موقع متخصص بالشؤون الصينية

جميلة هي الحياة في الصين

0

ahmad-kaysi-china-life

موقع الصين بعيون عربية ـ
أحمـــد إبراهيــم القيســي*:

كثيرون من العرب والمسلمين كانوا وما زالوا عبر كل حقبات التاريخ، يزورون جمهورية الصين الشعبية أو يعيشون فيها, ومنهم من روى لنا قصصاً رائعة وحكايات لطيفة كثيرة عن جَمال الحياة في الصين، وعن طبيعتها الخلابة، وعن جغرافيتها اللافتة، وعن تواضع قياداتها وحكوماتها وشعبها، وسلميتهم التي تحمل معاني الإنسانية الحقيقية.
واللافت ان الناس في المدن والقرى والمقاطعات الصينية يستيقظون الساعة السادسة صباحاً للذهاب إلى أعمالهم وأشغالهم ومزارعهم وصناعاتهم وتجارتهم ودراساتهم و..غيرها, ولا أحد يستمر في نومه إلى ساعة متأخرة، حتى لو كان بلا يعمل لسبب ما، أي جالساً في بيته لظروف صحية أو لكبر سِنّه, فالجميع يستيقظ بنفس الوقت، وجميعهم يعيشون حياتهم على طبيعتها وبإيقاعاتها الموسيقية الهادئة.
المدن والقرى والمقاطعات الصينية مواقع جميلة جداً، ومنها بالذات تلك التي تهتم بالطراز المعماري الصيني القديم والمزركش بكل أشكال وألوان الطبيعة الجميلة, كاالقرى القريبة من مدينة شنغهاي, فما أروع أن يعيش الإنسان في بيت صيني صغير في إحدى المدن أو القرى الصينية الرائعة بسكانها وبطبيعتها وبسهولها وجبالها ووديانها وأنهارها، وبمناظرها الجميلة التي حباها بها الله سبحانه وتعالى، ليَنعم بها الشعب الصيني الطيب والمسالِم بكل أديانه وقومياته وأعراقه المجيدة.
وما أجمل أن يمزج الصينيون في عمائرهم بين العمارة الصينية وبين العربية والإسلامية, كالبيوت الموجودة في بعض المدن والقرى والمقاطعات التي يسكنها الصينيون المسلمون, لأن تلك البيوت ستكون لوحات جميلة رسمتها يد فنان معماري صيني عظيم أو فنان معماري عربي مسلم قدير, وسيكون ذلك البيت من أروع وأجمل البيوت الصينية لأنه ممزوج بطابع معماري متنوع مليئ بالفنون المعمارية المختلفة والجميلة, فالنتيجة ستكون مثيرة جداً لأن كل مَن يشاهده من الصينيين والعرب، سيُبهرهم ما شاهدوه من جمال وتنوع وتفنّن أدى إلى الوصول إلى رُقي العمارة الجميلة, التي تحاط عادة بأسوار لبيوت مبنية بالطوب “الأجرٍ المشوي” التقليدي، مع إضافة لمسات مميزة عربية وأسلامية، لتكون من أجمل الأسوار في تلك المدن أو القرى الصينية, وبإضافة فوانيس تراثية قديمة توضع في أعلى الأسوار, أو إرفاقها ببعض الكلمات أو الحِكم الصينية ونقشها على أعمدة حديدية بطول الأسوار, أو أبداع زخارف حديدية صينية عربية جميلة، يتم تحليتها وتجميلها بورود متنوعة، وتمتد على تلك الأسوار برونق خاص.
وغالباً ما يتم الى جانب كل تلكم التنسيق الفلكلوري، الذي يعكس فنون قوميات عديدة، تنسيق حديقة جميلة تكون ممزوجة بأشجار ونباتات وورود صينية وعربية وإسلامية, حتى تغدو من أجمل الحدائق الصينية في تلك المدن والقرى، مع إضافة اضافات مميزة تزيدها جمالاً على جمال، وتشعر الجالس براحة عميقة مع كوب من الشاي الصيني . نعم، إن الحياة الصينية هي حياة بسيطة لكنها غنية بالتنوع والطبيعة الآخاذة المُحلاة بالوئام والمحبة والصدق والسلام الصيني، الشهير عبر التاريخ.
في الصين، وبعد يوم عمل مرهق، تجلس في صالة بيتك الجميل على مقعد صيني عربي تاريخي في هيئته، لتقرأ مسرحية أو قصة صينية أو عربية، مثلا مسرحية الكاتب الصيني الذي عاش أيام عهد أسرة (مين)، وإسمه (بلي هي)، وقد عاش حياة بسيطة جداً حيث أنه وقع في حب ممثلة وتتبع خطواتها أينما ذهبت، لهيامه الشديد بها, فكان يلاحق فرقتها المسرحية في كل جولاتها في المدن الصينية, مع انه كان مفكّراً صينياً حقيقياً، كما أنه عرف الكثير عن فن المعمار الصيني والعالمي.
