الانتقال لاستهداف الصين..

موقع الصين بعيون عربية ـ
محمد حسن التويمي*:
ليس الوطن العربي هو الذي يعاني لوحده منذ سنوات طويلة من إحتداد العمليات السياسية الدولية، وانفلات الاوضاع نحو معارك واقتتال لا يتوقف، بل هي الصين كذلك تعاني جرّاء سياساتها الاستقلالية والسيادية ومساندتها لحقوق الامم وحرياتها، ومنها الامة العربية، ولرفضها الارهاب الدولي الفالت من عِقاله وتدخّله الفظ بشؤون بلدان العالم العربي الداخلية، هو بالذات الذي يُسبّب لها في الوقت الحالي موجة من العداء الامريكي وتثوير الارهاب في مناطقها الغربية، لذا تتخذ الصين إجراءات عديدة لمواجهة المخاطر، بحسابات دقيقة في السياسة والاقتصاد والدبلوماسية.
ترى الصين ان التنمية المُستدامة لديها تحتاج إلى ظروف سلمية بالدول والمناطق المحيطة بها، ولكن هذا لا يتوقف عليها فقط، فمع تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية لإعادة التوازن بمنطقة آسيا – المحيط الهادئ، أصبحت الظروف المحيطة بالصين مُعقّدة تدريجياً. ففي السنوات الأخيرة، صَارت العلاقات بين الصين واليابان وسنغافورة وفيتنام وغيرها تتأزم وتتعرض لبعض المشاكل “باستمرار” كما في توصيف الإعلام الصيني.. فالصين تواجه تهديدات استراتيجية متعددة الأطراف، “تكاد تكون مُنتظمة”، لا سيّما في المناطق المحيطة بها شرقاً. لذا، تحتاج إلى “حِكمة موصولة” اشتهرت بها، في معالجة تلك المشاكل، وتحسين علاقتها مع الدول المجاورة نوعياً، وهي السياسة التي ما توقفت بكين تسلكها وتلتزم بها.
فبين حين وأخر تطل طوكيو برأسها لتهديد الصين والعودة الى النظام الحربي البائد بكل تجلياته العسكرية والاستيطانية والاجتثاثية، كذلك هو الامر بالنسبة للأساطيل الحربية البحرية الامريكية، المتربّصة بالصين بملاصقة الحدود البحرية الدولية للصين وجُزرِها، ناهيك عن التحرّكات التايوانية إعلامياً وسياسياً وإعلاناتها ضد الصين، ورغبتها بالانفصال التام عن “البر الصيني”، والعودة لتمثيل الصين والصينيين عالمياً، ودعم التواجد الامريكي على أراضي الجزيرة الصغيرة بكل أشكاله وتجلياته.
كل تلك التحركات بخاصة الاخيرة منها، بدأت في وقت واحد في طوكيو وتايبيه وها هي تسلك سلوكاً تهديدياً وتحتمي بالأساطيل الامريكية، وتعني شيئاً واحداً: رفض واشنطن “دي سي” للتقارب الاقتصادي الصيني مع بريطانيا، وبالتالي معارضتها لكل تقارب أو تنسيق أو علاقات سلمية وسياسية صينية بريطانية، لا تستطيع أمريكا هضمها أبداً ولا الموافقة على تطوراتهاٍ.
من جانبها، تواجه الصين التحديات الامريكية المُهدِّدة لها ولمصالحها، بعددٍ من الخطوات التي تتزامن والتهديدات الامريكية لها، والتي منها تعزيز قواتها تسليحياً بأرفع التكنولوجيات العسكرية، ودعوتها الولايات المتحدة إلى رفع الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي وسياسات العقوبات المفروضة على كوبا بشكل كامل، وفي أسرع وقت ممكن. بل ان ممثل الصين الدائم بالامم المتحدة سارع ليطالب أمريكا بوقف فوري للحصار الاقتصادي الامريكي المفروض على كوبا في المجالات الاقتصادية والتجارية والمالية، والتخلي عن سياسات العقوبات التي فرضتها واشنطن طويلاً على جزيرة الحرية، ولزوم التزامها بميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية.
وتهتم الصين حالياً بالاعلان عن موقفها الصارم بمعارضة أنشطة انفصال تايوان عن الصين بأشكالها كافة، ورفضها للفعاليات الرامية إلى تخريب العلاقات بين جانبي مضيق تايوان.
الى ذلك، شدّد المتحدث بإسم مكتب شؤون تايوان بمجلس الدولة الصيني، آن فونغ شان، الأربعاء28 أكتوبر، على ضرورة تمسّك الجانبين الصينيين بـ”توافق عام 1992 “، ومعارضة انفصال تايوان، واهمية مبدأ الاعتراف بإنتماء “بر الصين الرئيسي” وتايوان إلى “صين واحد”، وبأنّ العلاقات بين جانبي مضيق تايوان ليست بين بلدين، وإذا اعترف أي حزب تايواني بهذا المبدأ، فإنّه لن توجد أية حواجز للتواصل بينه وبين “بر الصين الرئيسي”، وهذا الموقف الصيني بمثابة تهديد جدّي لا بد أن تأخذه تايوان وامريكا بعين الاعتبار الكامل، لأنه سيُهدّد مصالح البلدين في الحقل الاقتصادي على أقل تقدير.
لكن الاعلان الصيني الأكثر حدّة كان مِن فِيه وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الثلاثاء 27 أكتوبر، حين طالب الولايات المتحدة بـ”التفكير الجدّي”، و “عدم التصرف بتهوّر”، و “عدم الاستفزاز بدون سبب”، وذلك رداً على احتمالات إرسال القوات الأمريكية سُفناً حربية لدخول نطاق مسافة 12 ميلاً بحرياً عن جزر بحر الصين الجنوبي. وقد صعّد الوزير من تصريحاته حين قال: “إن الصين تُجري تحقيقات في هذا الشأن، وإذا تم التأكد من صحة الأمر، فإن الصين تحذّر الولايات المتحدة من هذا العمل الاستفزازي”..
بينما كان انتقاد السفير الصيني لدى الولايات المتحدة، تسوي تيان كاي، حاداً جداً ولم يَسبق لم مثيل ما يعني الكثير في القاموس السياسي، إذ وصف في مقابلة أجرتها معه شبكة ((سي أن أن)) الإخبارية الأمريكية ، إبحار سفينة حربية أمريكية على بعد 12 ميلاً بحرياً من جُزر صينية في بحر الصين الجنوبي، “بالاستفزاز الخطير” الذي يكشف عن “سخافة ورياء الموقف الأمريكي بشأن قضية بحر الصين الجنوبي”.
نتمنى للصين دوام الاستقرار ومزيداً من التقدّم، وتعزيزاً متواصلاً لعلاقاتها العربية، وهو أمر يَكمن في صميم مصالح العالمين العربي والصيني.

*مسؤول المطبوعات والملف الإسلامي في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين.