دراسة: ثُلث ثروات الصين في أيدي 1% من السكان
عندما دشن الزعيم الصيني الراحل دينج شياو بينج الاقتصاد في أواخر سبعينيات القرن الماضي، ذكر مقولته الشهيرة:” دع بعض الأشخاص يحققون الثراء أولا.”
والآن وبعد مضي ثلاثة عقود، تحققت كلمات شياو الخالدة على أرض الواقع بل وبأكثر مما كان سيتوقع هو نفسه إذا كان موجودا على قيد الحياة، مع تنامي التفاوت في الدخول والثروات بمعدلات غير مسبوقة في البلد الأكبر تعدادا للسكان في العالم.
وأظهر تقرير حديث صادر هذا الأسبوع عن جامعة بكين أن ثلث الثروات في الصين مملوكة لـ 1% فقط من الأسر في البلاد، مشيرة إلى أن 25% من إجمالي سكان الصين يملكون 1% فقط من الثروات، بحسب موقع ” كوارتز” الاقتصادي العالمي.
وشملت الدراسة التي تحمل اسم ” دراسات لجنة الأسرة في الصين” والتي تم إطلاقها في العام 2010، 14.960 أسرة في 160 منطقة بـ 25 مقاطعة منتشرة في عموم الصين، وركزت على “رفاهية المواطنين الصينيين.”
وبرغم الصورة القاتمة التي تظهرها تلك النتائج عن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الصين، تظل الصين أقل سوء قياسا بالمتوسط العالمي.
فوفقا لتقرير الثروة العالمية عام 2015 والصادر عن مصرف ” كريدي سويس” السويسري، يتحكم 1% من أكثر الشخصيات ثراء في العالم الآن على أكثر من نصف إجمالي ثروات العالم، في حين أن أكثر من 70% من إجمالي السكان البالغين في العالم يمتلكون أقل من 10.000 دولار.
وأوضح التقرير أن معامل ” جيني” في الصين قفز من 0.3 نقطة في بداية فترة الثمانينيات من القرن الماضي إلى 0.45 في العام الماضي، لكنه هبط من 0.49 نقطة في العام 2012.
ويقيس “جيني- مؤشر يُستخدم على نطاق واسع لقياس عدم المساواة ويتدرج من صفر إلى 1، حيث يمثل صفر المجتمع الأكثر تطبيقا لقيم المساواة، في حين تشير القراءة 0.4 نقطة إلى مستوى تحذيري.
النظرة المتفحصة إلى البيانات المتعلقة بالتفاوت الرسمي بين الأغنياء والفقراء في الصين خلال العقد الماضي تدل أيضا على أن عدم المساواة قد شهدت تحسنا في الصين في أعقاب الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في العام 2008- ومؤخرا تمثل القضية مشكلة أقل من مثيلتها في الولايات المتحدة الأمريكية، وفقا للأرقام الصادرة عن جهاز ” الإحصاء” الأمريكي.
وربما تكون تلك البيانات مضللة إلى حد ما. فقد وجدت دراسة أجريت في العام 2014 بجامعة ميتشيجان الأمريكية التي فحصت الدراسة التي أجرتها جامعة بكين هذا العام، أن مؤشر “جيني” في الصين قد استقرت قراءته عند 0.55 نقطة، مقابل القراءة التي أظهرها مؤشر جيني الرسمي الصادر عن مكتب الإحصاءات الوطني الصيني (9.469 نقطة).
ودفع هذا البعض إلى التشكك في أن الصين تقوم بتبييض البيانات الاقتصادية الرسمية الخاصة بها. ولكن بالنظر إلى الرقم الوارد في دراسة جامعة بكين للعام 2015 ( 0.45 نقطة)، يبدو أن الأمور تمضي في المسار الصحيح.
كان تقرير منفصل صادر عن مؤسسة “أوكسفام” الخيرية البريطانية في يناير من العام الماضي قد كشف إن انعدام المساواة في الدخل سيصل لمرحلة جديدة بحلول عام 2016، حيث أن الأغنياء حول العالم، والذين يشكلون نسبة 1%، سيسيطرون على ثروة أكبر من بقية سكان العالم.
وحذرت “أوكسفام” من ازدياد انعدام المساواة يعيق مكافحة الفقر حول العالم، في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من مليار شخص على أقل من 1.25 دولارات في اليوم، ولا يملك واحد ضمن تسعة أشخاص ما يأكله.
وبحسب التقرير، سيطر الأشخاص فاحشي الثراء حول العالم على نسبة 48% من إجمالي الدخل العالمي، بينما سيطر الفقراء والذين يشكلون نسبة 80% من سكان العالم على نسبة هزيلة قدرها 5.5% من الثروة.
من جهته، علق المدير التنفيذي لـ “أوكسفام”، و”يني بيانيما”، قائلا “تقرير أوكسفام هو فقط آخر دليل على وصول انعدام المساواة لحدود صادمة ومستمرة في الزيادة”، مضيفا أن الوقت حان لـ”قادة الرأسمالية الحديثة العالميين”، وأيضا للسياسيين، أن يغيروا النظام ليصبح أكثر إنصافا.”