في الرد على عرض رضا الصامت.. نسخٌ وبعثرةٌ وبقيةُ الـ”بهيةِّ”
موقع الصين بعيون عربية ـ
الشيخ محمد حسن التويمي*:
في الكتابة الصحفية فن وإبداع وتسويق للفكرة وإعلاء للحقيقة، والتزام بتلك المبادئ الإعلامية المتعارف عليها، والقوانين الكتابية التي من ضمنها نظرية “الهرم المقلوب”، أو غيرها من القوانين الحديثة. ومن أجل أن تكون المقالة مقالةً، وحتى يكون الخبر خبراً، والتحقيق تحقيقاً مُضمّخاً برشاقة ملحوظة، لا بد، بل ومن الضروري، عرض المادة الاعلامية الآنفة الذكر بأسلوب سهل وترتيب بيّنٍ، وتسلسلٍ واضح في الأفكار والرؤى والتصريحات، والاخيرة إنما تأتي عادة في المتن.
مادة “الصامت” ليست خبراً بالقطع لأن للخبر قوانينه الصحفية، ولا هي بمقالة طبعاً لان للمقالة مبادئ كثيرة وهي عِلم يُدرّس في الجامعات، وليست تماماً تحقيقاً لأن للتحقيق أُسلوبه الواضح، بل يمكن ان نقول أن النص – المادة هو أو هي “بقية” و “بهية”، وجمعٌ من هنا ومن هناك لشذرات معلومات غير مرتبة وليست متسلسلة، ويبدو ان التطلع الشخصي كان لمجرد كتابة مادة ونشر مادة، أي مادة بغض النظر عن نصِّها، يمكن ان تتحدث بطريقة ما عن المسلمين بالصين وأحوالهم، لذا لم يؤدِ النص هدفه، ولم تأتي أُكله.
في مقالة السيد رضا الصامت الذي هو من تونس الحبيبة الخضراء، التي نعتز بها أيّما اعتزاز ونُكبر شعبها العربي والمسلم الأصيل، خروجٌ عن السياق الصحفي، وبعثرة في الأفكار والمرامي، ونقلٌ بطريقة “طبق الأصل” بفأرة الحاسوب، لمواد تتوزع على عناوين ومراجع إنترنيتية، غير مُنسجمة تارة في تسلسلها، ومتناقضة في حين أخر في عرضها واقتباساتها. وللآسف، مرت تلك المادة مرور الكرام في مجلة “مرافئ الصداقة” العزيزة التي نعتز بها كثيراً، ونعتز بالقسم العربي الصديق للاذاعة الصينية الصديقة، وهو قسمٌ نرنو دوماُ معه الى مواد إعلامية متميزة، تتراوح بين أخبار ومقالات وتحقيقات ولقاءات صحفية وريبورتاجات الخ ، لكونها تشكل لنا مَعيِناً معلوماتياً لا ينضب عن جمهورية الصين الشعبية الحليفة، وعن المسلمين والاسلام بالصين، لا يتقدم عليه مرجع آخر، لكون الاذاعة عنصراً فاعلاً في الاعلام، والساعد الصوتي الذي لا بديل عنه يوماً في إثر يوم، للعرب والمسلمين، ولكل الاحرار في العالم، الذين يتطلعون الى الحقيقة عن الصين الحبيبة.
وأكرر، أن إعلام القسم العربي للاذاعة الصيني الصديقة تشكِّل لنا معيناً لا ينضب للحقيقة، وبئر لا قرار له للمعلومات المفيدة جداً، والتي لا جدال فيها ولا نقاش عن الدولة الصينية الحليفة والحبيبة وشعبها المتآخي معنا.
في مقالة السيد رضا الصامت، قرأت الأهوال التي لا تتفق مع العرض الصحفي، ولا تتماشى مع الكتابة الإعلامية، ناهيك عدم تناغمها مع تلكم الفن الكتابي عموماً. فقد جاء التالي في “المقالة” المزعومة، وهي ليست بمقالة البتة، في العدد رقم أُغسطس / آب – 2014 ، من “المرافئ”، الصفحة 6-8، تحت عنوان “ذكرياتي الجميلة مع مسجد “نيوجيه” في بكين”، أي أنه عرض عن مسجد “نيوجيه” الواقع في شارع البقر في بكين، وهو شارع صيني شهير للسياح:-
1/ المقدمة لم تكن موفقة، ففي حين يتم الحديث عن مسجد واحد، جاء في السطر الثاني الحديث عن “مسجدين” إثنين، والثاني تلاشى وتبخر في طيّات المادة!. الحديث الذي جاء بقلم الصامت، يُشير الى مسجد واحد، وعنوان المادة كذلك.
