جولة الرئيس الصيني في الشرق الأوسط…حلقة متممة وحاسمة لـ”دائرة الدبلوماسية الصينية الشاملة”
مع اختتام الرئيس الصيني شي جين بينغ لجولته في منطقة الشرق الأوسط في الـ23 من الشهر الجاري، إلتحمت الحلقة الأخيرة والحاسمة بباقي الحلقات الأخرى المشكلة لـ”دائرة الدبلوماسية الصينية الشاملة” لتكتمل بذلك تماما هذه الدائرة ولتشمل جميع القارات على كوكب الأرض.
فبعد ثلاثة أعوام على تولي القيادة الصينية الجديدة زمام السلطة عام 2013، تواصل الصين إتباع “مفهوم الدبلوماسية الشاملة ذات الخصائص الصينية” التي تتسم بالتوازن والشمولية، إذ قام الرئيس شي بـ20 جولة خارجية في غضون ثلاثة أعوام استغرقت في المجمل 139 يوما وقطعت مسافة 400 ألف كلم لتغطي أنحاء العالم.
واختار الرئيس شي دولا شرق أوسطية، وهي المملكة العربية السعودية ومصر وإيران، ليستهل بها زياراته الخارجية في عام 2016، لأن الشرق الأوسط كان وسيظل منطقة ذات أهمية بالغة وبقعة لاختبار مدى نجاح الدبلوماسية الخارجية بالنسبة لدول العالم. وقد ارتقت الصين خلال هذه الجولة بمستوى العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وإيران إلى شراكة إستراتيجية شاملة، وأضافت قيمة جديدة لشراكتها الإستراتيجة الشاملة مع مصر.
وبزيارة الرئيس شي لإيران، تصبح الصين أول دولة في العالم تقوم بزيارة رفيعة كهذه إلى إيران بعد تنفيذ اتفاق رفع العقوبات المفروضة على طهران ونشوب خلاف بين السعودية وإيران، ما أظهر عزم بكين على بذل جهودها الواجبة والاضطلاع بدور “الحكم الصيني” من أجل دفع إحلال السلام والاستقرار في المنطقة عبر الحوار والمفاوضات.
وفي خطابه أمام جامعة الدول العربية، أكد شي أن المفتاح لتسوية الخلافات يكمن في تعزيز الحوار، مضيفا أن السبيل إلى حل المعضلة في الشرق الأوسط يكمن في تسريع عجلة التنمية وأن جميع الأسباب التي أدت إلى الاضطرابات والتوترات الحالية في الشرق الأوسط ترتبط في الأساس بالتنمية.
وفي هذا الصدد، وقعت الصين والدول الثلاث خلال جولة شي المثمرة 52 اتفاقية، تنفيذا للفكرة التي طرحها الرئيس شي في الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي عام 2014 والمتعلقة بالتشارك الصيني العربي في بناء الحزام والطريق والمتمثلة في معادلة “1+2+3” التي تتخذ من مجال الطاقة محورا رئيسيا، ومن مجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار جناحين،ومن المجالات الثلاثة ذات التقنية المتقدمة والحديثة وهي الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة نقاط اختراق.
ومن ناحية أخرى،أعلنت الصين ومجلس التعاون الخليجي خلال زيارة شي الالتزام بالعمل عن كثب من أجل إبرام اتفاقية شاملة للتجارة الحرة خلال عام 2016 لتضاف إلى اتفاقيات التجارة الحرة الـ14 التي وقعتها الصين مع 22 دولة ومنطقة. وسوف يعود ذلك بكل تأكيد بفوائد حقيقية على مجتمعات وشعوب الجانبين ويسطر صفحة جديدة في التعاون التجاري بين الصين التي تعمل جاهدة على دفع نموها الاقتصادي من خلال تحقيق الابتكار ومزيد من الانفتاح، وبين الدول الخليجية التي تعاني من انخفاض مستمر وغير مسبوق في أسعار النفط.
لقد وصفت وسائل الإعلام العالمية الصين بأنها “أسد نائم” استيقظ لتبدأ البلاد في تسجيل نهضة ملحمية قوية، وأن الرئيس شي يحمل على عاتقه مسؤولية ومهمة قيادة الصين لتحقيق اليقظة التامة والازدهار الشامل. وابدت الصين رغبتها الشديدة في ألا تجعل مما حققته من رفاهية وازدهار مقتصرين عليها وحدها، لذا طرح الرئيس شي فكرة “مجتمع ذي مصير مشترك” في الخطاب الذي ألقاه أمام الأمم المتحدة في سبتمبر 2015 لكي تلتحم مصالح دول العالم ببعضها البعض ويعم الخير على الجميع.
وفي ظل تطور الصين بسرعة مذهلة في العقود السابقة، كرر بعض المحللين الغربيين أطروحة “فخ ثيوسيديدز” التي تتنبأ بأن دولة ناشئة ستشكل تحديا لدولة قوية قائمة وتحل محلها. ولكن الجولة التي قام بها الرئيس شي في الشرق الأوسط والنتائج المثمرة التي حققتها خلالها القيادة الصينية على الصعيد الدبلوماسي وفي التعاون التجاري والاقتصادي والثقافي والتعليمي تدحض كلها نبوءة “فخ ثيوسيديدز” وتبرز نمطا جديدا للدبلوماسية الدولية داخل إطار “مجتمع ذي مصير مشترك”.
وكالة أنباء الصين الجديدة – شينخوا