الهند.. ونزاعات الصين البحرية
موقع الاتحاد الالكتروني:
تستعرض الصين قوتها في المياه المحيطة بها منذ فترة من الزمن. وقطعت الصين في حججها الخاصة بحقوق السيادة في المياه حولها خطوة أخرى بإقامتها منصة نفطية في مياه تدعي فيتنام حقوق السيادة عليها. واعتبرت فيتنام هذه الخطوة اجتياحاً صينياً سافراً لمياهها التي تتمتع بحق السيادة عليها. ومنذ إنشاء منصة النفط الصينية، عزز الجانبان حضورهما في المنطقة وتتقاطع مسارات السفن الصينية والفيتنامية في غالب الأحوال. وداخل فيتنام أيضاً، ترددت أصداء أنباء إقامة الصين لمنصة نفطية في منطقة تقول إنها خاضعة لسيادتها في أنحاء البلاد مما تمخض عن احتجاجات مناهضة للصين تحولت إلى أعمال عنف مما اضطر الصينيين المقيمين في فيتنام إلى الرحيل. وهذا التصعيد الحالي في التوترات سببه المزاعم المتعارضة بحق السيادة على مناطق في بحر الصين الجنوبي، وهذا يثير القلق في أنحاء مختلفة من العالم لطالما تتسبب فيها جرأة بكين.
ومازالت الصين في الحقيقة تدعي حق السيادة على بحر الصين الجنوبي برمته بما في ذلك مجموعتي جزر «باراسل» و«سبراتلي»، مما وضعها في مواجهة مباشرة مع آخرين مثل الفلبين. وتحرك الصين الفعلي لفرض السيطرة ودعم حججها في المياه المتنازع عليها، جعل وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل يحذر الصين من «زعزعة استقرار» الأوضاع. بل ذهبت وزارة الخارجية الأميركية إلى حد القول: إن هذا «جزء من نمط أوسع نطاقاً من السلوك تتبعه الصين لتعرض مزاعمها على أراضي متنازع عليها بطريقة تقوض السلام والاستقرار في المنطقة». وبالإضافة إلى التحذير الأميركي، عبر زعماء مجموعة الدول الصناعية السبع الأسبوع الماضي أيضا عن قلقهم من تصاعد التوترات بين الصين وعدد من الدول الآسيوية الأخرى بل وحذروا من أي استخدام للقوة.
والنزاع الصيني مع فيتنام والفلبين يتسبب في قلق كبير أيضاً في رابطة دول جنوب شرق أسيا (آسيان) بشأن المطامع الصينية المتصاعدة. والصين متورطة في نزاع آخر مع اليابان بشأن مجموعة من الجزر في بحر الصين الشرقي. ودون شك فإن الصين تستمد جرأتها من قدراتها الاقتصادية والعسكرية المتنامية. فالصين ليست صاحبة أسرع اقتصاديات العالم نمواً، فحسب بمعدل بلغ عشرة في المئة سنوياً، لكنها تعكف أيضاً على عملية توسع هائلة في بناء قدراتها العسكرية، منها بناء قوات عسكرية لأعالي البحار. وبالتالي ففي مواجهة كل هذا التوسع، تخضع تحركات بكين في بحر الصين الجنوبي بصفة خاصة لمراقبة عن كثب. وربما لم تدرك الصين رد الفعل العكسي الذي قد يواجهه مواطنيها مثل الذين تعين عليهم مغادرة فيتنام في مواجهة الاحتجاجات العنيفة هناك. فقد استهدف المحتجون الفيتناميون الأنشطة الاقتصادية التي يديرها أو يملكها أشخاص من أصول صينية وخُربت متاجر وأُضرمت النار في منشآت اقتصادية لصينيين.
لكن من الواضح أن تحركات بكين في المياه المحيطة بها يسعى لتوسيع تواجدها العسكري في بحر الصين الجنوبي ولتعزيز تواجدها في منطقة تعتبر حيوية استراتيجيا. وقد قامت الصين بهذا في بحر الصين الجنوبي وفي الشرق، حيث يحتدم النزاع بينها وبين اليابان على جزر «سينكاكو». وجرأة بكين تتسبب في قلق لليابان بوجه خاص. وعبر رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي» علناً عن حرصه على إحياء الاجتماع الثلاثي الذي يضم اليابان والهند والولايات المتحدة. وهو يحرص أيضا على تعزيز علاقات بلاده مع الهند التي تمثل قوة موازية للصين بطريقة ما.
وبالنسبة للهند التي تولت فيها قيادة جديدة مقاليد الأمور في الآونة الأخيرة وتتبنى سياسة خارجية لاستعراض القوة، فإن الحفاظ على توازن العلاقة مع الصين مازال يمثل تحدياً. وبينما رفضت الهند حتى الآن التورط في النزاع في بحر الصين الجنوبي فإنها ليست بعيدة عن النزاع.
وتحث فيتنام الهند على أن تلعب دوراً مباشراً في النزاع في بحر الصين الجنوبي، بل وتحاول اقناع الهند أن تواصل استكشاف الغاز قبالة سواحل فيتنام في منطقة تدعي الصين سيادتها عليها. وفي عام 2012، كانت هناك سفينة حربية هندية تعمل قبالة الساحل الفيتنامي وحذرتها سفينة حربية صينية من أنها تمر في مياه صينية. لكن الهند تجاهلت التحذير ببساطة. وبينما تحث الهند الدول المعنية بأن تحسم الخلافات عن طريق الحوار الدبلوماسي، فإن تحركات الصين من شأنها أن تبقي التوترات محتدمة في المنطقة. ومن المقرر أن يجتمع رئيس الوزراء الهندي الجديد «ناريندرا مودي »مع الرئيس الصيني «شي جين بينغ» على هامش قمة الدول صاحبة الاقتصاديات الصاعدة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا في البرازيل والمعروفة بقمة بي. آر. أي. سي. إس. وبالإضافة إلى هذا فإن الرئيس الصيني من المقرر أن يسافر إلى الهند في زيارة ثنانية مقررة هذا العام. وجاء وزير الخارجية الصيني «وانج يي» إلى نيودلهي هذا الأسبوع لإجراء مناقشات مع القيادة الهندية الجديدة. ولم تتطرق محادثات وزير الخارجية الصيني إلى تناول النزاع في بحر الصين الجنوبي. ورغم أن الهند لا تريد الخوض في هذا النزاع، فإن نيودلهي تراقب قطعاً التطورات عن كثب.