina الحكومية، الذين عملوا مدة طويلة على تقييم موارد الصخر الزيتي في الصين، يؤيدون أيضا هذا الرأي. حيث يشيرون إلى أن هذه التقديرات بنيت على اعتقاد خاطئ بأن جيولوجيا موارد الصخر الزيتي الصينية مماثلة لتلك الموجودة في الولايات المتحدة، لكنها في الواقع أقل جودة بكثير.

كثير من المختصين في الصناعة النفطية شككوا بأن تستجيب طبقات الصخر الزيتي في الصين لعمليات التكسير الهيدروليكي بصورة مشابها لمثيلاتها في الولايات المتحدة، ذلك أن عمقها الأكبر والمحتوى العالي من الطين يعني أن المواد الساندة Proppant لن تكون فعالة في إبقاء الشقوق مفتوحة. إن حوض سيتشوان الذي يقع في جنوب غرب الصين، الذي يعد من أكثر ترسبات الغاز الصخري الصينية جودة يقع في منطقة جبلية، خلافا لمناطق إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة المسطحة، كما أن أحواض الصخر الزيتي الصينية عادة ما تكون بعيدة عن مراكز الطلب على الغاز. من شأن كل هذا جعل موارد الصخر الزيتي الصينية أكثر صعوبة في التطوير ونقل الغاز الصخري. على أية حال، تنامي المخاوف بشأن تدهور البيئة والموارد المائية جعل من تطوير هذه الموارد على نطاق واسع أمرا صعبا.

لقد كانت الإدارة الصينية السابقة من المروجين لتطوير موارد الغاز الصخري، جزئيا على أمل تكرار تجربة الولايات المتحدة، عن طريق خفض الاعتماد على واردات الطاقة الباهظة الثمن. الخطة الخمسية التي أصدرتها في آذار (مارس) من العام الماضي، كانت تهدف إلى إنتاج 6.5 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الصخري بحلول عام 2015، و60 إلى 100 مليار متر مكعب بحلول نهاية عام 2020، أو نحو 20 إلى 25 في المائة من إجمالي الطلب المتوقع على الغاز في الصين. لكن الصين أنتجت فقط 25 مليون متر مكعب في العام الماضي، حسب تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الصينية. يعتقد كثير من العاملين في صناعة الغاز الصخري الصينية أن تحقيق هذه الأهداف مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة. إن الصين لم تقم أبدا بعمليات استكشاف وتنقيب حقيقية عن الغاز الصخري، لكنها انتقلت مباشرة إلى مرحلة التطوير. تشير معظم التوقعات حاليا إلى أن إنتاج الصين من الغاز الصخري سوف لا يتجاوز 20 مليار متر مكعب بحلول عام 2020 في أحسن الأحوال ــــ أي نحو ربع الأهداف الموضوعة. هذا التوقع يعتبر أكثر تشاؤما من التوقعات السابقة التي أشارت إلى احتمالية وصول الصين إلى 23 مليار متر مكعب. إضافة إلى النواحي الجيولوجية، يعتقد كثير من المحللين أن أهداف الإنتاج في الصين ليست واقعية في ظل الظروف والتشريعات القائمة حاليا، ففي هذا الجانب يؤكدون أن الطريقة الوحيدة لتحقيق الأهداف الموضوعة هي قيام الحكومة الصينية بضخ مزيد من الاستثمارات في عمليات التنقيب والتطوير لهذه المصادر، وكذلك التخفيف من الرقابة على أسعار الغاز المحلية.

إن خطة العمل المتضمنة عشر نقاط، التي أصدرتها الحكومة الصينية في بداية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي لمعالجة تدهور نوعية الهواء في عديد من المدن الصينية، ما هي إلا اعتراف ضمني من الحكومة بخصوص صعوبة تحقيق أهداف إنتاج الغاز الصخري. إن الإدارة الصينية الجديدة مثل سابقتها حريصة على سلامة البيئة، إلا أن الخطة لم تتضمن إشارة إلى استخدام الغاز الصخري كبديل عن الفحم، فقط أشارت إلى الغاز التقليدي، الغاز الاصطناعي القائم على الفحم وميثان طبقة الفحم، على الرغم من أن تطوير ميثان طبقة الفحم الحجري يواجه مشكلات جيولوجية وأيضا مشكلات تتعلق بالعمليات السطحية. في الواقع الإدارة الجديدة تبدو الآن أكثر تركيزا على توفير مصادر الغاز عن طريق الاستيراد، حيث إن تأمين إمدادات الغاز الطبيعي كان واحدا من البنود الرئيسية على جدول أعمال المسؤولين الصينيين خلال زياراتهم الأخيرة إلى روسيا وأربع دول في آسيا الوسطى.

إن عدم اليقين يعطل خطط وزارة الأراضي والموارد الصينية لإطلاق جولة التراخيص الثالثة لتطوير موارد الغاز الصخري، حيث تشير المصادر الرسمية للوزارة إلى أنه لا يزال من غير الواضح متى سيتم إطلاق الجولة وكيف يتم تنظيمها. إن الشركات عديمة الخبرة التي فازت في جولة التراخيص الثانية في الصين تحرز تقدما بطيئا في العمل، إلى حد كبير بسبب عدم وجود البيانات الجيولوجية، حيث إن معظمها لا تزال في مرحلة إجراء المسوحات الجيولوجية الأساسية، وعمليات الحفر محدودة جدا. على سبيل المثال، منذ عام 2009 تم حفر 130 بئرا في موارد الغاز الصخري في الصين، مقابل عدة آلاف في الولايات المتحدة خلال الفترة نفسها.