2/ الحديث في المادة لا يتدرّج ولا يتسلسل، إذ أنه يبدأ بعرض عن “نيوجيه” كمسجد، ثم يتحدث صاحب المادة عن الجمعية الاسلامية في الصين وتصريحات له أدلى بها نائب رئيسها “قوانغ”، ثم يتحدث الصامت عن مسلمي الصين والصلوات والشعائر الاسلامية، وبعدها يقفل عائداً ليتحدث عن قضايا عديدة تخص المسلمين والجمعية من حُجحٍ وأطعمة إسلامية، وغيرها، ثم يعود ليتحدث عن مساجد الصين وبخاصة عن مسجد “نيوجيه”، ويُسهب في وصفه من الداخل بصورة لا تهم القارئ، بقدر ان القارئ – عملياً – يهتم بوضع مسلمي الصين، الذين يتم تشويه صورتهم وصورة الصين نفسها، في وسائل الاعلام الغربية والامريكية، وفي تلك العدوة للصين، وهو أمر لم يتطرق إليه صاحب المادة، لا من قريب ولا من بعيد، ولم يرتّب مادته في هذا الامر الهام، الذي تتصارع من حوله وسائل الاعلام، بين مؤيد للصين وحرياتها ونمطها الاجتماعي والسوسيولوجي الجديد، وبين معارض لها، ينتمي للغرب الاستعماري.
3/ ويتطرق السيد الصامت، ويا ليته صمت عن المادة ولم ينشرها، عن تاريخ المسجد، كما ويتطرق لأُسرة سونغ الملكية، بدون مراعاة التسلسل في عرض المادة التي غدت متداخلة للغاية ومُملّة، لأن القارئ يتعب عادة في ملاحقة المعلومات والنص المتداخل، والنص غير السهل سيّما في مسألة اللاترتيب.
4/ ولعل الخطأ الجسيم الذي وقع في السيد الصامت، هو التضارب في الارقام بشأن عدد مسلمي الصين. فحين يتحدث في الصفحة 7 الفقرة 4 و 5 عن عشرين مليوناً، وعن مئة وعشرين مليوناً، أي بفارق مئة مليون “فقط” في عدد مسلمي الصين، وهو أشد الخطأ وأعمقه، ويضفي بالطبع علامات استفهام على كيفية ظهور هذه الارقام لديه بالكلمات وليس بالارقام ، أي أن الخطأ لا يمكن ان يقع في حال وروده بالكلمات، لأن الخطأ عادة يكون في الارقام البحت.
ـ ولدى عودتي الى المراجع حول مسلمي الصين في صفحات الانترنت وعناوين المواقع الالكترونية الإخبارية من صينية وغيرها، تبيّن لي التالي:-
1/ الارقام المُضخّمة لعدد مسلمي الصين إنما إقتبسها السيد الصامت اقتباساً “حرفياً” ودون تمحيص في حقيقتها، وهي من موقع معادٍ للصين. ونحن إذ نروم الى ان يكون عدد مسلمي الصين كبيراً، وبأن يشغل الفضاء الأوسع، لنتصاهر معهم ونتصادق بعمق، ونفاخر بهم، إلا إن الحقيقة تبقى هي هي، لا جدال فيها، بأن العدد ما يزال قليلاً قياساً لعديد سكان الصين ووضع المسلمين التاريخي هناك. ولا يتعدى العدد في معظم الاحوال المنطقية الاربعين مليوناً، بينما في الأرقام المعتمدة في الصين، يتراوح بين 20 إلى 30 مليوناً.
ـ وفي تلك التي تسمّى “مقالة” للسيد الصامت، تضاعف عديد المسلمين إلى خمسة أضعاف، والمرجع “المُحكم” لديه هو موقع معادٍ للصين، إسمه “شبكة أنا المسلم للحوار الاسلامي” وغيرها من الشبكات المناهضة للصين. أما كاتب المادة التي أوردت رقم 120 مليون عن المسلمين بالصين، هو المدعو ((أركين عالم تركستاني))، وهو داعية لإنفصال مناطق الصين الغربية عن وطنها الأُم.
