الصين تدخل الساحة الدبلوماسية الليبية من باب البرغماتية
جريدة ايلاف الالكترونية:
بعد اشهر من دعوتها عبثا الى وقف اطلاق النار، دخلت الصين الساحة الدبلوماسية الليبية عبر اتصالات مع نظام العقيد معمر القذافي ولاول مرة معارضيه الثوار على امل صيانة مصالحها اكثر من سعيها الى تسوية النزاع.
وقام وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي مؤخرا بزيارة الى بكين استغرقت ثلاثة ايام. وبعد اتصال اول في الدوحة مع مصطفى عبد الجليل في الثاني من حزيران/يونيو، تقابل دبلوماسيون صينيون مجددا مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار في معقله ببنغازي. واعربت بكين الخميس عن استعدادها “في مستقبل قريب” لاستقبال ممثلي تلك الهيئة السياسية للثوار.
ويتزامن دخول الصين -اخر الاعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الامن الدولي يلتقي الثوار- الى الميدان مع تغيير اتجاه الرياح في ليبيا حيث بات ينظر الى الثوار على انهم “طرف شرعي” بعد حصولهم على دعم سياسي ومادي من كبرى الدول.
وغالبا ما تحرص الصين في البلدان غير المستقرة على “تنويع” علاقاتها بالتواصل مع حركات التمرد مثل ما جرى في السودان وبورما وباكستان.
لكن منذ بداية الانتفاضة الليبية في شباط/فبراير تمسكت بموقف عدم التدخل والحياد. وبعدما تركت مجلس الامن الدولي، من خلال امتناعها عن التصويت، يصادق على القرار 1973 الذي اجاز الغارات الجوية، عادت وانتقدتها بعد ذلك ودعت مرارا الى حل سلمي.
واعتبرت فاليري نيكيه الباحثة في مؤسسة البحث الاستراتيجي انه “بعد ان كانت تامل بلا شك في فشل التدخل، ادركت بكين ان الوضع تغير فعلا فقررت الحفاظ على مصالحها وعلى وجودها في المنطقة”.
واضافت نيكيه في حديث لفرانس برس انه “على المدى القريب تستانف الصين اتصالاتها مع المعارضين وستقيم مواقع لها، اقتصاديا وبلا شك سياسيا”.
واعتبر جان بيار كابستان من جامعة هونغ كونغ باتيست انه اذا كانت بكين خلافا لواشنطن وحتى موسكو، لم تدع الى تنحي العقيد القذافي ذلك لانها تريد “صيانة المستقبل بالتقارب تدريجيا مع ثوار بنغازي بدون الانسياق الى الموقف الغربي”.
وقال لفرانس برس ان “للصين مصالح كثيرة في الشرق الاوسط وافريقيا” و”ليبيا تقع عند تقاطع طريق الاثنين رغم علاقة معقدة مع العقيد القذافي” الذي تعود اخر زياراته لبكين الى نحو ثلاثين سنة.
ويجب على الصين ان تصون صداقاتها الثمينة في الاتحاد الافريقي كما في الجامعة العربية في مشهد انقلب راسا على عقب بسبب ثورات تتابعها بقلق.
واعتبرت نيكيه ان “بكين لا تريد قطيعة مع +قاعدة+ تسمح لها ايضا بكسب مزيد من النفوذ على الساحة الدولية لا سيما في وجه الولايات المتحدة”.
وقد ردت واشنطن ببرودة على المبادرة الصينية حيث ذكر الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر بان “هناك وسيط للامم المتحدة في هذا الملف”.
وقال جوناثان هولسلاغ من معهد بروكسل للابحاث الصينية المعاصرة لفرانس برس ان “الاهم بالنسبة للصين ليس من الذي يتولى الحكم بل الطريقة التي تخدم بها مصالحها وكيف تحمي مواطنيها”.
وقد اجلت الصين في شباط/فبراير واذار/مارس في عملية واسعة النطاق نحو 36 الفا من مواطنيها الذين كان معظمهم يعمل في قطاع المحروقات والبناء والسكك الحديد والاتصالات.
غير ان وجود الصين في قطاع النفط في ليبيا يظل متواضعا لان هذا البلد يبيع محروقاته خصوصا لاوروبا.
ويرى المحللون ان دخول بكين في الملف الليبي لن يكون له سوى انعكاس ضعيف على النزاع.
وقال كابستان انه بمحاولتها لعب دور الوساطة الجديد بالنسبة لها “قد تلقى الصين وحدها نفس الاخفاق الذي حصدته جنوب افريقيا وغيرها”.