هراء الغرب حول التعاون الصيني – الإفريقي
في السنوات الأخيرة، اختلق الغرب نظريات خيالية من عينة ” الاستعمار الجديد” و”الصين تستغل موارد افريقيا”…الخ، ملطخا الصين بالوحل لتعاونها المتكافئ الكسب مع إفريقيا.
غير أن هذه النظريات باتت لا تحظى بشعبية على نحو متزايد، مع توسيع الصين وإفريقيا التعاون باستمرار من حيث النطاق والمحتوى على مر السنين تركيزا على بناء قدرة القارة لتحقيق تنميتها وخلق سيناريو مربح للجانبين.
وفي قمة الاتحاد الإفريقي التي اختتمت لتوها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، شاهد العالم ميلاد ” وثيقة القرن” مفصلة التعاون الصيني- الإفريقي في مشاريع البنية التحتية في عموم القارة الإفريقية.
ورفعت مذكرة التفاهم، التي تصل مدتها إلى ما يقرب من نصف قرن وتغطي القارة بأكملها، العلاقات الصينية – الإفريقية المربحة للجانبين إلى مستوى جديد.
وبينما تبنى القادة الأفارقة خطة تهدف إلى تحسين البنية التحتية لإفريقية التي طبقت على رقبة النمو الاقتصادي طويلا، إلا أن بعض وسائل الإعلام الغربية لم تسعد بذلك.
ومن خلال الترويج لمصطلحات مثل “الدبلوماسية المادية” و” الاستعمار الجديد” وغيرها، اختارت تلك الوسائل الإعلامية أن تكون في موقع الغيور المشمئز من التهميش والمتآمر لإثارة الوقيعة بين اثنين من الشركاء لا يدخران نقطة عرق واحدة من أجل مستقبل أفضل.
وقال البروفيسور مونيني ماتشاريا، محاضر العلاقات الدولية في جامعة الولايات المتحدة الدولية بكينيا، انه ” عندما يصف الغرب المساعدات ومشاريع البنية التحتية الصينية في إفريقيا بأنها استعمار جديد، فإنها تكون مسألة حصر”.
فلا تخفى على أحد في العالم السمعة السيئة للاستعمار الغربي في إفريقيا، والذي استمر لمئات السنين منذ القرن الـ15 وحتى اليوم، القوى الغربية، وخاصة تلك الواقعة في أوربا الغربية والتي يفصلها عن إفريقيا البحر المتوسط فقط، لم تتخلص من عقلية رؤيتها لإفريقيا كـ”فناء خلفي”.
لقد انتهى زمن العبودية في إفريقيا منذ وقت طويل. لكن العلل التي تركها المستعمر الغربي على الهيكل الاقتصادي والبنية التحتية الخلفية لم تعالج بسهولة. ولا تزال إفريقيا إلى يومنا هذا القارة الوحيدة التي لم تنجز التصنيع. ويعود سبب موقعها الضعيف في الاقتصاد العالمي إلى الماضي الاستعماري.
كما تخضع في الواقع حاليا الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن في العديد من الدول الإفريقية لسيطرة القوى الغربية التي استفادت من دورها المهيمن في النظام الاقتصادي والتجاري العالمي. وعلى الجانب الآخر، لم تكسب إفريقيا إلا القليل جراء تعامل الغرب معها كمزود للمواد وسوق لتفريغ منتجاته الصناعية.
وقال ماتشاريا ” الغرب ليس سعيدا لأن الصين تساعد إفريقيا لتجاوز أكبر التحديات التي تواجهها اليوم”. وتابع بأسي قائلا” الغرب موجود في إفريقيا منذ زمن طويل ولكنه لم يضع أبدا تنمية البنية التحتية الإفريقية كأولوية”.
ومن جانبه، قال غريشون إكيارا، محاضر الاقتصاد الدولي بجامعة نيروبي، إن ” الدول الغربية تطور فقط البنية التحتية التي تساعدها على شحن الموارد الإفريقية إلى الغرب”.
وتشهير الغرب لن يخسف إخلاص الصين وأمانتها مع الأشقاء الأفارقة. وفي توصيف حي لرؤية التعاون مع إفريقيا، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن” طائر الفينيق سيأتي إذا بني العش” و”إن تعليم المرء الصيد أفضل من إعطائه سمكة”.
ومن خلال معالجة البنية التحتية، اختارت الصين وإفريقيا كسر المأزق الخانق للنمو الاقتصادي الإفريقي، وتمهيد الطريق للقارة لتعزيز التنمية وتسريع التصنيع.
وكما يقول المثل الصيني ” الثروة ليست بعيدة إذا بنيت الطرق”. والصين مستعدة لمشاركة إفريقيا خبراتها القيمة التي اكتسبتها وحبراتها على مدار السنوات الـ30 الماضية من الإصلاح والانفتاح والنمو الاقتصادي السريع.
والحقائق تتحدث بصوت أعلى من الكلمات. فالصين تساعد إفريقيا في تنمية البنية التحتية وأنجزت 1046 مشروعا. ووصل إجمالي أطوال السكك الحديدية التي بنتها الصين في القارة إلى 2233 كم وإجمالي أطوال الطرق السريعة إلى 3530 كم، ما أسهم بشكل كبير في تحسين ظروف المعيشة والعمل في إفريقيا.
وبلغت الحدة والريبة مداها ببعض وسائل الإعلام الغربية إلى حد تجييش ما يسمي بـ” الدبلوماسية المادية” في محاولة للتقليل من المساعدات الصينية لإفريقيا لنزع فتيل عنق الزجاجة وتحسين البنية التحتية.
وباعتبار ها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أصبحت الصين أكثر تطورا في التعامل مع مثل هذه الدعاية الغربية المغرضة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشون يينغ في مؤتمر صحفي مؤخرا إن ” البعض يقول أن الصين تمارس” دبلوماسية مادية” من خلال مساعدة إفريقيا في تنمية البنية التحتية . وأظن أن هذا ما تحتاج إليه إفريقيا لتحقيق النمو الاقتصادي”.