ـ وفي الرقم الذي “لا يقل” – كما كتب الصامت – عن مئة وعشرين مليون نسمة، إنما هو مقتبس إقتباساً حرفياً من الموقع المعادي للصين ومن مواقع اخرى شبيهة به، تدّعي بأن ذلك وكما كتب الصامت أيضاً هو بأقلام “إحصاء المهتمين في الشأن الاسلامي” في الصين، أي أنها تـُنشر بأقلام أعداء الصين التي يتربصون بها، وهي أرقام أتى بها الصامت وعتمدها تماماً في مجلة صينية ليتم تسويقها، وهو يرى أن تلكم الرقم لا يأتيه الباطل من أي جانب !
ـ لذا، وبعد حديثه عن نسبة المسلمين في نينغشيا وشينجيانغ، يَدلف الصامت لإقتباس كلمة واحدة حشرها حشراً في مادته ، وباتت تشكّل مسألة تعتبر في غاية الخطورة والعداء لوحدة التراب الصيني، وهي كلمة “مستقلة”، وقد ضربت جذورها في نص يَصف المناطق الصينية الغربية ذاتية الحكم نينغشيا وشينجيانغ (شينجانج) بأنها “مستقلة”، وبالتالي فهو من خلال هذه الكلمة، يتساوق ويتماشى مع الأمزجة الإنفصالية عن الصين، ويَنسجم مع تلك القوى الارهابية والإحلالية فيها، لأطراف التحالف الغربي والتركي والبوذي التابع للدالاي لاما، المتعاضد بدوره مع واشنطن وتل أبيب.
لا أدري لماذا يكتب الصامت بهذا الاسلوب الخبيث والمرفوض من جانبنا كأتحاد دولي حليف للصين، ومن جانبنا كذلك كمسلمين مؤمنين، فقد لاحظت أنه في كتاباته الاخرى يُعارض عملياً القانون الدولي وسيادة عدد من الدول العربية على اراضيها ويقف ضد رؤسائها الشرعيين، فإن كان الأمر غير ملاحظ لديه، ومجرد غثبرة من هاوٍ لقلمٍ، أي إذا كان لا يَعلم عما يكتب بأمور العالم، فهو مظهر جد خطير خطير ومصيبة عظيمة، وإذا عَلِمَ وأدرك ذلك، فهو يعني الكثير لجهة توجّهاته الحقيقية في ملف الصين ومسلميه من الاخوات والاخوة هناك قضاياهم، ومنهم العرب هناك، وهنا تكون المصيبة أعظم.
ـ الموقع المذكور العدو للصين، الذي يبدو ان الصامت يتابعه، ومتابعته هو أمر خطير، يُعادي الصين تماماً، ومما يقوله الموقع ان “رئيس الجمعية الإسلامية هلال الدين تونغ ونغ ياو لا يجرؤ على الدفاع عن الإسلام والمسلمين، بل على العكس يدافع عن جرائم الصين بحق المسلمين فما بالنا بالآخرين”. و “الجرائم” المزعومة التي يتحدث عنها الموقع بحق المسلمين، إنما هي موجودة فقط في مخيلة أصحابها المريضة، وهي تسكن في أدمغتهم الخرفة والخرقاء. والموقع المشار إليه ينادي الدول الأُخرى لغزو الصين وإضعافها لكونها يُصوّرها وللأسف الشديد كدولة مارقة، ويدعو لتقسيمها، بهدف إتباعها للحرامية واللصوص وقطَّاع الطُرق الدوليين، الذين يريدون اليوم ذبح الدولة السورية والعراقية وشعبهما، ودعم ومساندة المدعوة ربيعة قدير، التي تترعرع في احضان واشنطن، والدالاي لاما، البوذي الديانة والامريكي الهوى.
ـ وفي المراجع، وجدتُ معلومات كثيرة وقديمة، وأخرى حديثة التاريخ، تقول ان السيد قوانغ ليس “نائب رئيس الجمعية الاسلامية الصينية”، كما جاء في مادة السيد الصامت، بل هو بالذات رئيس الجمعية.. انا لا أعرف السيد قوانغ، لكن هذا هو الذي قرأته عنه بالصحف الالكترونية الصينية .
