الصين: تنافس حاد لأكبر الاكتشافات الأثرية الصينية العشرة في عام 2010
صحيفة الشعب الصينية:
انتهت أعمال اختيار أبرز الاكتشافات الأثرية الصينية لعام 2010 في مرحلتها الأولى حيث تفوق 25 اكتشافا أثريا من قائمة تحتوي على 56 اكتشافا، وستحل المرحلة الأخيرة في بداية شهر يونيو المقبل لاختيار أفضل عشرة منها.
تغطي هذه الاكتشافات الـ25 فترة طويلة يعود تاريخ أقدمها الى العصر الحجري القديم وترجع أحدثها الى البدايات المبكرة لآخر أسرة إمبراطورية في الصين، وتبرز هنا الآثار في فترة شانغ (1600ق.م – 1046ق.م) وتشوه (1046ق.م – 771 ق.م )، بيد أنها جزء صغير فقط من الآثار العديدة التي اكتشفت في البلاد العام الماضي.
وكانت الاكتشافات الثلاثة التي نالت أكثر الأصوات أطلال مدينة توس (الحاكم المحلي) في يونغشون لمقاطعة هونان وسط الصين وأطلال مدينتين يرجع تاريخهما الى ما بين أسرة شيا (2070ق.م – 1600 ق.م) وأسرة شانغ في مقاطعة خنان بوسط البلاد أيضا إضافة الى أطلال أسرة شانغ في بلدة داشين في مقاطعة شاندونغ الساحلية بشرق الصين.
وجذب النشاط 140 ألف شخص يشاركون في التصويت خلال فترة نصف شهر فقط، وتعلن النتيجة حسب تصويت كل من مستخدمي الإنترنت وآراء الخبراء في الهيئات المعنية.
من ناحية أخرى ، يشتد التنافس مع سير عملية الاختيار وإيلاء المقاطعات والمناطق المحتضنة للآثار بالغ الاهتمام بنتيجة الاختيار وتقدم دعما ماليا وإعلاميا كبيرا لتلك العملية ، نظرا لأن لقب أبرز الاكتشافات الأثرية الصينية السنوية العشرة لا يساهم في ارتقاء سمعة المقاطعة المحتضنة فحسب، بل يعود عليها بإيرادات سياحية ضخمة أيضا.
— مدينة توس الكاملة أنشئت في القرن 14 ..
تقع أطلال مدينة توس، التي تتصدر هذا التصويت، على ضفاف نهر لينغشي شرق محافظة يونغشون بمقاطعة هونان وسط الصين، وكانت المدينة مركزا سياسيا وعسكريا وثقافيا لحاكم المحافظة وأيضا أكثر الأطلال اكتمالا لمدينة توس وأكبرها في المنطقة.
ووفقا لما تم الكشف عنه ، تنقسم الأطلال الى منطقة القصر ومنطقة الحكومة اللتين تقعان في قلب الاطلال وتحيط بهما الأحياء والشوارع والمقرات الدينية والمقابر ومناطق الترفيه وغيرها.
وتغطي الأطلال كلها مساحة 250 ألف متر مربع فيما تغطي منطقة القصر 14 ألف متر مربع ومنطقة الحكومة 8762 مترا مربعا ، وشهد القصر في تاريخه عملية البناء أربع مرات، وقد حدد الخبراء موقع المباني الرئيسية للقصر والشارع العام.
وكانت البوابة الغربية هي بوابة القصر الرئيسية، وعثر على أطلال مبنى عند الجانب الأيسر للبوابة، بينما كان الجزء الشمالي الغربي لسور القصر البالغ ارتفاعه ستة أمتار يحتفظ بهيئته كاملة، ما يعطي لوحة للناس في الوقت الحاضر ليتخيلوا مظهر القصر العظيم قبل 700 سنة.
تأسست المدينة في عام 1135 وتم هجرها في عام 1727 حسبما ورد في سجلات محافظة يونغشون ولكن وقت تأسيسها لم تؤكده أدلة أثرية من قبل،بيد أن الباحثين يتوقعون ان موقع المدينة كان يعيش فيه سكان قبل تأسيسها لأنهم وجدوا كثيرا من بقع الخزف تحت أرض القصر والشوارع المبلطة بحصى.
ويعد نظام حكم توس نظاما سياسيا مهما في جنوب غرب الصين، وتقدم أطلال المدينة الكاملة المنظمة صورة حية لدراسة تاريخ قومية توجيا التي تعد من بين أكبر الأقليات القومية العشر في الصين، ما يلفت أنظار أبناء توجيا واهتمامهم البالغ.
وما زالت هناك مساحة واسعة لم يصلها التنقيب وتنتظر الكشف عنها ، ما يثير توقعات وفضولا أكثر من الناس.
— الكنوز على سفينة غارقة قبل 400 سنة ..
