لبناني متزوّج من صينية… “الحياة حلوة بس نفهمها”
صحيفة النهار اللبنانية ـ
مرجعيون ـ رونيت ضاهر:
لم يعد غريبا على المجتمع اللبناني الارتباط بأجانب خصوصا من اوروبا واميركا بسبب التقارب الثقافي واللغوي والاجتماعي، فيما لا تزال آسيا الشرقية وجهة خجولة بسبب البعد الجغرافي والاجتماعي…
ورغم العدد المحدود للزيجات الآسيوية مقارنة مع باقي القارات، فإنّ السنوات أثبتت نجاح هذه التجارب بدليل استمراريتها بعكس زيجات أخرى رغم كل الاختلافات والفروق.
ابرهيم حجازي من بلدة دبين ارتبط بلي (Lee) الصينية منذ ثلاثة عشر عاماً بعد قصة حب دامت اربع سنوات. التقيا في كوتونو في #افريقيا حيث جمعهما الحبّ بلغته الفرنسية التي لا تزال حتى اليوم لغتهما المشتركة ورُزقا بإيفا (10 أعوام) ومحمد (8 سنوات) اللذين يجمعان في شخصيتيهما النفس المشرقي العربي بالروحية الصينية. تقيم العائلة حاليا في الصين، لكنّها تتردّد الى لبنان باستمرار لزيارة العائلة والبقاء على تواصل مع الوطن الأم الذي يعشقه الاولاد ويرغبون تمضية اطول وقت فيه.
التقبّل والاندماج
لا شكّ ان استعداد لي لتقبّل هذا التغيير في حياتها سهّل اندماجها في بيئة ابرهيم، علما انّها تتمتّع بشخصية قوية واستقلالية وتُعـتبر سيدة اعمال ناجحة اذ تدير تجارة بين الصين وكوتونو. حبّها له ونضوجها اختصرا مسافات طويلة وبنيا جسورعلاقة رسماها سويا ورسمياً عام 2003 ولا تزال مستمرّة بنجاح ووهج السنين الاولى رغم الفروق التي تمكّنا سويا من اجتيازها وتكوين عائلة يجمعها الحب والتفاهم والقيم وتربية طفليهما اللذين يظهران مهارات عديدة في مختلف المجالات. بعد ولادة ايفا عام 2005، قرّر ابرهيم الانتقال للسكن في #الصين وادارة عملهما المشترك من هناك بعد ان تسلّم شقيقه جزءا من العمل خصوصا ان الحياة ستكون صعبة بالنسبة لطفلتهم في البلد الافريقي. هذه “النقلة” كانت صعبة على لي بقدر صعوبتها على ابرهيم، فالحياة في مدينة ايوو تختلف كليا عن #شانغهاي حيث تقيم عائلة لي. تعلّم ابرهيم بعض الكلمات الصينية، وتعلمت لي بعض الكلمات العربية واولادهما يتقنان الفرنسية والصينية والانكليزية وبعضا من العربية، ولكن الفرنسية تبقى لغتهم المشتركة.
لدى سؤالنا عن القواسم المشتركة بين لي وابرهيم وبماذا يختلفان، اجاب ابرهيم: “نختلف فقط في موضوع الفوتبول، عدا ذلك نتّفق تقريبا في كلّ الامور”. وعن سر نجاح هذه العلاقة، علما انّهما يعملان سويا في المكان عينه، وبالتالي يقضيان معا معظم وقتهما العملي والحياتي من دون ان يتسرّب الروتين، اجاب: “يستغرب كثيرون هذا الامر لكنّنا تأقلمنا ونفصل حياتنا الزوجية عن العملية لا بل نكمّل بعضنا البعض في كلّ الامور. والامر يعود الى شخصيتي الهادئة وتفهّم الآخر كما انّني انسان مرح واتعاطى بالامور بليونة”. اما لي، فاعتبرت أنّها أقلمت نفسها مع ابرهيم وقالت: “في البداية كنّا لا نتفّق على موضوع السرعة، فهو ينجز عمله وتحضيراته بهدوء وروية فيما انا ارغب دوما بسباق الوقت وكنت انزعج، لكنّني اليوم تأقلمت وبت معتادة على الأمر”. لا يخفي الطرفان ارتياحهما لطبيعة الحياة التي يعيشانها حتى في اتّخاذ القرارات الحاسمة سواء في العمل ام في الحياة اذ يستشيران بعضهما البعض. ابرهيم تأقلم في الحياة في الصين رغم الصعوبات، لكنّ لي لا تمانع اذا قرّر يوما ما العودة الى لبنان للسكن الدائم وحينها ولا تمانع ايضا اذا رغبت من تلقاء نفسها ارتداء الحجاب علما ان ابرهيم لم ولن يطلب منها ذلك.
ايفا ومحمد…
يبدو واضحا المزج في شخصية ايفا ومحمد (الذي يحمل اسم جدّه) بين الثقافتين الشرق اوسطية والشرق الأقصى حتى في سمحتيمهما التي تترك انطباعا للوهلة الاولى انّهما صينيان، فيما في الصين يعرف اهل البلد انّهما يحملان جذورا مختلفة. ملفت حبّهما للبنان وطقسه واهله، وتقول ايفا بعمق يفوق عمرها: “احب #لبنان كما الصين واشعر بالراحة هنا بسبب الهدوء وطيبة الناس. في الصين الشعب متطوّر، ولكن هنا الشعب الطيب، احب الطقس والحيوانات”. كانت ايفا منهمكة بتحضير عجينة الكريب بنفسها لتقديمها لنا رافضة مساعدة جدّتها لأنّها واثقة من اتّكالها على نفسها مطلقة بين الحين والأخرى الانتقادات لشقيقها الذي يلهو بالألعاب الالكترونية.
لا يخفى على أحد دفء الحب الذي يجمع ابرهيم ولي وروح العائلة التي يؤمّناها لولدهما والتربية الشرقية التي يرغبان فيها، حتّى انّهما يفكّران بإرسال ابنتهما السنة المقبلة الى لبنان لانهاء المرحلة المتوسطة والثانوية لاكتساب المفاهيم والقيم اللبنانية.