بشاعة خطط اليابان التوسعية.. اليابان وإقليم العرب (2)
موقع الصين بعيون عربية ـ
مروان سوداح*:
قبل أيام قليلة، حذّر الجيش الصيني من مشاريع اليابان وخطط جيشها وتطلعاته العسكريتارية.
جاء تحذير وزارة الدفاع لجمهورية الصين الشعبية في محلّة وزمنه. فقد حثّت الوزارة الصينية المجتمع الدولي “على التعامل بحذر مع خطط عسكرية لليابان”، كشف عنها النقاب في تقرير مبدئي، “يدعو لدعم الجيش الياباني، بما في ذلك احتمال تملّك قدرات لضرب قواعد العدو!”.
الحذر الشديد كان ديدن دول أسيا وشرقها للتعامل مع اليابان ورغباتها بالتوسّع، المتأصل أصلاً في نجيع قادتها السياسيين والعسكريين. فاليابان لم تكتف بالتطلع لاحتلال أسيا برمتها، بل والعالم أجمع بكل بقاعه، في إطار ما سمّته سابقاً، وما دأبت على تسميه لاحقاً بتفوق العِرق الياباني على غيره من العروق والقوميات والامم في العالم.
وفي هذ الصدد، لا بد من العودة الى “مذكرة تاناكا”، أو “خطة تاناكا” (باليابانية 田中上奏文)، وهي عبارة عن وثيقة خطة إستراتجية لإحتلال الكرة الارضية، كُتبت في عام1927، وكان وضعها رئيس الوزراء الياباني الأسبق تاناكا غيتشي، للأمبرطور الياباني هيروهيتو، حتى يزيّن له غزو العالم أجمع. وتتضمّن الوثيقة وغيرها من الوثائق اليابانية المشابهة، على خطط لإبادة الشعوب عن بكرة أبيها، اللهم سوى أولئك القادرين على أعمال السخرة والعبودية، لرفد الامبرطورية اليابانية بإنتاج مجاني في حقول الصناعة، والزراعة، والخدمات، وإرغام النساء الأجنبيات الأسيرات، السبايا، بتقديم المُتع الجنسية المجانية لأفراد الجيش الامبرطوري الياباني وغيرها، ودفع الأسرى للقتال في ساحات الوغى، دفاعاً عن الامبرطورية التوسعية اليابانية .
لكن، في الوثائق اليابانية لِما بعد الحرب العالمية الثانية نقرأ عن تعهدات اليابان بأن لا تحيد سياستها الجديدة، الأساسية، عن:- 1. إبْقاء سياسة دفاع موجهة خاصّة. 2. تَفادي أَنْ تُصبحَ قوَّة عسكرية رئيسية قَدْ تُشكّلُ تهديدا للعالمِ. 3. الامتناع عن تطويرِ الأسلحةِ النوويةِ، بل ورَفْض السَماح بالأسلحةِ النوويةِ داخل الأراضيِ اليابانيةِ. 4. ضمان السيطرةِ المدنيةِ على الجيشِ. 5. الإبْقاء على الترتيباتِ الأمنِية مع الولايات المتّحدةِ. 6. تَعزيز القابلياتِ الدفاعيةِ ضمن حدودِ معتدلةِ. 7. الإبقاء على أَنْ تَكُونَ ميزانية اليابان العسكرية 3 % فقط .
إلا ان خطط اليابان الحالية تنحى في معظمها نحو منحى معاكس تماماً لِما تنص عليه لوائحها القانونية وتعهداتها، وهي إذ انها تميل بشدة نحو العسكرة الشاملة، وإحياء روحها الانتقامية المحشورة في القمقم، في التعليم والثقافة الجماهيرية ومناحي الحياة الاخرى، والتخلي عن إقراراتها السابقة، تتماثل وتتشابه الى حد التطابق مع خططها تلك، التي سبقت إندلاع لهيب الحرب العالمية الثانية، حين عملت طوكيو على عسكرة البلاد، وتطلعت بالتالي الى البلدان المجاورة فما بعد المجاورة، لإحتلال شرقي أسيا، وبضمنها شبه جزيرة كوريا، والهند الصينية، والصين برمتها، ومنغوليا، وروسيا بدءاً بسيبيريا الشرقية، والاندفاع نحو الغرب بقواتها الضاربة، لإحتلال شبه القارة الهندية، ومِن بَعد فتح ذلك المَمَر الدولي الاستراتيجي المُطل على المحيط الهندي الشاسع ومجموعات الجُزر المتناثرة فيه، والإسراع نحو البلدن العربية الآسيوية، بغية إطباق الكمّاشة اليابانية – الهتلرية المشتركة على كل آسيا، فتكريسها للهيمنة اليابانية والالمانية.
مشاريع اليابان العسكرية الراهنة تحاول نيل الشرعية الدولية لتبرير إكسابها بُعداً تهديدياً أسيوياً ودولياً يَصب في المَصب الامريكي بالذات، للنيل من القانون الدولي والنكوص عن تعهداتها السابقة بعدم التحوّل الى دولة غير عسكرتارية، بموجب الوثائق التي وقعتها في خواتيم الحرب الكونية الثانية، حين انتصر الحلفاء عليها.
إقتراح اليابان للتحوّل الى قوة عسكرية، أحدث ردود أفعال سلبية في الصين وكل أنحاء العالم. وقد قيّمت دول ومنظمات وجهات عديدة الخطوة الرسمية اليابانية، على أنها محاولة مكشوفة للنأي عن قيود الدستور السلمي لليابان، وتأتي ضمن المراجعة غير المحمودة التي أجرتها حكومة رئيس الوزراء، شينزو ابيه لإكساب البلاد وتاريخها الجديد صورة عسكرتارية، تبدأ بحسب وزارة الدفاع اليابانية، بشراء طائرات تجسس دون طيار، وتشكيل قوة من مشاة البحرية “لحماية!” الجُزر النائية، ومن بينها مجموعة جُزر صينية تدّعي اليابان ملكيتها، إسمها دياويو، و “دراسة تعزيز قدرات نقل قوات لجُزر بعيدة”.
وزارة الدفاع الصينية مًحقّة في بيانها الذي قال: ان “الاجزاء الخاصة بالصين في التقرير الياباني تلعب على الاوتار القديمة، وتبالغ في تقدير التهديد العسكري من جانب الصين لأسباب خفية”، مضيفة “هذا العام تحجّجت اليابان بجميع الذرائع للتوسّع في تملّك الاسلحة، مُسبِّبةً توترات في المنطقة.. هذه التحركات تتطلب أقصى درجات الحذر من الدول المجاورة في أسيا ومن المجتمع الدولي”. وللحديث بقية.
*كاتب ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين.