(شي) يُخرجُ أفريقيا مِن عُنق الزُّجَاجَة ويُشارِكُها المَصير
بقلم/ الاكاديمي مروان سوداح*
في واقع الأحداث الأعظم التي يَشهدها عالم اليوم، زيارة الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية الى أفريقيا. وفي العناوين الرئيسة لهذه الزيارة، الى جمهورية جنوب افريقيا، أوائل ديسمبر العام الحالي، أنها نقلة نوعية وغير مسبوقة في علاقات جمهورية الصين الشعبية بالقارة السمراء ودولها وأُممها، ذلك لإرتدائها أهمية مُتميّزة وحاسمة في مستقبل العلاقات الصينية الافريقية وفي التعزيز الأشمل والأعمق لعمليات التنمية والشراكة الثنائية والاستراتيجية بين طرفي القارتين الافريقية والصينية، فتعزيز الدعوة العالمية للانضمام الى مسيرة السلام والاستقرار في كوكبنا أجمع، من خلال التعاون الكبير الأسيوي الصيني – الأفريقي.
زيارة الزعيم الصيني شي لجنوب افريقيا ليست مُجرّدة، ولا هي محصورة بين جدران دبلوماسية أو تقليدية أو ألفاظ جميلة ومفردات مُنمّقة، ذلك ان الازدهار الواقعي لعالم اليوم إنما يعتمد على النوايا الحسنة المقرونة بالأفعال وترجمة الافكار الى وقائع يومية، معاشية، تماماً كما درجت عليها صين الاصلاح والانفتاح، ورسالتها الكونية الاصلاحية والانفتاحية والتصحيحية العامة .
وفي مشاركة الرئيس “شي” في قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي التي تُعقد في جنوب أفريقيا يومي الرابع والخامس من ديسمبر، – وبالمناسبة سيكون انعقادها للمرة الاولى على التراب الأسمر المُلوّح بالشمس -، لحظة فاصلة للجانبين الصيني والافريقي، بسبب إتّساع العلاقات الثنائية الصينية الافريقية، ولرغبات تدعيمها فعلياً للتوجه الصيني – الافريقي القديم والثابت، بتعاون أنفع ومتسارع في مختلف المجالات، ولتوظيفٍ أشمل وأوسع لمبادرة الرئيس شي الموسومة بـ”الحزام والطريق” في يوميات افريقيا، وربطها بمختلف قارات العالم القديم بصورة مُبدعة، لضمان توليد الاقتصاد المُكثّف الذي هو بالذات السلام الكلي للجميع، وبمساندة نتاجات الثقافات والحضارة العالمية البشرية الواحدة المؤنسنة، التي أبدعها العالم القديم وحافظ عليها، برغم تحديات القرون المتلاحقة والانظمة المتغولة.
لقاء الزعيم شي الحكيم بقادة افريقيا سيُعزّز بلا أدنى شك القسمات المشتركة لمختلف القوميات والشعوب المنادية بعالم جديد، يُجفف مواضع الفقر ومواقع الفاقة المتوارثة والمُفتعلة استعمارياً، ويُنقذ افريقيا وشعوبها من التراجع المفروض عليها برغبة صينية شريفة.
زيارة شي وجدول أعماله الصيني لن يكون مُحدَّداً فقط بجدول الأعمال القادم للمتتدى، بل بجدول أعمال اكثر إتساعاً يشمل العلاقات الثنائية بين الصين وافريقيا، وسيؤدي أيضا الى فرض تفعيلات لقرارات المنتدى، لتعزيز الشراكة الفاعلة الصينية الافريقية، في مجالات جديدة، ستفتح بدورها المجال لإطلاق المنفعة المتبادلة بين الجانبين وبما يُفضي الى مزيد من التلاقي مع متطلبات الدول المتقاربة والمتصادقة والمتحالفة.
الصين وأفريقيا قارتان حليفتان، ولا يمكن زعزعة تحالفهما هذا بغض النظر عن التوظيفات السياسية والاعلامية والعسكرية والارهابية من الجانب الآخر، الذي يعمل من خلالها على إبعاد الصين عن أفريقيا في سبيل حماية مصالحه فيها، وللإبقاء عليها حديقة خلفية لعالم الهيمنة الاستعمارية، وإن نجح الاستعمار في واحدة ضد الصين بعدما فرض الخريف العربي على المنطقة العربية والعالم الثالث، فلن الثابت والواضح أنه ينجح في ثانية.
ويكفي أن اذكر ان استقرار العلاقات الصينية الافريقية، في المُجمل، ينعكس في التبادلية الثابتة للجانبين في الاقتصاد والتجارة، إذ أنه وخلال عام 2014 ، تجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين وافريقيا220 مليار دولار أمريكي، وزادت الاستثمارات الصينية في القارة السمراء بمقدار 30 مليار دولار.
القمة الصينية الافريقية، أو قمة الحُلفاء، سوف تؤكد وتثبّت جدول الأعمال الجديد – التحالفي المُربح الاقتصادي والإعلامي والسياسي وفي مجال التصنيع ومكننة الزراعة وتعميق التفاهم الثقافي والإعلامين مكافحة الاوبئة، تعزيز مكانة العلاج والوقاية والطب في افريقيا، وهي مجالات تتخلص بعنوان رئيس لمربع تعاون تتوزع أضلاعه على: “المعالجة – التصنيع – الأمن الغذائي – الصحة العامة”؛ وتأخذ بالتعاون الثنائي الى إتساع ومنفعة متبادلة بين الصين وشعوب افريقيا، بصورة متوازنة، بحيث تكون كل الاطراف مقتنعة بالسياسة الصينية الجديدة لتأكيد المصلحة والمنفعة الشاملة والمتوازنة للجميع بدون استثناءات، ما سيُبعد أية نوايا سلبية قد تظهر عند أحد الاطراف الافريقية ضد أحد أخر، وسوف تضع حداً لتسلل الخصوم الخارجيين لتعكير صفوها وأجوائها.
زيارة الزعيم شي لأفريقيا، ولقاءاته الوافرة مع قادتها، سيؤكد توجهاً للربط المصيري المكين بين الجانبين، الصيني والافريقي، وتعاون من طراز جديد عميق التفاهم، لا تغوّل فيه مِن أحدٍ على أحدٍ، ويربط بين الجانبين برباط العُروةِ الوثقى والواثقة، على قاعدة العلاقات الألفية التي أثبتت نجاعتها وجوهرها الشريف، وصولاً الى تحوّل في صميم أفريقيا، بمساعدة الصين ومساندتها، لتضيئ لأفريقيا طريق السلامة الخالي من النزاعات، وتأكيد جماعية النفع ودور الاقتصاد في عالم الانسان الجديد وانطلاقة العقول للإبداع.
*كاتب وصحفي ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين، ومتخصص بالشأن الصيني.
* تنشر المقالة بتعاون إعلامي ما بين الاتحاد الدولي للصحفيين الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين والقسم العربي لإذاعة الصين الشعبية و “موقع الصين بعيون عربية”