(زيارة شي للولايات المتحدة) مقالة خاصة: طريق الحرير واسع بما يكفي للتعاون الصيني- الأمريكي
قبل ألفي عام، بدأ طريق الحرير القديم بطول 7 آلاف كم على يد تجار يقودون الجمال لربط الصين بأوربا عبر وسط وغرب آسيا.
واليوم، لا يزال الاختراع القديم يلهم الصين والولايات المتحدة على حد سواء عند صياغة خططهما المعنية لدفع التنمية الإقليمية.
واشتقاقا من هذا الإلهام ، دخلت الى حيز الوجود “مبادرة طريق الحرير الجديد” الأمريكية، مع أفغانستان الممزقة بسبب الحرب في القلب، كممر التجاري المحتمل بين آسيا والغرب، ومبادرة ” الحزام والطريق” التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ لدفع التجارة والتنمية على طول طريق الحرير القديم وما وراءه.
ويقول الخبراء إن زيارة شي جين بينغ المرتقبة الى الولايات المتحدة في أواخر سبتمبر ستوفر فرصة ذهبية للصين والولايات المتحدة لمراجعة رؤيتهما إزاء مبادرة ” طريق الحرير” وماذا يمكنهما العمل معا.
— عزف جماعي
وقال يانغ شي يوي، الباحث بمعهد الصين للدراسات الدولية” إن المبادرتين الصينية والأمريكية تشتركان في الكثير من حيث أهدافهما، إذ تهدف كل منها الى تعزيز النمو الاقتصادي عبر تسهيل التجارة”.
وتوجد مساحة كبيرة وبيئة أيضا موائمة على طول الطريق للتعاون المحتمل بين الصين والولايات المتحدة.
وقال شي “إنها سيمونية تقوم على عزف جماعي، وليس عزفا منفردا من قبل الصين”، مشيرا الى مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الواحد والعشرين والمعروفة اختصارا باسم مبادرة ” الحزام والطريق”.
وصاغت الصين الخطة بطريقة شاملة وصريحة لتشجيع المهتمين على المشاركة، وفقا للخبراء. فمثل طريق الحرير القديم، سوف تسهل مبادرة ” الحزام والطريق” الجديدة التجارة والتعاون بين الدول من مختلف الأديان والثقافات.
وللجانب الأمريكي، فإن مبادرة”طريق الحرير الجديد” تعد مبادرة لوسط آسيا وأفغانستان، وتهدف الى تكامل المنطقة واستغلال امكانياتها كنقطة ترانزيت بين أوروبا وشرق آسيا.
وقالت هيلاري كلينتون، التي اقترحت المبادرة عندما كانت تخدم كوزيرة للخارجية الأمريكية في 2011، إن الشبكة ستسمح لافغانستان بجذب مصادر جديدة للاستثمار الأجنبي والوصول للأسواق الخارجية، مع خلق أسواق وفرص استثمارية جديدة للمنطقة بأكملها.
والمنطقة التي تغطيها المبادرتان الصينية والأمريكية ذات أهمية اقتصادية وسياسية كبيرة، ويتفق إزدهارها وسلامها مع المصالح الصينية والأمريكية على حد سواء، وفقا ليانغ، مشيرا الى أنها تضع أساسا متينا لتعاونهما.
وأوصى الخبراء بكين وواشنطن ببدء محادثات عملية في هذا الصدد، وتحديد كيفية التعاون في بناء البنية التحتية، وتسهيل الاستثمارات وإزالة الحواجز التجارية، من أجل إطلاق العنان للإمكانيات من أجل التنمية الإقليمية.
— شريك وليس منافس
عندما تلتقي المبادرات الصينية والخطة الأمريكية على طول طريق الحرير القديم، فذلك لن يؤدي إلى صدام بل إلى تفاعل كيمائي سينتج عنه عدد كبير من المزايا التي ستعود بالفائدة على جميع المشاركين.
وقال خبراء إن التعاون الصيني-الأمريكي في منطقة تتبع لطرف ثالث يؤدي إلى إنشاء جبهة جديدة لتنمية نوع جديد من العلاقات بين الدول الكبرى بين الصين والولايات المتحدة.
