قفزات تاريخية وتغيرات جبارة ومستقبل مشرق في شينجيانغ
بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيس منطقة شينجيانغ
موقع الصين بعيون عربية ـ
صالح عيدروس علي*:
تقع منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم ( بإختصار شينجيانغ ) في شمال غربي الصين، وتذكرها كتابات عربية بأسم ( سنكيانغ )، وهي اكبر منطقة (مقاطعة) مساحة في الصين، وتحتل سُدس مساحة الصين، ويبلغ طول حدودها البرية 5,600 كيلومتر , كما انها تقع في قلب أوراسيا، تجاورها منغوليا وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وافغانستان والهند، ومن موقعها الجغرافي والسياحي كانت ممراً رئيسياً على طريق الحرير القديم، وفيها حاليــــــــاً ( 56 ) مورداً سياحياً من بين 68 مورداً متنوعاً في الصين .
وتنشط في أرض الايغور الذين يتحدثون اللغة التركية مجموعات أنفصالية تسعى الى استقلال المنطقة المعروفة بأسم ( تركستان الشرقية ) , وقد سبق أن أعلنت هذا الاستقلال مرتين في العام 1933م والعام 1944م لكن لفترة قصيرة , كما أن الحكومة الصينية تعتبر وجودها في المنطقة سيصبح منطقة عازلة بين بقية أقاليم الصين وبين المنطقة المضطربة التي يعيش فيها الأرهاب مثل باكستان وأفغانستان وعدد من دول اسيا الوسطى ، وتعتبر منطقة شينجيانغ أحدى المناطق الخمس الذاتية الحكم للأقليات القومية في الصين.
يعيش في شينجيانغ حالياً 47 قومية أهمها قوميات الويغور , هان، القازاق، هوي، منغوليا، القرغيز، شيبوه، الطاجيك، الأوزبيك، مان ( منشوريا ) , داوور , التتار , الروس.
وأهم الاديان في شينجيانغ في الوقت الحاضر الاسلام، الذي عرفته المنطقة في اواسط القرن العاشر، مع اعتناق شاتوك بوراخان ملك مملكة قراخان المحلية , حيث بدأ دخول الدين الجديد إلى شينجيانغ، وكانت قشغر أولى محطاته هناك , لينتشر بعدها في بارتشيانغ وكوتشار، ثم شمال شينجيانغ بعد القرن الرابع عشر وحتى القرن السادس عشر، الذي شهد دخول الاسلام شينجيانغ كلها واصبح يعتنقه أهالي قوميات الويغور/ والقازاق/ ومنغوليا/ والطاجيك/ والقرغيز، وقد حل الاسلام محل البوذية في نهاية الامر، فصار ديناً سائداً في شينجيانغ، ومن المذاهب الاديان الاخرى في شينجيانغ البوذية والمذهب البروتستانتي و المذهب الكاثوليكي والطاوية .
مند ثورة عام 1911م التي قادها صون يات صن ضد أخر الاسر الملكية ( أسرة تشينغ ) التي دامت لأكثر من 270 عاماً ، وحتى تأسيس الصين الجديدة عام 1949م شهدت شينجيانغ أربع مراحل هي، حكم يانغ تسنغ شين , حكم جين شورن , حكم شنغ شي تساي , وحكم الكومينتانغ مباشرة .
في يناير 1949م تولى برهان الدين الشهيدي منصب رئيس حكومة مقاطعة شينجيانغ، وفي 19 سبتمبر من نفس العام بعث برهان الدين الشهيدي برسالة الى ماو تسي تونغ عبر فيها عن عزمة الخلاص من حكومة الكومينتانغ وحينها وصلت الوحدة المتقدمة لجيش التحرير الشعبي ديهوا، وحررت شينجيانغ سلمياً في 25 سبتمبر عام 1949م وتأسست منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم لقومية الويغور في اول اكتوبر عام 1955م , بعدما أنتخب الجهاز التشريعي المحلي أول قيادة للحكومة المحلية .
مند تأسيس الصين الجديدة عام 1949م وخاصة بعد تطبيق سياسة الاصلاح والانفتاح، ركزت الحكومة الصينية المركزية الى شينجيانغ في التنمية الاقتصادية والسياسات المختلفة، بحيث أصدرت وطبّقت قوانين معينة حول استراتيجية الانفتاح في المناطق الحدودية، ووضعت 8 سياسات تفضيلية حول توسيع الانفتاح على العالم الخارجي لشينجيانغ والمناطق الغربية، التي تشمل عشر مقاطعات ومناطق ذاتية الحكم وبلديات مركزية منها شينجيانغ في اطار خطة طموحة لاحقة من عام 2011 – 2030 م ومن عام 2031 – 2049 م .
وبمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منطقة شينجيانغ اصدر مكتب الاعلام في مجلس الدولة الصينية ( مجلس الوزراء ) كتاب ابيض في 24سبتمبر الماضي بعنوان (الشواهد التاريخية على المساواة والوحدة والتطور العرقي في شينجيانغ)، اشار الى (ان التنمية والتقدم اللذين تحققا في شينجيانغ يشكلان دليلاً على النجاح الذي تحقق في تنفيذ الصين للحكم الذاتي الاقليمي للقوميات المحلية في المنطقة).
