الاردن والصين.. مُداواة مُثلى للبشرية
موقع الصين بعيون عربية ـ
علاء ساغة*:
تُعتبر الينابيع الحارة والمياه المالحة ومنتجعاتها في الاردن والصين من أشهر المنتجعات العالمية. ويتوجه عدد كبير من المرضى من مختلف دول العالم الى الاردن و الصين للمداواة الفاعلة من أعراض مختلفة، وبعضها مُزمن، يتم القضاء عليه قضاءً مُبرماً في لجّة مياه ينابيع المنتجعات الاستشفائية للبلدين. ومن الأعراض التي يتم التعامل معها بنجاح في الصين والاردن، آلام العنق والديسك، علاج الصداع النصفي والصداع المزمن. إضافة لعلاج فيزيائي لأمراض منها، الإلتهاب الشعبي، مساج علاجي, مساج إسترخائي، مساج تخسيس، شد الترهلات، ومساج ترديد ما بعد الولادة وتنظيف البشرة، وإزالة الشعر بإستخدام أحدث الاجهزة .
وتُبهر المياه الاردنية والصينية المرضى في علاج أسرع ومختصر جملة اخرى من الامراض، وفي تفاصيل ذلك: الأمراض الجلدية: الصدفية, الجرب, الأكزيما المزمنة و أنواع الربو والحساسية. كما أنها تشكل عاملاً هاماً في تنشيط الجلد ومهامه الحيوية في تصريف العَرق والأملاح.. أمراض والتهاب المفاصل: الأمراض الروماتيزمية والالتهابات المفصلية المزمنة. تيبس المفاصل. الجهاز التنفسي: توسيع الشعب الهوائية والقضاء على النزلات الصدرية.. التهاب الجيوب الأنفية, الرشوحات بأنواعها المختلفة خاصة المزمنة منها. . الجهاز العصبي: الالتهاب العصبي, اضطراب وظائف الجهاز العصبي عامة, آلام الجهاز العصبي, ويساعد العلاج بالمياه المعدنية والحارة على استرخاء الجهاز العصبي والراحة والعودة إلى النشاط والحيوية بالقضاء على الإجهاد.. الدورة الدموية: تنشط الدورة الدموية وخاصة مناطق الأطراف مما يعيد الحيوية والنشاط إلى الجسم. ارتفاع ضغط الدم, اضطراب الدورة الدموية وخاصة في مناطق الأطراف.. العضلات: تيبسّ العضلات, المساعدة على استرخاء العضلات والشلل بأنواعه ومنه وبخاصة العضلي, تقلص العضلات، والشلل النصفي, وشلل الوجه, استعادة النشاط العام, الالتهاب العضلي الليفي.. وهناك تأثيرات مختلفة تعتمل في المياه العلاجية، من ضمنها: تنشيط إفراز الغدد علاج الإجهاد العصبي والنفسي, التهاب المبيض والقولون المزمنين, الامساك المزمن وتصلب الشرايين, إدرار البول والتخلص من الحصى في المسالك البولية, إضافة الى العلاج السلوكي واستعادة الحيوية، والاحتفاظ بالشباب والنشاط العام، والوقاية من الأمراض عامة.
ويشترك الاردن مع الصين في تقديم خدمات المنتجعات الصحية العلاجية على نطاق واسع. فمنطقة البحر الميت أو ما يُعرف في التاريخ ببحر الملح والبحر النتن والمُغلق، تشتهر في تاريخ الامم، وتُعتبر واحدة من أهم بقاع العالم قاطبة في توفير ملاذ آمن للمرضى، الذين يتطلعون الى علاجات حاسمة مِن كل داءٍ يقيّض حركتهم ويُشغل عقولهم. ناهيك عن العديد من منتجعات المياه الحارة المنتشرة في شمال ووسط وجنوب الاردن، منذ عهود بائدة، وما تزال تحتفظ بنجاعتها وألقها العلاجي، وبعضها كانت منتجعات مُفضّلة لملوك تلك الازمنة وقادة بلدانها وجيوشها.