في تميّز المدن والقرى الصينية، ان كل تجمع سكاني منها يتكون من 800 إلى 1000 بيت تقريباً, وتشمل الكثير من المشاهد الجميلة التي يتمنى كل إنسان أن يتسمّر امامها للاستزادة الروحية, ناهيك عن إحاطتها بأسيجة من الجبال الجميلة التي يغطيها العشب الأخضر الرطب, وتجد هناك طبيعة متنوعة في لوحاتها ، في حديقة البيت وحدائق الطرقات وعلى جنبات الشوارع, فالمنظر هناك مميز جداً لأنه متأثر بثقافات متنوعة اختلطت وتناغمت في خضم احداث التاريخ، ومعظم القرى هناك تعتبر مدن رغم صغرها وقلَّة سكانها، لأنها تشمل كل ما هو موجود بالمدن، بل يوجد فيها خدمات غير متوافرة في المدن المكتظة بالسكان, وتتميز أيضا بالتقدم الطبيعي الحضاري والازدهار ، ذلك انها مزيج ما بين الماضي والحاضر، وما بين كل الثقافات والأديان والقوميات الصينية العريقة.
الصين بمدنها وقرها وقيادتها وحكومتها وشعبها وجيشها تهيئ نفسها إلى مستقبل باهر قادم، وتعمل على أن يكون مستقبلا جميلا خاليا من الصعوبات والمشاكل المحلية والإقليمية والعالمية أمام أجيالهم والأجيال القادمة, والحكومة الصينية ترحّب دائما بكل إنسان على وجه هذه الأرض ليأتي إلى الصين للدراسة أو العمل أو الإقامة، وهي تفتح أبوابها على مصاريعها أمام كل من يرغب بذلك، ليتعرّف على الصين وشعبها وحضارته وتاريخه عن قرب.
ولا ننسى الكرم الصيني المعروف هناك, فإذا مر أحدا من الأشخاص أو الزوار أو الضيوف على عائلة صينية تعيش في مدينة أو قرية صينية، فإنهم يدعونه للإقامة عندهم كضيف كريم يعيش عند كرماء, ومقابل ذلك الكرم يقوم ذلك الضيف إما بمنحهم هدية منه, أو يساعدهم في أعمال الزراعة أو التجارة أو المهنة التي يعملون بها, إلى أن تنتهي فترة ضيافته. وللعِلم، فإن كل إنسان وجد ذلك الكرم من الشعب الصيني بكافة أديانه وقومياته وأعراقه وتلك المعاملة الإنسانية الحسنة معظم هؤلاء الأشخاص، إستقر عند مضيفيه الصينيين وتزوج منهم وإستقر عندهم، لأنه أحبهم وأحب حسن معاملتهم وطيبتهم وطبيعتهم الإنسانية الحقيقية التي يتعاملون بها مع كل ناس مختلف القوميات والاديان، ويعتبروهم اخوة لهم، وهي من صفات الشريفة التي خلقها الله في نفوس البشر، ليعيشوا على هذه الأرض الفسيحة بخير وسلام ومحبة وتعاون ووئام.
فكم هي الحياة جميلة في الصين عندما تعيش هناك مع أناس أقوياء بسلمهم وسلامهم وصدقهم ومحبتهم لكل إخوتهم في الخلق, دون تمييز أو عنصرية بين دين أو لون أو قومية أو عرق أو مواطن ومهاجر… وهي مظاهر معاكسة تماماً لكل الصفات العنصرية التي تتبع في بعض الدول الغربية . فالصينيون لا يستكبرون على أحد ولا يستعلون، ولا ينظرون إلى أحد ما كعبد أو نكرة, لذلك فالله سبحانه وتعالى منح الصين وقيادتها الحكيمة وحكومتها وشعبها وجيشها كل ذلك التقدّم والتطور والنمو والإزدهار، وجعلهم من الدول والقادة والشعوب والجيوش الأولى على مستوى الأمم الأخرى وعلى صعيد عالمي شامل, لرقيهم الإنساني والحضاري والتاريخي الذي بُني على محبة الآخرين ومساعدتهم والتقرب إليهم، ومخالطتهم ومعرفة أوجاعهم وآلامهم وأحزانهم، والعمل على التخفيف عنهم, وأيضا معرفة ثقافاتهم ليكون هناك مزج مُبدع بين الصين والعالم، حتى في أصغر وأدق الأمور الإنسانية، التي قد ينظر إليها بعض السذّج والرويبضة في هذه الإيام، حين يدّعون في الغرب الكاذب، بأن كل تلك الخِصال الانسانية “لا تعني شيئاً في قاموس الإنسانية والحضارة والتاريخ والثقافة”!
إن حياة الإنسان الصيني وحياة الإنسان غير الصيني الذي يعيش في الصين, حياةٌ جميلة ومسالمة، يتمنى أي إنسان على وجه هذه الأرض أن يعيشها، وهي دافعة لكل شخص ليستقر في الصين، في أية مدينة أو قرية صينية، لأنها تُمثـِّل الحياة بكل طبائعها الانسانية التي خلق الله البشر ليعيشوها ويتوافقوا عليها، وهي خِصال موجودة في كل ناحية ونقطة سكانية بالصين، وفي نفوس شعبها بكل قومياته.. فكم هي جميلة الحياة في الصين، وكم هو المواطن الصيني بسيط وطيب ومِعطاء وجميل ويحيا بسجية طبيعية، يندر أن نجدها شاملة وسائدة في مكان آخر على وجه هذه البسيطة.

 

*كاتب و عضو في الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين وعضو في منتديات الصداقة مع اذاعة الصين الدولية ومجلة الصين اليوم ومشاهدي الفضائية الصينية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.