بالاضافة الى ذلك اشار الكتاب الابيض ( الى شينجيانغ كانت موطناً للعديد من المجموعات العرقية الصينية منذ العصور القديمة و ان النظام المتمثل بالحكم الذاتي في المناطق التي تقطنها المجموعات العرقية تدبير يتفق مع الوضع في الصين والواقع المعاش في شينجياتغ).
وحول التنمية الاقتصادية اشار الكتاب الابيض ( ان اجمالي الناتج الاقليمي في منطقة شينجيانغ بلغ في عام 2014م سجل نمواً بأكثر من 115 ضعفاً عما كان عليه في عام 1955م.
ان اجمالي الناتج الاقليمي في شينجيانغ كان بلغ 1.2 مليار يوان_الدولار يساوي حوالي 6.38 دولار في عام 1955م و3.9 مليار يوان في عام 1978 م.
وتابع الكتاب الابيض ان ذلك الرقم وصل الى 927.3 مليار يوان في العام الماضي ويمثل حوالي 116 ضعفاً عما كان عليه في عام 1955م في الواقع؛ حيث بلغت نسبة النمو السنوي 8.3 بالمائة.
كما اشار الكتاب الابيض الى ان نصيب الفرد من اجمالي الناتج الاقليمي في شينجيانغ ارتفع الى 40648 يوان في العام الماضي من 241 يواناً في عام 1955م مسجلاً زيادة مقدارها 23 ضعفاً في الواقع ونمو سنوي نسبته 5.6 بالمائة.
من جهة اخرى قام وفد من الحكومة المركزية الصينية برئاسة يوتشنغ شنغ كبير المستشارين السياسيين الصينيين بزيارة شينجيانغ والمشاركة في احتفالية الذكرى الستين لتأسيس منطقة شينجيانغ؛ وبهذه المناسبة اقيم في 1 اكتوبر حفل في قاعة الشعب بمدينة اورومتشي حاضرة منطقة شينجيانغ، وقرأت اليويان دونغ اثناء الحفل – وهي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ونائبة رئيس مجلس الدولة ونائبة رئيس الوفد من السلطات المركزية – رسالة تهنئة من قبل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة الصيني والمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني واللجنة العسكرية المركزية جاء فيها: ( انه ومنذ تأسيس منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم قبل 60 عاماً حقق النظام الاجتماعي في المنطقة قفزات تاريخية كبيرة كما طرأت تغيرات جبارة على الملامح الاجتماعية المحلية متمنية ان يكون للمنطقة مستقبل مشرق).
وحضر الحفل ايضاً يو تشنغ شنغ عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني ورئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني ورئيس وفد الحكومة المركزية لحضور فعاليات الاحتفال بالذكرى السنوية الستين لتأسيس منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم لقومية الويغور فضلاً عن الاف من ممثلي ابناء مختلف القوميات في منطقة شينجيانغ.
والقى يو كلمة خلال الحفل اشاد فيها بالانجازات العظيمة التي حققها ابناء منطقة شينجيانغ تحت رعاية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومسيرة التطبيقات الناجحة لنظام الحكم الذاتي في المنطقة المكتظة بابناء الاقليات القومية.
ودعاء يو لتعزيز الجهود للحفاظ على الاستقرار في المنطقة مشيراً الى ان قوى الشر الثلاث التي تتمثل في الارهاب والتطرف والانفصالية تعد اخطر التهديدات امام ابناء شينجيانغ وهي عدو يواجهه ابناء مختلف القوميات المحلية بشكل مشترك؛مؤكداً ضرورة تشديد قوة مكافحة الاعمال الارهابية وقوى الشر الثلاث بكل عزم.
واعتبر كبير المستشارين السياسيين الصينيين انه من الاهمية حماية الاستقرار في المنطقة من خلال الوسائل القانونية واكمال اليات حماية الاستقرار وتعزيز مكافحة الانفصالية و ازالة التطرف سعياً لتحديث نظام الادراة الاجتماعية والارتقاء بمستوى الادارة للمنطقة داعياً الى ضرورة استئصال شاقة الانفصالية وتجفيف منابعها لتوفير ضمان طويل الامد للأمن والاستقرار الدائم في المنطقة.
وقف ابناء الصين جميعاً من مختلف القوميات والاعراق الى جانب اخوانهم ابناء شينجيانغ المعروفة بظروفها الطبيعية القاسية وقواعدها الاقتصادية الضعيفة للحاق بركب التطور اسوة بمختلف المناطق الصينية كما ان ابناء شينجيانغ عموماً قد مثلا التاخي والتكاتف بين مختلف القوميات بعيداً عن العرق والدين في مختلف المراحل.
………..
* كاتب يمني وممثل رئيس الاتحاد الدولي للاعلاميين و الصحفيين و الكتّاب العرب حلفاء الصين باليمن ورئيس منتديات قراء مجلة الصين اليوم ومستمعي الاذاعة الصينية القسم العربي وقراء مجلة مرافئ الصداقة ومشاهدي الفضائية الصينية باليمن.