صحيفة ايلاف الالكترونية:
ماجد الخطيب:
قال رئيس مركز أبحاث محركات الدفع الألماني إن الصين تقدمت 10 سنوات على الغرب في مجال الحفاظ على بيئة المدن، بفضل انتاج “سكوتر” كهربائية بنوعية جيدة وبأسعار مناسبة للمواطنين.
يتعامل العالم مع الصين كأكثر ملوث للبيئة في مسعاها الحثيث للنهوض اقتصاديًا، على حساب معايير الحفاظ على البيئة. لكن ذلك لا يصح في كل المجالات، وهذا ما يعتقده المختص في العلاقة بين المحركات والبيئة، البروفيسور فيردناند دونهوفر من جامعة دويسبورغ الألمانية.
أكثر من زوجته
لقد اتهم الباحث السلطات الألمانية بالمماطلة في هذه النقطة، وطالب بوضع معايير بيئية لاستخدام الدراجات النارية في ألمانيا. فالدراجات العاملة بالوقود لا تلوث بيئة المدن بغاز ثاني أوكسيد الكربون وذرات السخام فحسب، وإنما تسبب ضجيجًا عاليًا أيضًا.
ويمكن للتحول إلى الدراجة الصغيرة “سكوتر” الكهربائية أن يقلل الضجيج في الشوارع بنسبة عالية. ويمكن، بحسب رأيه، في مرحلة أولى فرض مناطق بيئية حول مراكز المدن الكبيرة، لا فيها يسمح سوى للسيارات والدراجات الكهربائية.
لا يكترث معظم الألمان لاقتناء السكوتر الكهربائي، بحسب رأي جوليا فياني، من وزارة النقل الألمانية. وما يزال بيع هذا النوع من وسائط النقل البيئية ضعيف، فلا يزيد عدد السكوتر التي اجيزت في العام 2013 عن 3000 على مستوى ألمانيا.
ويبدو أن حب الألماني الأزلي لسيارته الفخمة، أكثر من زوجته، لن يتبدد بسرعة، لأنه ما زال يتعامل مع الدراجة الهوائية كأدوات نقل للمسافات القصيرة، وكأداة رياضية أثناء العطل. ولا تتوقع فياني أن تشهد ألمانيا اختراقًا في مجال استخدام السكوتر الكهربائي في المستقبل المنظور.
10 ملايين في السنة
تنتج الصين نحو 10 ملايين سكوتر كهربائي في السنة، كي تسد الطلب الداخلي الشديد عليها. وتشهد المدن الصينية المزدحمة والملوثة اقبالًا شديدًا على شراء السكوتر، وخصوصًا في شانغهاي التي يرتفع عدد سكانها إلى 24 مليونًا. وللمقارنة، فإن العالم كله يبيع نحو 31 ألف سكوتر كهربائي سنويًا.
ويمكن لراكب السكوتر في شانغهاي أن يسير بسرعة 40 إلى 50 كم في الساعة، وهي سرعة تقترب من سرعة السيارات المسموح بها في المدن الكبيرة. ويمكن للسكوتر الصيني، بعد شحنه، السير مسافة 100 كم قبل أن يحين وقت ربطه مجددًا على التوصيلة الكهربائية. هذا يعني أن بامكان المواطن السفر أيضًا إلى المدن القريبة والمبيت فيها عندما يصطحب كابل الشحن الخاص معه، أو أن يشحن بطارية إضافية.
أدى انتشار السكوتر في الصين إلى تقليل الزحام على الشوارع في المدن الكبيرة، وتقليل زخم المسافرين على وسائط النقل العامة، ووفر حلًا مثاليًا لمشكلة وصول الموظفين متأخرين إلى مواقع عملهم بسبب الزحام.
دعم الحكومة الصينية
ويمكن الحديث عن اجرائين مهمين سهلا مهمة النهوض ببيئة المدن الملوثة في الصين، أحدهما قرار الحكومة بمنع الموتوسيكلات العادية من دخول مراكز المدن منعًا باتًا، وثانيهما هو قرار دعم أسعار بيع هذه السكوتر، إذ لا يزيد سعر السكوتر الجيد في الصين عن 300 يورو، وهو ما شجع المواطنين على اقتنائه.
وصار بامكان الصيني صاحب الدراجة النارية أن ينال سكوتر كهربائي مقابل نصف السعر إذا تخلى عن دراجته. وأدت هذه الإجراءات إلى تقليل التلوث إلى حد كبير، كما خففت على المواطن أسعار الوقود العالية. والمهم أيضًا أن هذه السكوتر هامسة، لا تسبب الضجيج في الشوارع، ما أسهم في تقليل مضار المحركات على بيئة المدن.
لم تمنع الحكومة الصينية استيراد السكوتر من الخارج رغم انتاجها الوطني، لكن من يريد الحصول على سكوتر اجنبي أن يدفع أكثر من 1000 يورو. مع ذلك، تبقى هذه الأسعار مناسبة للمواطن الصيني، ولا تقارن مع سعر سكوتر من انتاج بي أم دبليو، موديل س- ايفوليوشن، الذي يرتفع سعره في ألمانيا إلى 15 ألف يورو، بل أن مثل هذه الأسعار العالية، ورفض الشركات الألمانية خفض أسعار منتجاتها، قد يكون سبب عزوف الألمان عن السكوتر. ولا يقل سعر السكوتر من مرسيدس، موديل الكترو ماكسي سكوتر، عن 15 ألف يورو أيضًا، وسرعته تصل إلى 120 كم في الساعة.
كاليفورنيا والتجربة الصينية
دفع النجاح الصيني على مستوى بيئة المدن الاميركان للاهتمام بهذه التجربة الرائدة. وتولى الباحثون في وادي سيليكون دراسة التجربة الصينية واستخلاص العبر منها.
وبينما تتبادل السلطات البيئية والصناعة الاميركية التهم حول المسؤولية عن زيادة تلوث المدن الأميركية الكبيرة، قررت سان فرانسيسكو وضع 100 سكوتر كهربائي قيد التأجير في المدينة.
وترتفع سرعة السكوترز الاميركية إلى 100 كم في الساعة، ويمكن استئجارها اونلاين باستخدام نظام دفع يعمل على الهواتف الذكية. لكن الجميع يدرك أن هذه التجربة، رغم نجاحها المحتمل، لن تدفع قطاع انتاج السيارات الاميركي لتغيير خط انتاجه من السيارات إلى السكوتر الكهربائية على المدى القريب.