عثر صياد على هذه السفينة القديمة الغارقة عند غوصه في البحر بمحافظة جزيرة نانأو بمقاطعة قوانغدونغ في عام 2007، ولكن عملية الاستكشاف لم تبدأ إلا في إبريل العام الماضي نظرا للتكنولوجيا غير الناضجة حينذاك.
بدأت عملية الاستكشاف لهذه السفينة التي تدعى “نانأو أ” في 6 إبريل واستمرت حتى 20 يوليو العام المنصرم اذ اكتشف العلماء حوالي 11ألف قطعة من الآثار ومنها عشرة آلاف من الأواني الخزفية و مائة آنية معدنية إضافة الى 15 ألف قطعة من العملات المعدنية
ويتوقع الخبراء ان سفينة “نانأو أ” يرجع تاريخها الى فترة إمبراطور وانلي (1573- 1620) لأسرة مينغ الملكية (1368 – 1644) وتعد السفينة التجارية المكتشف الوحيد الذي ينسب الى الفترة المتأخرة لأسرة مينغ على نطاق الصين برمتها.
ويقع بحر جزيرة نانأو على طريق الحرير البحري القديم في فترة أسرة مينغ، وورد في الكتب أن تشنغخه البحار الصيني العظيم كان يمر بنانأو خلال رحلاته السبع الى المحيط الهندي وبحر العرب قبل أكثر من 600 سنة.
ووفقا لنتيجة الاكتشاف يبلغ طول السفينة نحو 27 مترا وعرضها الأكبر 7.5 متر، ويتكون جسم السفينة من 15 غرفة للبضائع، ويتوقع الباحثون ان البحارة قد تركوا بعض البضائع ورموها الى البحر قبل غرق السفينة سعيا لتخفيف وزنها .
وقال الخبراء أن الأواني الخزفية المكتشفة في السفينة من المرجح أنها صنعت في قمائن خاصة في سواحل جنوب غرب الصين وليس في القمائن المملوكة للحكومة، بيد ان ذلك يسلط الضوء على إنتاج الخزف المحلي والتجارة الخارجية عن طريق البحر في أواخر عهد أسرة مينغ الملكية التي تعتبر آخر أسرة إبراطورية قائمة على يد مواطني قومية هان في تاريخ الصين.
جدير بالذكر ان سفينة قديمة غارقة أخرى “نانهاي أ”(البحر الجنوبي أ) ستلفت أنظار الناس قريبا في الصين اذ بدأت عملية الكشف عن هذه السفينة مرة أخرى في نهاية الشهر الماضي بعد أربع سنوات من انتشالها من البحر ، ويذكر أن هذه السفينة هي الأقدم اذ أن عمرها 800 سنة وتحتضن قطعا أثرية أكثر يتوقع ان يبلغ عددها 60- 80 ألف قطعة .
— مدينة ذات نظام كامل لصرف المياه قبل ألفي سنة ..
عثر العلماء في أطلال مدينة تشاووانغ التي تعود الى أكثر من ألفي سنة وتعد أكمل عاصمة أثرية بنيت خلال فترة الممالك المتحاربة (465 ق.م – 221 ق.م )، عثروا على نظام كامل لمواجهة مياه الأمطار وشبكة تامة نسبيا لصرف المياه.
يتكون النظام من ثلاثة أجزاء، أولها المنحدر المغطى بنوعين من القرميد لتسهيل سيل مياه الأمطار على الأراضي داخل المدينة، والجزء الثاني يتمثل في قنوات فخارية تتعامل مع المنحدر لتشكل آلية لتصريف المياه، والجزء الأخير هو الأرض المبلطة بالحصى الواقعة على جانبي أسوار المدينة لتوزيع المياه المتغلغلة الى باطن الأرض بصورة فعالة.
هذا النظام لم يكتشف في أطلال أخرى في نفس الطور التاريخي، والقرميد يساهم في حماية سور المدينة من تآكل الأمطار من جهة، ويتحملجمع وتصريف مياه الأمطار من جهة أخرى، وقد تبلور نظام تصريف المياه بدرجات متفاوتة من كل هذه التصميمات.
بالإضافة الى ذلك، عثر العلماء في الأطلال على نظام دفاعي مزدوج من الخنادق، اذ أنه فضلا عن الخنادق الدفاعية المكتشفة سابقا داخل المدينة ، اكتشفت ثلاثة خنادق متساوية في الجهة الجنوبية من المدينة على بعد ألف متر ويبلغ عرض الخنادق أربعة الى خمسة أمتار، ما يصعب على أي شخص أو حصان من عبورها .
وترتبط هذه الخنادق بنهر تشو من جهة الغرب وقد تتصل بنهر فويانغ من جهة الشرق وفقا لتقدير الخبراء عن طريق الأدلة المكتشفة، ما يشكل نظاما كبيرا وكاملا من الخنادق الدفاعية.