وقد نمت إمكانية وضرورة التعاون الصيني-الأمريكي في منطقة تتبع لطرف ثالث، وذلك مع تنامي تأثير النفوذ الضخم للولايات المتحدة، بصفتها أكبر دولة متقدمة بالعالم، في كل ركن من أرجاء العالم، وأيضا مع تزايد تأثير الصين، التي تعد أكبر دولة نامية، في الشؤون الإقليمية والدولية.
وضمن الجهود التعاونية الأخيرة لتعزيز التنمية الاقليمية، بدأت مجموعة من الدبلوماسيين الأفغان يوم الأربعاء دورة تدريبية لمدة أسبوعين في واشنطن وذلك كجزء من برنامج مشترك تم تنظيمه من قبل الولايات المتحدة والصين.
ويعد هذا العام الرابع الذي تتشارك فيه كل من الولايات المتحدة والصين في تدريب دبلوماسيين أفغان جدد، حيث يزورون البلدين من أجل تطوير مهاراتهم الدبلوماسية والاتصالية والادارية.
وقال السفير الصيني لدى الولايات المتحدة تسوي تيان كاي إن البرنامج المشترك يعد نموذجا جيدا للتعاون الصيني-الأمريكي فى منطقة تتبع لطرف ثالث.
وقال الباحث يانغ إن التعاون الصيني-الأمريكي في هذه الجبهة الجديدة يحتاج إلى مشروع حقيقي، مضيفا أن مبادرات “الحزام والطريق” قد تكون نقطة الالتقاء حيث تتعلم كل من الصين والولايات المتحدة كيفية التعامل مع بعضهما على قدم المساواة وبطريقة متبادلة المنفعة، والتي تعد العامل الأساسي لنوع جديد من العلاقات بين الدول الكبرى.
وقال يانغ إن “التمسك بمبادئ المساواة والعمل معا من أجل التنمية المستدامة للمنطقة يعد مفتاح النجاح”.
— التحديات المقبلة
وقال خبراء إنه من المتوقع أيضا أن يواجه التعاون المحتمل بين الصين والولايات المتحدة حول طريق الحرير تحديات بالإضافة إلى عقلية الحرب الباردة المتشددة والاختلاف في الأيدولوجيات بين الصين والولايات المتحدة.
ولا تزال العديد من البلدان على طول الطريق، بما فيها باكستان وأفغانستان، تعاني من صراعات ووجود حركات انفصالية وعدم استقرار سياسي.
وتشكل تلك العوامل تهديدات لسلامة الأفراد وبناء البنية التحتية، إضافة إلى الاستثمار المستقبلي.
وقال يانغ إنه لا ينبغي على الصين والولايات المتحدة تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي فحسب، بل أيضا في استعادة السلام والاستقرار في المنطقة والحفاظ عليهما.
علاوة على ذلك، فإن التعاون بينهما على طول طريق الحرير سيواجه تحديات من قطاعات مالية أيضا. أولا، إذ أنه من المعروف جيدا أن مشاريع البنية التحتية، والتي تعد جزءا مهما في كل من مبادرات طريق الحرير الصينية والأمريكية، تحتاج إلى دعم من نظام مالي دولي مستقر.
وثانيا، من حيث المبدأ، لا يمكن تنفيذ التعاون التجاري على طول طريق الحرير بشكل جيد دون خدمات مالية جيدة.
وتعتبر النظم النقدية والمالية الدولية حاليا في مرحلة من التعديل وتعاني من حالة كبيرة من عدم اليقين والاستقرار، وإذا جاز التعبير، فإن أكثر ما يقلق التعاون بين مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الصينية ومبادرة طريق الحرير الجديد الأمريكية هو وجود نظام مالي عالمي غير مستقر.
وقال يانغ إنه لا بد للصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم وأكبر الدول النامية والمتقدمة على التوالي، من تعزيز التعاون والتوصل إلى تفاهم في مجال التمويل لتسهيل المشاريع التعاونية على طول طريق الحرير.
وقال الخبراء إنه على الرغم من تلك التحديات، فإن طريق الحرير يعد واسعا وطويلا بما فيه الكفاية للصين والولايات المتحدة لتنفيذ مخططاتهما وتعاونهما.