وفي الواقع الجغرافي الاردني المُعاش، تنبع في الأراضي الأردنية على موازاة حفرة الإنهدام الكبرى وفي الجهة الشرقية منها، كثير من الينابيع الحارة التي تصل حرارتها إلى 64 درجة مئوية. وتنساب هذه المياه في مجاري الأنهر والأودية لتصب أخيراً في البحر الميت . ويذكر الدكتور إلياس سلامة في كُتيب صغير صادر قديماً عن وزارة السياحة الأردنية حول ذلك أنه ” ومنذ عصور ما قبل التاريخ استخدمت مياه هذه الينابيع للاستحمام والاستشفاء.. ويُرى هذا من الإنشاءات والآثار المحيطة بأغلبها. ومازالت هذه الينابيع تستعمل في معالجة بعض الأمراض والاستشفاء منها, ويظهر أن العلاج بالمياه المعدنية هو أول أنواع من العلاج الذي استعمله الإنسان بعد ثبات نجاعته”.
ويستطرد المؤلف، وكان سكان البلاد من عرب ورومان ويونان وغيرهم “يستغلون هذه الينابيع لاستعادة صحتهم وللاستشفاء بمياهها الحارة لما تزخر به من مواد ذائبة، ولما لها من خصائص معدنية. وذلك رغماً عن أنه لم تتوفر لهذه الشعوب القديمة المعرفة بميزات المياه الفيزيائية والكيميائية. إلا أن الاستعمال للاستشفاء أتى من خبرة عشرات القرون وثبات فعالية الاستعمال لتلك الأهداف.. وبقيت المياه المعدنية والحارة تسخّر لأغراض الاستشفاء، كجزء من أساليب العلاج الطبيعي حتى بعد فترة تطوير الأدوية واستخدمت كثيراً وما زالت حيث يعجز الطب الحديث أحياناً في المساعدة”.
وتتركزأغلب الينابيع الحارة في الأردن في مناطق مثل، منطقة الطفيلة بوادي الحسا ووادي عفرة، ومنطقة اللسان – غور الكرك (وادي الذراع وادي ابن حماد)، ومنطقة حمّامات ماعين وزارا (وادي زرقاء ماعين)، ووادي أم هديب، ومنطقة جرش – دير علا، (وادي نهر الزرقاء)، ومنطقة الحمّة الأردنية, ووادي اليرموك ووادي العرب، منطقة الأزرق (بئر الأزرق) وغيرها.
في أحد تحقيقاتها الاذاعية، عرضت أشهر إذاعات الصين ، وهي إذاعة الصين الدوليةCRI “القسم العربي”، أنه بينما يَسود الجو البارد القارس معظم مناطق الصين، هناك وسيلة مُثلى للسياحة، تُشعر الناس بالدفء والمُتعة وتجدّد الروح. نعم، لقد أصبحت الرحلات إلى منتجعات الينابيع الحارة التي تنفث بخاراً، أسلوباً سائداً للسياحة والراحة في كل أرجاء البلاد الصينية، خاصة في العاصمة بيجين وفي شمال الدولة. ففي بيجين توجد العشرات من منتجعات الينابيع الحارة، وأشهرها منتجع شياو تانغ شان، الذي يقع في شمال العاصمة، ومياه أحواضها الصفراء الفاتحة صافية، خلافاً لبعض الينابيع الحارة المُتعكِّرة اللون، التي تحمل رائحة الكبريت.
وفي حال التجوال في منطقة لين تونغ، بمدينة شيآن بمقاطعة شنشي شمال غربي الصين، نجد مُنتجعاً للينابيع الحارة، ذا مواصفات فريدة من نوعها في الصين، يستحق الاعلان عنه وإعلاء مكانته، وهو يُدعى “مُنتجع ينابيع هوا تشينغ”، ويقع على سفح جبال ليشان، ويعود تاريخه إلى أكثر من6000 سنة، حيث لا تتراجع درجة حرارة المياه فيه عن 43 درجة مئوية طوال فصول السنة، وهذه الينابيع تحتوي على عناصر معدنية كثيرة. لذا، جذبت شهرتها كثيراً من السياح، ليستمتعوا بالمياه الدافئة للحمامات المعدنية الطبيعية هناك.
