العلاقات الصينية الإفريقية من الحسن إلى الأحسن.. تنمية الصين ستجلب فرصا وإفادة لإفريقيا
موقع الصين بعيون عربية ـ
عبد القادر خليل*:
تختط الصين سياسة أفريقية واضحة وشفافة وتفيض بأبعاد اقتصادية وسياسية كبيرة وعميقة تستحق الإشادة والمتابعة والثناء، إذ صارت الصين منذ عهد بعيد، بفضل تلك السياسة، شريكاً متميّزاً وموثوقاً للدول الإفريقية، بما فيها البلاد العربية ، على اختلاف انظمتها وتوجهاتها.
وعلاوة على التجارة، كرّست الصين جهودها لتعزيز التنمية الذاتية والمستدامة للقارة الافريقية، حيث يتطلب الاقتصادان الصيني والافريقي تنمية جد نافعة ومُستدامة في مواجهة الوضع الاقتصادي العالمي، المعقّد في القرن 21 الجديد.
وعلى الارض، تسلّط خطط التعاون الافريقي الصيني، الضوء على الشراكة الصينية – الافريقية في معالجة التغيّر المناخي والتعاون في حقول العلوم والتكنولوجيا، وتأكيد جهود الصين في تعزيز التنمية الذاتية لافريقيا، ومساعدة القارة في تحقيق النمو المُستدام، ومحاولة وقف أية تقهقرات الى الخلف.
يرى الأستاذ تشى جيان هوا من جامعة الشؤون الخارجية الصينية في تصريح ادلى به لصحيفة الشعب الصينية، ان التعاون الصيني – الافريقي “كشف عن سِمات جديدة في القرن الجديد، تتضمن تحولا إلى التعاون الاقتصادي وتأكيد على المنفعة المشتركة وتركيزا على تقوية قدرة القارة على التنمية المستقلة “.
وفي حقيقة مسار العلاقات بين القارتين الافريقية و “الصينية”، تلكم التبادلية الشاملة والمفيدة وذات التفاهم على أرضية مشتركة بين الجهتين، إذ تبادلت الصين والدول الافريقية مهام المشاركة لتحقيق الاستقلال الوطني، وتبادل العالمين كذلك المساندة السياسية فيما بينهما، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . وفي وقت لاحق، قادتهما المهمة المشتركة لتحقيق الازدهار الوطني وإلى تشكيل علاقات اقتصادية اقوى. وقد عزّزت الصين والدول الافريقية تعاونهما بعد إقامة منتدى التعاون الصيني – الافريقي في العام 2000، والذي أصبح منبراً هاماً للحوار الجماعي، وآلية فعّالة للتعاون العملي بين الصين وافريقيا.
وفي هذا المجال، يقول الباحث أُلاَولي إسماعيل في مركز الجزيرة للدراسات، ان الصين “تبنّت مقاربة أكثر مرونة بشأن سياستها الإفريقية، فهي لا تدعم التدخل في إفريقيا، بل تقوم بالوساطة المحايدة في الصراعات الإفريقية، كما فعلت في دارفور بالسودان سنة 2007، وتوسطت من أجل صفقة سلام بين شمال السودان وجنوبه في موضوع التنازع على مناطق حدودية غنية بالبترول، في أغسطس/آب 2012، وتوسطت لحل الصراع بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بشأن دعم الأخيرة للمؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب. كل هذه المحاولات وغيرها توصف بأنها “تأثيرية” أكثر منها “تدخلية”.
ويَخلص اسماعيل الى: أنه “ليس صحيحًا أنه يُسمح للصين والشركات الصينية بارتكاب أعمال غير مشروعة في إفريقيا كما تدّعي وسائل الإعلام الغربية. والصين تنظر إلى إفريقيا على أنها عنصر مركزي في مشروع استدامة نمو اقتصاد الصين وتطويره على المدى البعيد. وبحسب بنك الصين، فإن إفريقيا مصدر مهم لتزويد الصين بحاجتها المتزايدة للمادة الخام، إذ إن إفريقيا لديها واحد من أضخم احتياطيات المواد الخام، كما أنها المصدر الرئيسي للموارد الطبيعية الخام”.