ـ وحتى في قضية الاطعمة الاسلامية وتبادلها بين الصينيين وبين أتباع قومية (هان) الصينية الأكبر والأكثر عدداً، نرى ان الصامت إنما يقتبس ذلك من الانترنت ايضاً. وهنا نتساءل بشرعية ومشروعية تامّتين: ما هي انطباعات الصامت الشخصية عن زيارته للصين، حين كان نصّهُ الاعلامي المنشور هو مجرد اقتباسات عشوائية من الانترنت.. ألا يمكنه الكتابة من بنات وأولاد أفكاره عن الدولة التي زارها، ولماذا يتّبع النسخ.. سؤال نطرحه على السيد الصامت نفسه، ونريد منه جواباً عليه علنا نحن مَعشر القراء نجده سريعاً، ونأبى أن يقتبس أحد أية معلومات مقتبسة من أعداء الصين الذين يُديرون عليها الدوائر، فلا حاجة لنا بها.. والسنون قريبة لتكثير عديد المسلمين الصينيين الذين يتمتعون بكل الحقوق والواجبات الوطنية، في عهد الاصلاح والانفتاح الصيني، وهي الحقيقة، لكن لا يمكن للتمنيات أن تأتي بالحقيقة، ولا يمكن للفبركات أن تقنع شعوباً، ولا يمكن لنسخ من مواقع على صورة “ستار تايمز”، ولا من مواقع صينية رسمية أو المركز العربي للمعلومات أو شينخوا التي نجل ونحترم ان يعكس وجهات نظر شخصية لشخص يزور الصين، لأن الكاتب القدير الممتلئ أفكاراً، لا ينقل نقلاً، بل يؤلف تأليفاً، وتنهمر الكلمات من بين أنامله بإبداع وسرعة وتسلسل ومنطقية جاذبة للقراء، وما عداها يكون بعثرة و.. “بقيّة” الـ”بهية” التي يعرفها أهل بلدان المغرب العربي العظماء معرفة حقيقة !!!
*مسؤول الملف الإسلامي والمطبوعات الاسلامية في الصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين
شيخنا محمد حسن التويمي مثلما انا متابع لكتاباتك و احترم آرائك ، فأنت أكيد متابع لكتابات التي و يا للأسف لم تنل اعجابك أريد ان أوضح لك أن هجمتك هذه لا مبرر لها و يبدو انك لم تكن منتبها لعنوان المقال و هو ذكرياتي في مسجد نيوجيه انا فقط تجدثت عن ذكريات قضيتها بمسجد نيوجيه و وصفتها بالجميلة …. و ان كان هناك بعض الجمل المقتبسة التي دخلت في النص فهذا ليس خطأ و يحدث لدى الكتاب الكبار يا شيخنا الجليل … و لم اقصد اهانة او اساءة اي طرف كان فانت و اخي مروان و اصدقاء كثر يعرفون تماما من هو رضا الصامت الذي هو اقدم مستمع لاذاعة بكين فمنذ طفولتي و ان صديق لشعب الصين و مسلمي الصين فلا احد يمكنه ان يشكك في تاريخ الصامت . استغربت حقيقة لما صدر من حضرتك من كلام قاس تجاه شخصي و لا الومك حاشا و كلا بالعكس انا اشكر اهتمامك بكتاباتي المتواضعة و لا ادعي ابدا انني من الكتاب الكبار و لست حتى كاتبا ان هذا يفرحك فانا و الحمد لله شخص متواضع احب الصين و شعب الصين و مسلمي الصين كما احب كل شعوبنا العربية و كل اصدقائنا ان يعيشوا في امن و سلام و حب و مودة . استغربت ايضا من خلال فقرات مقالك كيف تكيل لي التهم المجانية سامحك الله و لكن افضل ان اشكرك لأني اقدر حق التقدير مهامك السامية و يكفيني شرفا أن وجهت لي نقدا و في الآن نفسه تحية لأهل تونس و المغرب العربي الكبير . و بورك فيكم اخوكم رضا الصامت تونس ; السلام عليكم و رحمة الله و بركاته