وفي السجلات الصينية نقرا ان أكثر من مليون سائح محلي وأجنبي يترددون سنوياً إلى كل منتجع من منتجعات الصين، ومن بينها منتجعات المياه الدافئة لحمامات معدنية طبيعية. ويحظي الاستحمام بالينابيع الحارة في الاردن والصين بإقبال كبير من قبل المواطنين الصينيين والاردنيين على حد سواء، وعادة ما يكون ذلك خارج إطار البرامج السياحية. ومن المنتجعات الصينية الشهيرة وهي بالأُلوف، منتجعات مدينة يانغتشو، وهاينان 58 منتجع، وقوانغدونغ 28 منتجع، وتشجيانغ 22 منتجع، ويونان 21 منتجع، وجيانغسو 16 منتجع، وبيجين 11 منتجع، وقوانغشى 11 منتجع، وسيتشوان 9 منتجعات، وشنغهاي 8 منتجعات، وانهوى 8 منتجعات، وفوجيان 7 منتجعات، و” نيي منغول’ 6 منتجعات.. كن لعل “مملكة المحيطات” – المنتجع السياحي الجديد في الصين هو وأحد من أشهر المنتجعاتن وهو يقوم في مدينة يواكوما الصينية، ويتميز بأنه فريد بنوعه، ويحمل علامة الخمس نجوم، ويقدم خدمات ترفيهية من نوع خاص لزواره، ويعرض لعدد كبير من المخلوقات البحرية في احواض شفافة للزائرين، كما يقدم ملاعب ومطاعم واماكن للعلاج والترفية والاقامة الفندقية المميزة، ويرتاده ملايين السياح سنوياً، من جميع أنحاء العالم.
وفي أفضلية مياه الينابيع، احتواءها على العديد من العناصر المعدنية المفيدة للجلد، وهي تلعب دوراً كبيراً في تحسين الدورة الدموية، وتوفير المتعة والراحة لنفس والجسد. وبعد تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح الصينية، أخذت “بلاد هان” تشهد نمواً اقتصادياً، وبالتالي تحسّناً ملحوظاً لمستوى معيشة الشعب، وهو ما يسمح بالتمتع بملذات الحياة التي انتجتها الطبيعة.
في الصين تبرز على نحو خاص حمامات وأحواض المنتجعات ذات “التصاميم الذكية”، وتتسع مساحاتها باضطراد، وهي تقدم أفضل الوسائل للراحة والاستجمام والاستحمام بينابيعها الحارة. ويكشف القسم العربي للاذاعة الصينية، عن أنه تم إدخال الوسائل الأوروبية والآسيوية، كالاستحمام خلال تساقط الثلوج من الغيوم، ما يُشعِر المرء بالنشوة، كما سيّما خلال هبوب الرياح وتصاعد البخار فوق سطح المياه، والتدليك في المياه الجارية، والاستحمام في الهواء الطلق، إلى جانب توافر الوسائل التقليدية، كالتمتع بالموسيقا، وتناول الشاي الاخضر، ومشاهدة الرقصات الفلكلورية لأسرة تانغ الملكية الصينية خلال الاستحمام بالذات. ويتردد عدد كبير من الزبائن على المنتجعات، وأحياناً كثيرة ينتظرون الدخول إليها في طابور طويل.
ومن اجل ترويج أمثل للمنتجعات الصينية، أخذت الصين ليس في زيادة البرامج السياحية التي تحتوي ثقافة الينابيع الحارة فحسب، بل كذلك بإقامة متاحف ومعارض مكرّسة لها، على شاكلة، “معرض تاريخ الينابيع الحارة وثقافتها”، وهو أمر يَجمع بين عنصرين هامّين هما، المشاركة والتناغم ما بين الثقافة والاستجمام، وهو مظهر جديد في سياحة المنتجعات والعلاج المنتجعي، يكتسب بُعداً كبيراً في هذه الصناعة التي غدت شعبية بكل المقاييس المتعارف عليها.
*مدير نافذ في فعاليات سياحية اردنية وعضو في الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حلفاء الصين.