التحولات الجيوسياسية تجبر الصين على تغيير إستراتيجية الطاقة
صحيفة البيان الاماراتية:
أجبرت التحولات الجيوسياسية الأخيرة والتي أثرت في خريطة إنتاج الطاقة العالمية الصين على تغيير إستراتيجية الطاقة بشكل جوهري. وأعلن جيانغ جيا مين رئيس مجلس إدارة الشركة الصينية المحدودة للبترول والغاز الطبيعي (بتروتشانا) ونائب الرئيس تشو جي بينغ مؤخرا إستراتيجية الشركة التي تعد أكبر منتج للبترول في الصين لمواجهة تغيرات الوضع العالمي في الآونة الأخيرة لاسيما الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إضافة إلى عملية المفاوضات التعاونية الجارية لإمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى الصين. لكن في الجانب الآخر ورغم ضراوة الاضطرابات السياسية لا تزال الاستثمارات النفطية الخارجية الصينية تحافظ على زخمها.
خطط التوسع
ومنذ مطلع العام الحالي، اجتاحت الاضطرابات السياسية الشديدة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بينما ظلت شركة بتروتشانا تعمل على تعزيز وتنفيذ خططها لتوسيع أعمالها في خارج البلاد من حيث التعاون لتنمية صناعة البترول والغاز الطبيعي الأمر الذي أثار تساؤلات حول مدى تأثر إستراتيجية الشركة بتلك الاضطرابات. وقال جيانغ إن هذه الاضطرابات لا تؤثر على إستراتيجية الشركة. وأشار إلى أن بتروتشاينا أجرت أعمال تقييم المخاطر الشاملة قبل دخولها إلى أي مشروع من مشاريع التنمية في خارج البلاد. وأوضح: من خلال هذه العملية تثق الشركة بأنها قادرة على تنفيذ إستراتيجيتها وتحقيق هذه الخطط المحددة في مجال التعاون لتنمية موارد البترول والغاز الطبيعي في خارج البلاد.
وتعد أعمال الشركة في خارج الصين أهم الأعمال لنمو الشركة في فترة الخطة الخمسية الثانية عشرة الوطنية الصينية ( من عام 2011 حتى عام 2015). وذكر جيانغ أن بتروتشاينا قد وضعت هدفا لزيادة إنتاجها من البترول والغاز الطبيعي في خارج البلاد إلى 200 مليون طن من النفط المكافئ قبل نهاية عام 2015 ، وذلك سيشكل نصف إجمالي حجم الإنتاج للشركة. وأشار إلى أن بتروتشاينا قد أحرزت بناء قواعد موارد البترول والغاز الطبيعي في الخارج لتحقيق هذا الهدف، مضيفا أن الشركة لا تزال قادرة على تحقيق الهدف الاستراتيجي بالاعتماد على تنفيذ الخطط الجاهزة لتنمية المشاريع القائمة بشكل جيد.
موقف الأسعار
وأعرب جيانغ عن اعتقاده أنه على الرغم من أن بعض الخبراء يعتقدون أن الأسعار المرتفعة للبترول في أسواق العالم لم تتمكن من خلق فرص ثمينة بالنسبة إلى بتروتشاينا، لتنفيذ عمليات الاندماج والشراء في الخارج، الا أن الشركة قد عقدت عزمها ولن تفقد أية فرصة لتنفيذ أي مشروع قيم ضمن هذا النوع من العمليات الإستراتيجية مهما كانت الأسعار. وأضاف أن رأس المال في تنفيذ هذه العمليات لتوسيع الأعمال في الخارج لبتروتشاينا يأتي رئيسيا من عوائد مستقرة للمشاريع التعاونية التابعة للشركة في الخارج إلى جانب الأصول المالية للسندات التي أصدرتها الشركة في الأسواق المالية الداخلية والخارجية.
سياسات الاستيراد
وعلى الرغم من أن الصين دولة كبرى فيما يتعلق باستيراد موارد البترول في العالم ، لكنها ما زالت تتعرض لتأثيرات سلبية ناجمة عن صعود أسعار البترول في السوق العالمية في الأعوام الأخيرة، ويعكس ذلك أن الصين ليست لديها حقوق كافية في هيكلية تسعير موارد البترول والغاز الطبيعي في السوق العالمي، مما يثير اهتماما واسعا في داخل البلاد. ويعتقد جيانغ أن التجارة هي طريق لازمة لتسوية مشكلة عدم التوازن من حيث انتشار الموارد الطبيعية والهيكلية السوقية بين المناطق والأقاليم المختلفة في العالم قاطبة.
وقال: عليه فستركز شركة بتروتشاينا جهودها في المستقبل على تشكيل هيكلية سوقية خاصة بها تتسم بطاقة المنافسة القوية في الأسواق العالمية. ومن ثم ستتمكن من تعزيز حقوق المؤسسات الصينية للنفط والغاز الطبيعي في هيكلية التسعير في السوق العالمية ، كما سترفع صداها في العالم وذكر جيانغ أن بتروتشاينا أنجزت إستراتيجية إنشاء 3 مراكز إدارة إقليمية رئيسية في سنغافورة ولندن ونيويورك على نحو أساسي ، وتغطي آثارها أسواق آسيا وأوروبا وأميركا. ومن المخطط أن تنشئ الشركة منشآت تخزين ونقل البترول والغاز الطبيعي في منطقة البحر الكاريبي على أساس مشاريعها التعاونية القائمة في قارة أميركا الجنوبية.
إمدادات الغاز
وبالنسبة للمفاوضات الجارية بشأن الغاز الطبيعي بين الصين وروسيا، أعرب جيانغ عن اعتقاده أن التعاون الصيني الروسي في مجال الغاز الطبيعي يعد تعاونا استراتيجيا بين البلدين. وقال: توصلت بتروتشاينا والجانب الروسي إلى اتفاق على معظم الشروط التقنية والبنود التجارية بل لم يتفق الجانبان على بعض المسائل المحورية بعد. والمشروع المخطط لإمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى الصين كان يشتمل على خطين شرقي وغربي.
وبحسب خطة الخط الغربي ستمتد أنابيب نقل الغاز الروسي من غربي منطقة سيبيريا إلى منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم الواقعة في شمال غربي الصين. أما بالنسبة للخط الشرقي فستبدأ الأنابيب من جرف سخالين وشرقي منطقة سيبيريا حتى الوصول إلى منطقة شمال شرقي الصين. وكشف جيانغ أن الجانبين يركزان حاليا على تطوير الخط الغربي، بيد أن الجانب الصيني يأمل أيضا في دفع تنفيذ الخط الشرقي كذلك بالتزامن مع تنفيذ خطة الخط الغربي إذ ان السوق الإقليمية في الشرق والتي تضم سوق الصين وكوريا الجنوبية واليابان المشتركة ، تعد متقدمة نسبيا من حيث النمو قياسا إلى الغرب. وأضاف أن بتروتشاينا تخطط أيضا لرفع نصيب الغاز الطبيعي من منتجات الشركة في فترة الخطة الخمسية ال12 ، ومن المتوقع أن يشكل حجم إنتاج الغاز الطبيعي 50 بالمائة من إجمالي إنتاج الشركة قبل نهاية عام 2015 .