بطبيعة الحال، رحّبت أفريقيا وما تزال ترحّب بمساهمات الصين في إنجاز العديد من المنشات القاعدية الكبرى في القارة السمراء، وهي الاهم بالنسبة إليها. وفي هذا الإتّجاه الإحيائي، قدّمت بكين مساعدات ومساهمات هامة ، كالطب، الثقافة، العلوم، الصناعات، البناء، التجارة، الفلاحة والزراعة. أضف الى ذلك، ان جمهورية الصين الشعبية تُساهم في عمليات إحلال السلام في المناطق التي تَعرف حروباً ونزاعات، وإن كان الاعلام الغربي لا يتحدث عن ذلك سوى بالنزر اليسير. ومساهمات الصين السلامية بأفريقيا تنطلق من الروابط العميقة بين الصين وأفريقيا، التي تصلبت في خضم المعارك والمشتركات، وترسيخ الانسجام الحضاري بين الجانبين.
وقفت الصين في أصعب الازمان الى جانب دول افريقيا، وبذلت جهوداً كبرى وفاعلة لنصرة الدول الافريقية الثالثية، لذا لا يمكن أبداً تجاهل معنى اعتراف الصين بالحكومة الجزائرية المؤقتة عام 1958، ودعمها للبلدان المستعمَرة من اجل تحقيق استقلالها، ومَد خطوط السكك الحديدية تنزانيا – زامبيا، وابتعاث الفرق الطبية والشباب الصينيين المتطوعين الى أفريقيا، وارسال المساعدات المادية الصينية لبلدان افريقية، مثلما لا يمكن أبدا تجاهل جهود افريقية ومنها جهود الجزائر، التي ساهمت في استعادة الصين لمقعدها الشرعي في الأمم المتحدة، في اكتوبر1971، ورحلة شعلة اولمبياد بكين الناجح.
مساعدات الصين لأفريقيا سخيّة ، وفي أنجاد أفريقيا في مختلف الكوارث التي تتعرض إليها، وهو مظهر بيّنٌ ويُقدَّر حَقِّ قدره، ومن تلك الصور التي رسخ ضياؤها في التاريخ، المساهمات الصينية خلال زلزال ونتشون، الى ضرورة ولزوم الإشادة بمشاركة أفريقيا بصورة متميزة وفعّالة في معرض شانغهاي العالمي اكسبو-2011 ، حيث أن اكبر الأجنحة في المعرض كان الجناح الإفريقي، الذي لقي إقبالاً كبيراً ، خصوصاً من طرف المواطنين الصينيين، الذين تعرّفوا بشمولية على الثقافة الإفريقية العريقة.
وفي بعض التفاصيل الاخرى بملف تعزيز العلاقات الافريقية الصينية، مشاركة ممثلي القارة السمراء في منتدى التعاون الصيني – الافريقي بفعالية، إذ أنه أُنتج كثمرة وتتويجاً لمسيرة طويلة في علاقات النضال والتعاون والصداقة والتحالف بين الجانبين الصين ودول القارة السمراء، وهو يوصف عادة بأنه “آلية فعّالة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية” ، وقد تحوّل فعلاً ومع مرور الوقت الى منبر للحوار الجماعي والتعاون بين الصين والدول الإفريقية، ويَصفه البعض بأنه آلية موثوقة لدفع التعاون جنوب – جنوب، وصفحة جديدة تُفتح في كل دورة من اجل تطوير العلاقات الثنائية التي هي في الاصل جيدة بين الصين وافريقيا، وتوقيع اتفاقيات جديدة، من شأنها أن تخدم الطرفين في مختلف المجالات السياسية، التجارية والاقتصادية، العلمية، الثقافية والرياضية وغيرها، كما انه فرصة لمواصلة تدعيم علاقات التعاون الاستراتجي الثنائي الذي يقوم على التكافؤ والدعم المشترك والثقة المتبادلة لصالح الجميع.
ـ ملاحظة: المقالة أعلاه مُستكمّلة ومُزيَّدة ومُحرَّرة، وكانت نشرت في وقت سابق في جريدة الشعب “الورقية” الجزائرية.
* كاتب و مُمثّل رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين في الجزائر/ ولاية ورقلة؛ ومؤسس ورئيس رابطة اصدقاء الصين بالجزائر؛ ورئيس منتدى القسم العربي للاذاعة الصينية بالجزائر؛ وقراء مجلة “مرافئ الصداقة” لإذاعة الصين الدولية؛ ولجنة أصدقاء وقرّاء “مجلة الصين اليوم” في ولاية ورقلة الجزائرية؛ ومنتدى مشاهدي ومُحبي الفضائية الصينية بالجزائر.